تعطيل الحكومة عمداً.. يشل عملها ويزيد من صعوبة حل الأزمة المالية والاقتصادية
افتعال حزب الله الاشكالات والازمات، لتعطيل الحكومات لأسباب ومصالح اقليمية، ولا سيما الايرانية منها،ليس مستجدا او مستغربا، وهو ما اعتاد عليه اللبنانيون، منذ تحول سلاح المقاومة، من مواجهة إسرائيل، إلى الداخل اللبناني، للهيمنة على الدولة، بكل مؤسساتها،جزئيا، او للمشاركة بالحرب ضد السوريين او في العراق،وأخيرا مع الحوثيين المنقلبين ضد الشرعية، او حيثما تتطلب مصلحة الحزب وارتباطاته مع النظام الإيراني.
الكل يذكر، سوابق الحزب السوداوية بالتعطيل، تعطيل الحكومات ومحاولة اسقاطها بقوة السلاح في معظم الأحيان،اذا لم تستجب لإملاءاته بخرق القوانين واستباحة الدستور، اجتياح العاصمة بيروت في السابع من أيار عام ٢٠٠٨ بالسلاح المقاوم، إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري عام ٢٠١٠،بحجة ما اطلق عليه يومها ملف شهود «الزور»،الذي كان ملفا مزورا ومفبركا لاسقاط الحكومة، استجابة لاملاءات النظام السوري، تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لمدة تقارب السنتين ونصف بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، تعطيل تشكيل الحكومة لأكثر من سنة بعد انفجار مرفأ بيروت، بالتماهي مع حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
ولادة الحكومة الحالية لم تكن بإرادة الحزب وحليفه، لو لم يحصل التفاهم الاميريكي والفرنسي والايراني على تأليفها، ولذلك بادرها الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي ردد أكثر من مرة دعمها، باستقدام قوافل صهاريج المازوت الإيراني المضروب بطريقة غير شرعية،وخلافا للقوانين،بحجة خرق «الحصار» الاميريكي المفروض، وتسبب بردات فعل سلبية بالداخل والخارج، على هذا التصرف المرفوض.
ولم تكد الحكومة العتيدة، تباشر مهماتها، لانقاذ لبنان من جحيم سياسات العهد ومغامرات الحزب الاقليمية، حتى دفع الاخير، بمشكلته باستدعاءات تفجير مرفأ بيروت، لتعطيل الحكومة بذريعة المطالبة بتنحي المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار عن الملف كله.
أساليب حزب الله مرفوضة سواء بتعطيل الحكومة أو إبقاء لبنان رهينة الصراعات
الآن وبعد الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية، التي تسببت بها، مواقف وزير الإعلام جورج قرداحي، المسيئة للمملكة ودول الخليج العربي، وجد الحزب ذريعة اضافية لتعطيل عمل الحكومة، وفي الوقت نفسه، استغلها بفظاظة للتهجم على المملكة، وتفريغ كامل حقده الدفين عليها، في محاولة مكشوفة،لتوسيع مسافة عزل لبنان عنها،وعن محيطه العربي.
ولكن برغم تلطي قادة الحزب ونوابه، بمفردات السيادة، والكرامة،والدستور، التي تنازلوا عنها بالكامل للنظام الايراني، لتبرير التهجم الممجوج على المملكة ودول الخليج، ونعت اللبنانيين، المدافعين عن التشبث بالعلاقات الجيدة مع العرب عموما والدول الخليجية خصوصا بالدونية، وجد الحزب نفسه هذه المرة معزولا عن بقية اللبنانيين، حتى، بعض المنضوين بتحالفاته، تملصوا من حملات التهجم على دول الخليج، وشددوا على التمسك بأحسن العلاقات معها.
لم يستطع خطباء الحزب على كثرتهم، برفع اصواتهم،بالقاعات المقتصرة على مؤيديهم ومناصريهم، من تخويف خصومهم الرافضين، لإستهداف المملكة وأي دولة خليجية عربية، بل اظهرت حملة الحزب ضد المملكة هذه المرة ثلاثة مؤشرات واضحة،اولها ان سلاح الحزب،الذي يطلق عليه سلاح المقاومة ضد إسرائيل، لم يعد كذلك، بعد ان وجه هذا السلاح، بالتحالف مع الحوثيين، ضد أراضي وممتلكات المواطنين السعوديين انطلاقا من اليمن تنفيذا للمشروع الايراني، بالتزامن مع توقف، كل مهمات المقاومة باتجاه إسرائيل،ولم تعد تطلق طلقة واحدة جنوبا، الا ضمن سيناريوهات متفق عليها مسبقا، لتنفيس احتقان هنا، او احداث ردة فعل محسوبة على عملية او اعتداء إسرائيلي على موقع للحزب هناك،كما حصل اكثر من مرة ضمن منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وثانيا، إصرار حزب الله باستغلال سقطة وزير الإعلام جورج قرداحي ضد المملكة، وتوسيع حملات استهدافها، الامعان بالحاق الضرر بمصالح اللبنانيين الواسعة مع دول الخليج العربي، وزيادة حدة الازمة المالية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المتردية التي يعاني منها اللبنانيون.
وثالثا واخيرا،تكبيل حركة الحكومة، وتوسيع الهوة بينها وبين الدول الخليجية،والإضرار بالمساعي الجارية مع المجتمع الدولي، لتخليص لبنان من ازمته المتدحرجة.
هذه المرة، يرفض اللبنانيون، اساليب حزب الله وممارساته، اكانت بتعطيل عمل حكومة الإنقاذ قصدا، او بابقاء لبنان، رهينة صراعات ايران ضد العرب والغرب معا، وهو ما ظهر بوضوح برفضهم علانية كل محاولات توسيع هوة الخلاف مع دول الخليج العربي، واصرارهم بشدة على تمتين وتقوية هذه العلاقات كما كانت باستمرار.