IMLebanon

حزب الله يضبط شارعه ولا يتراجع.. ما بعد الطيونة ليس كما قبله

 

العهد و«التيار» في مأزق الخيارات السياسية…و«القوات» تشدّ العصب المسيحي

 

ميدانيا انتهت جولة العنف في الطيونة، وانتشرت القوى الأمنية على خطوط التماس السابقة بين الشياح وعين الرمانة، لكن تداعيات حادثة الطيونة السياسية هي الأخطر، وما ستتركه على الوضع العام في البلاد.

 

أخطرها على حزب الله الذي أصيب اصابة مباشرة بالحادثة، وسقط له شهداء، فلا يستطيع من جهة ضبط ناسه ومن يريدون الثأر لعملية القنص التي تعرض لها مناصروه ما لم يحقق مكسبا سياسيا على القاضي طارق البيطار بتنحيته عن التحقيق في جريمة المرفأ، وإلا ماذا يكون جنى من التحرك الى قصر العدل الذي تعرض لاطلاق نار، وهو الحادث التالي بعد خلدة وشويا الذي يتم فيه الغدر بجماعته.

 

بالنسبة الى الثنائي الشيعي ازاحة المحقق العدلي مسألة استراتيجية، اذ يرى في المسار الذي ينتهجه التحقيق استهدافا سياسيا له اقتضى رفع البطاقة الحمراء في وجه البيطار، وعليه فان حزب الله وحليفه في «حركة أمل» لا يمكن ان يقدما تراجعات سياسية بالعودة الى مجلس الوزراء ما لم يتحقق مطلبهما انطلاقا من مبدأ  ان ما بعد حادثة الطيونة لا يشبه ما قبلها.

 

في بعبدا الوضع يبدو متأرجحا، فالتيار الوطني الحر والعهد يتخبطان في الخيارات السياسية بين مذكرات التوقيف  الصادرة عن المحقق العدلي واستدعاءاته، وبين تصعيد الثنائي  الذي أطلق معركة كف يد البيطار عن القضية من دون العودة عنها، لاتهامه بتسييس التحقيق وانحرافه عن مسار الحقيقة والنصوص القانونية خدمة لمشروع ما، كما يؤكد الثنائي،  في الوقت الذي يواجه التيار تعبئة شعبية ضده في الشارع المسيحي في حال «جارى» قرار حلفائه في الحملة على البيطار، وليس سرا او «زيفا» ان رئيس الجمهورية مستاء من طريقة تعاطي الثنائي مع الملف، ومن الرسالة السياسية التي وصلت الى بعبدا حول مسألة الإستماع الى رئيس الجمهورية من قبل المحقق العدلي، وبالطبع فان أسلوب مخاطبة وزير الثقافة  القاضي بسام مرتضى في جلسة مجلس الوزراء لم يكن مستساغا لدى بعبدا.

 

ينظر حزب الله الى حادثة الطيونة بريبة كبيرة، ويعتبر ما جرى كمينا مدبرا يشبه ما جرى في خلده مع العشائر لتوريطه في اشتباكات وحروب للرد في الداخل، الا ان تعاطيه مع حادثة ١٤ تشرين لن يكون مشابها لمقاربته حادثة خلدة، بالرغم من التأزم السياسي، ينقل عن مقربين منه ان ما كان يمكن التسامح به قبل كمين الطيونة لم يعد مقبولا بعده، وأقل ما يمكن المسايرة به تنحية المحقق العدلي فقط .

 

كلفة أحداث الطيونة  التي يريدها الحزب عالية جدا منطلقها الأساسي إقالة القاضي  البيطار، فيما  يصعب معرفة ما إذا كان رئيس الجمهورية قادرا على مجاراته بها، خصوصا ان ما ينقل عن مصادر بعبدا لا يوحي بامكان القبول بالتضحية بالمحقق العدلي، كما ان  رئيس الجمهورية كما رئيس الحكومة  لا يمكنهما التفريط او التنازل في موضوع التحقيق الذي يريده الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي.

 

بالمقابل، ثمة من يعتبر ان خصوم حزب الله استطاعوا حشره بوضعه في مواجهة مع القاضي البيطار بانعكاس ذلك على حلفائه المسيحيين، واذا كان حزب الله إستطاع ان يشد عصبه السياسي في مشهد استهداف المتظاهرين المؤيدين له، وهو بالأساس لا يحتاج الى أي حادثة نظرا للاحتضان الشعبي، فان حزب «القوات» سجل خرقا سياسيا ايضا بنفي رواية تورطه في الأحداث من جهة، وتمسكه برواية دخول مجموعات حزبية الى أحياء عين الرمانة وقيامها بالاعتداء على الناس.

 

استطاعت «القوات» التي أصدرت بيانا يتبرأ من حادث الطيونة ان تسجل مجموعة نقاط، فأثبتت انها الطرف المسيحي القادر على  استمالة وجذب الشارع المسيحي الذي يشعر انه مستضعف منذ إنفجار المرفأ.