IMLebanon

لبنان محكوم بمعادلة جديدة… “الأمن لحزب الله والإقتصاد للحريري”!  

 

تمرّ البلاد بأصعب مرحلة في تاريخها، إذ إن الأزمة التي تعصف بها هي الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية.

 

كشف إنفجار عكّار المدمّر هشاشة الوضع اللبناني وبؤس سياسات السلطة الحاكمة التي يتسبّب إهمالها بقتل الشعب، فلو بادرت منذ فترة إلى ضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية ومنع التهريب لما وصل الوضع بالنسبة إلى ملف المحروقات إلى ما هو عليه اليوم، وكل ما تفعله هذه السلطة هو إستمرارها بالضغط لصرف دولارات المودعين من أجل مدّ المهرّبين بالموادّ المطلوبة ولإنعاش النظام السوري.

 

ويتكشّف يوماً بعد يوم حجم الفضائح في الدولة اللبنانية المهترئة وكيف تدير الأزمة وتعجز عن إتخاذ أي قرار، والدليل أن قرار رفع الدعم الذي أعلن عنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأبلغه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والمجلس الأعلى للدفاع، تنصّل الجميع منه بعدما أدركوا حجم الزلزال الذي سيُحدثه في البنية الإقتصادية والإجتماعية.

 

وفي السياق، فإن الفريق الذي يتحكّم باللعبة لا يزال على سياساته، فـ”حزب الله” لا يضغط على حليفه رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل من أجل تسهيل ولادة حكومة تحتاجها البلاد، في حين أن فريق الرئيس سعد الحريري الذي قبِل تكليف الرئيس نجيب ميقاتي على مضض غير قادر على الهجوم، لذلك يعتمد سياسة دفاعية تؤدّي إلى مزيد من التعطيل وإستعمال الورقة الإقتصادية ويحاول التنصّل من المسؤوليات، مع العلم أن الحريرية السياسية حكمت البلد لأطول فترة زمنية ومسؤولة عن معظم السياسات المالية.

 

ويبدو أن الزمن يُعيد نفسه، فبعد توقيع “اتفاق الطائف” كان هناك (س- س) حكمت البلد، وتجلّت أكثر في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود حيث لُزّم الأمن للسوري وأجهزته التابعة له في لبنان بينما تكلّف الرئيس الحريري بالإقتصاد، فكان الأمن للسوري والإقتصاد للحريري.

 

اليوم هناك معادلة جديدة، إذ إن “حزب الله” يُمسك الملف الأمني بكل تفاصيله ويتحكّم بمفاصل الدولة ويُقرّر مسألة السلم والحرب ويمارس نفوذه الأمني في الداخل بطريقة مبطّنة، أي إنه ورث النظام السوري.

 

ولا يستطيع أي فريق سياسي التصدّي لنفوذ “الحزب” في الداخل، وتقتصر المواقف على الإعتراضات على رغم إتهام الفريق الخصم لـ”الحزب” بأنه يخرق معظم الأجهزة الأمنية، ولا يستطيع أحد مشاركته في القرارات الإستراتيجية، كما انه متهم من الفريق نفسه بأنه يغطّي التهريب ويشرّعه وذلك من أجل إنقاذ حليفه النظام السوري.

 

وإذا كانت سياسة “حزب الله” وعون وفريق 8 آذار أدّت إلى تدهور الحالة الإقتصادية، إلا أن الحريري لا يزال يملك مفاتيح أساسية في التركيبة الإقتصادية، فالأخير يدافع بشراسة عن حاكم مصرف لبنان المحسوب على النادي الماروني بالاسم بينما هو في فريق الحريري، وإعترافه في إطلالته الأخيرة بأنه قادر على ضبط سعر الليرة يعني بأن هناك قطبة مخفية في مكان ما.

 

وإذا كان تأليف الحكومة يريح الأسواق ويخفف الضغط على الليرة، فإن إقتصاديين يرون أن أزمة الليرة هي سياسية بقدر ما هي إقتصادية، وهذا ما يفسّر صعود الدولار المفاجئ عندما لا يرضى الحريري بالواقع وإنخفاضه عندما كان يخرج من بعبدا مبتسماً، في وقت إرتفع الدولار بعد تأليف حكومة الرئيس حسان دياب التي لم تنل رضى الحريري.

 

لا شكّ أن كل الدولة هي في خدمة مصالح “حزب الله” العليا، لكن الأمور تجاوزت الإصطفافات القديمة والوضع اللبناني فُتح على الأخطر مع إقتراب الإنفجار الكبير إذا لم تتسارع المعالجات.