IMLebanon

توتر على الجبهات السياسية… واستمرار التراشق بالاتهامات

حزب الله ماض في المواجهة… والعلاقة مع «القوات» دخلت المحظور

 

لا أحد يصدق ان تظاهرة 14 تشرين التي خرجت عن مسارها في أحد الشوارع الفرعية في عين الرمانة كانت بكاملها سلمية بدليل الأسلحة التي ظهرت بسرعة في صفوف المحتجين، تماما كما لا يمكن اعتبار ان إطلاق النار على المتظاهرين المؤيدين للثنائي الشيعي كان عملا عفويا، فكل المؤشرات السياسية والأجواء المحتقنة بالتعبئة والشحن السياسي ولّد حادثة الطيونة، وقد يكون له فروع أخرى وتتمات او طيونة 2 و3، وليس سرا ان الفريق الشيعي  نظم وحشد  لتظاهرة 14 تشرين الموجهة ضد القاضي طارق البيطار، وان هناك من رسم بدقة الأحداث اللاحقة.

 

فأحداث الطيونة تجاوزت أزمة المحقق العدلي، وتفرّعت منها أزمات كثيرة، فاهتزت أولا علاقة بعبدا والتيار الوطني الحر، واهتزت كثيرا علاقة التيار الوطني الحر والقوات على خلفية الحادثة بعد الهجوم الكلامي للنائب جبران باسيل، وتكاد تتأزم بين اليرزة والضاحية، حيث يتم التلاعب بها من حرب البيانات الى «الفيديوات» التي تظهر اطلاق نار من أحد العسكريين، مما دفع حزب الله الى الطلب من قيادة الجيش كشف المتورطين بإطلاق النار.

 

اما العلاقة الأخطر بعد الخميس الأسود فهي علاقة القوات وحزب الله، تحوّلت مجددا علاقة متوترة على خطوط التماس التي كانت قائمة في الحرب اللبنانية.

 

صار واضحا ان حزب الله  لن يتساهل وذاهب الى المواجهة، لكنه يعطي مهلة زمنية للتحقيق الذي تجريه الأجهزة الأمنية، وان كان يملك تصورا واضحا عما جرى، كما يقول المقربون منه، لكن القرار واضح بعدم  الانجرار نحو الفتنة الداخلية من دون التفريط بتصفية الحساب مع المرتكبين.

 

الرواية «القواتية» لا تقنع حزب الله الذي يستمر في تحميل فريق القوات مسؤولية الغدر بجماعته والكمين المدبر،  والسؤال الذي يطرح: إلى أين ستصل المواجهة بين الطرفين؟ وأين موقع التيار الوطني الحر من الأحداث؟

 

لا حاجة للقول ان حزب الله لن يتراجع او يتساهل ويطالب بالعدالة لضحاياه، ويقول حلفاء الحزب انه متمسك بإقالة البيطار، ولا يرضى بأقل من مجلس عدلي لجريمة الطيونة.

 

لا يمكن بنظر المقرّبين من حزب الله تصديق رواية ان القوات لم تكن موجودة على أرض المعركة، مهما توالت بيانات الانكار بان لا صلة لها بعملية إطلاق النار ، علما ان رئيس حزب القوات تحدث عن 7 أيار مسيحي وهدد «ما حدا يجربنا».

 

بالمقابل، يضع «القواتيون»  مسؤولية الأحداث  على الطرف الذي صعّد و»هدد» المحقق العدلي والاحتقان السياسي والشعبي، كما ان المواجهة كشفت ان المتظاهرين لم يكونوا سلميين بل مقنعين يحملون الأسلحة من مختلف الأعيرة النارية، وان ما حدث في عين الرمانة أجهض التظاهرة الموجّهة لاسقاط القاضي البيطار.

 

«الستاتيكو» الذي كان قائما قبل 14 تشرين بين «القوات» وحزب الله سقط بقوة بسبب الدم الذي سال في الطيونة، وخطاب حزب الله صار أكثر تشددا عندما يتحدث عن عملاء واشنطن في الداخل، متهما «القوات» والسفارات بتوتير الوضع  واستهدافه، وجر لبنان الى الحرب من اجل تغيير موازين القوى السياسية.

 

جولة العنف في الطيونة انتهت ميدانيا، لكن مفاعيلها طويلة وتركت أثرا سياسيا وشعبيا في علاقة «القوات» والتيار الوطني الحر وحزب الله، فالقوات تعتقد انها سجّلت موقفا  وحققت نقاطا رابحة على خصومها، فظهرت انها «أم الصبي»في معركة المرفأ وحقوق المسيحيين، وتفوّقت على «المستقبل» و»الاشتراكي» في مواجهة حزب الله، فيما ترى «القوات» ان مشهد الطيونة أحرج التيار الوطني الحر امام الجمهور المسيحي المؤيد لبقاء المحقق العدلي، خصوصا ان الشارع المسيحي يشعر انه متروك منذ انفجار 4 آب.

 

اما التيار الوطني الحر، فلديه مقاربة مختلفة لطريقة التعاطي مع ما جرى، فالنائب جبران باسيل حاول في ذكرى 13 تشرين القفز فوق الألغام السياسية والأمنية، فاستذكر تفاهم مار مخايل، مذكرا بالمواقف السياسية التي تجمع التيار وحزب الله من دون ان يسجّل ملاحظات على أداء المحتجين الذين وصفهم بالمستفزين الذين هجموا من دون تفكير، فيما شن هجوما من المعيار الثقيل على «القوات»  والحرب الالغائية، وكان واضحا ان باسيل يسعى الى مسألتين اساسيتين:

 

– ان يذكر بأهمية تفاهمه مع حزب الله في الحفاظ على المسيحيين.

 

– وان يحجز مكانا في المواجهة، ويقطع الطريق على تمدد سمير جعجع في الشارع المسيحي.