رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام
أكدت المعلومات المتوافرة لدى أكثر المراقبين والمطلعين والمتابعين للمبادرة الفرنسية ولتفاصيل تشكيل الحكومة الأخيرة لهذا العهد البائس؛ وبخاصة المطالعة المطولة للنائب جبران باسيل في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب ومنحه الثقة لحكومة الأمر الواقع وإشادته المكشوفة؛ بالتزام الرئيس المكلف بالتفسيرات الجريصاتية للدستور، وأن الرئيس الظل جبران باسيل هو من أشرف على انتقاء واختيار أكثرية الوزراء وعلى جلسات حسن سلوكهم والتزامهم بأمر الباب العالي، ليمنحوا بعدها شرف الدخول إلى جنة حكومتة أو يحرموا منها. وبذلك يفاخر ويتباهى النائب جبران باسيل بعد تعطيله لأكثر من عام تشكيل الحكومة، بدعم مستتر من حزب الله وإيران، أنه هو الحكومة والحكومة هو، وأنه الرئيس الظل قولًا وفعلاً، وأن لا مكانة لأي دستور أو نظام أو تسوية لا تماشي تطلعاته وعنصريته وسلوكه المريض، وبات لا يمتلك الثلث المعطل وحسب؛ والذي رفض الرئيس سعد الحريري منحه إياه بعد تسعة أشهر من التعطيل العوني؛ وإنما بات الرئيس الظل جبران يسيطر على أكثرية ثلثي الحكومة مع حليفة الدائم والمستمر حزب اللة وملحقاته.
ومن أجل ذلك، فإن الحكومة الجديدة هي حكومة جبران باسيل بامتياز، والعهد هو عهد حزب الله بالتأكيد ومنذ خمس سنوات عجاف بدأت مع تولي العماد ميشال عون الرئاسة في قصر بعبدا، وما تبقى من طروحات ما هي إلا تفاصيل لا تثمن ولا تغني عن أي ادعاء أو مغالطة أو توهمات لبطولات وألقاب شكلية هي أشبه بغزل البنات، أو أقرب لسراب الصحراء في البيداء، والتي يظنها البعض بأنها ماء، وما هي بماء. والمبادرة الفرنسية التي أطلقتها الرئاسة الفرنسية بعد اجتماعات ومشاورات والتزامات من الفرقاء في قصر الصنوبر لإنقاذ لبنان من الجهنم العونية ومستشاريها، أحالتها فرنسا بعد أكثر من عام من التعطيل والمناكفات والعناد واستباحة الدستور؛ وقدمتها هدية متواضعة إلى الرئيس الإيراني ومشروعه الفارسي التوسعي بإشراف وتوجيهات ملاليه، مقابل حصول فرنسا من العراق على عقود نفطية وعقود أخرى بقيمة 27 مليار دولار أميركي عداً ونقداً، بعدما حولت المصالح الأميركية ـ الإيرانية المشتركة العراق وشعبه وثرواته إلى محمية إيرانية خلفية لنظام الحكم في طهران.
والسؤال المطروح على الساحة اللبنانية في هذه الأيام: إلى متى سيبقى لبنان ساحة ملتهبة لتبادل الرسائل بين القوى اإاقليمية؟ وإلى متى سيبقى هذا الوطن مخطوفاً من إيران ونظامها لتسدده كفاتورة مدفوعة سلفاً لأي صفقة إيرانية مقابل مصالح طهران في الإقليم؟ وهل يمكن أن يستفيق اللبنانيون من ثباتهم وعذاباتهم ويخرجوا إلى شمس الحرية من كهوفهم وخنادقهم وولائهم لمصالح الآخرين، ويرفضوا كل تدخل بشؤونهم، ليبنوا معاً مسلمين ومسيحيين لبنان، وطن الرسالة والمواطن الإنسان الكريم الصالح، بعيداً عن مغريات المحاور التي حولت لبنان العربي الجميل وشعبة المعطاء إلى طوابير من الذل والهوان وإلى سوق نخاسة للبيع في مصالح لعبة الأمم؟.