يحاول “حزب الله” جاهداً رأب التصدعات التي أصابت بنيته الحزبية وحاضنته الشعبية اثر الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على الحياة اليومية والمعيشية على جميع اللبنانيين بدون استثناء طائفة عن اخرى.
فوضوح المشهد واتساع دائرة “الرأي العام الناشط” عبر شبكات التواصل وعلى الارض لم يطمره بعض الحسومات على صفيحة المازوت الايراني، لذا لم يأت استنتاجاً او تقديراً لتخمينات، لأن الطبقة الوسطى (من موظفين وعمال وأصحاب المهن الحرة) هي الاكثر تضرراً جراء ازمة تضرب في الجذور ويعجز الحزب عن تحوله لأن يكون بديلاً عن الدولة ومؤسساتها، وهذا له انعكاسه عليه وعلى بنيته واستتباعاً هيكليته، لأن قوة “حزب الله” لا تقوم فقط على المحازبين المتفرغين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، لذا التغيير بالمزاج الشعبي كبير وواضح. بدأ بالتراكم نتيجة لتحرك حالات اعتراضية في شارع “المقاومة”، وكان آخرها مظاهرة شعبية في بلدة علي النهري بلدة نائب “حزب الله” أنور جمعة، استطاعت ان تذيب الجليد وتكسر حاجز الخوف الذي ارسته سياسة “الثنائي” الشيعي، والذي من خلاله أمسك بكامل حصة الطائفة إن في المجلس النيابي أو في الوزارة، ليفرض ما يريده على باقي الافرقاء انطلاقاً من قاعدة “ما لي لي وحدي وما لكم لي ولكم بالنص”، بإعتماده سياسة الإبتزاز بالتعطيل بحجة “الميثاقية” و”الديموقراطية التوافقية”.
ففي زحلة لا ينزل اسم “حزب الله” على مسامع اهلها نزولاً عادياً وعابراً، فله حساسية سياسية تنعكس سلباً على أي حليف معه من الوسط الزحلي السياسي او الزعامات التقليدية، هذا ما يجعل من جميع القوى تتوجس الموافقة على التحالف معه بما فيهم الشخصيات المستقلة، مما يجعل الحزب حليف نفسه في البقاع. وبالتالي ما يواجهه الحزب اليوم في مقاربته للواقع الإنتخابي يختلف كلياً عن الدورة السابقة والآلية التي اعتمدها نائب أمين عام “حزب الله” نعيم قاسم في توزيع الأدوار وتوسيع “بيكار” الترشيحات واستدعاء مرشحين ومفاتيح انتخابية الى”الضاحية” لرسم خريطة طريق.
فيسجل على “حزب الله” أنه حتى اليوم لم يستطع التمييز بين البيئة الشيعية في قرى البقاع الأوسط عن البيئة في قرى البقاع الشمالي، فيتعامل معها وفق الآلية المعتمدة في البقاع الشمالي، فارضاً اسماء من خارج الواقع الميداني للعمل السياسي والاجتماعي، وقافزاً فوق حيثيتها والاعتبارات في التداخلات الثقافية والاجتماعية والجغرافية مع المحيطين المسيحي والسني، هذا ما ترك فراغاً واضحاً عن عجزه في ايجاد بديل عن النائب والوزير السابق محسن دلول، وملأ الفراغ منذ 2005النائب السابق حسن يعقوب حتى 2009، ثم النائب عقاب صقر على لائحة المستقبل، الذي اقفل “حزب الله” يومها أبواب القرى الشيعية بوجهه، منذ 2009حتى 2018وانتخاب نائب “حزب الله” أنور جمعة مطلاً على الناس بلهجة المثقف الذي يفلت من لسانه بعض الكلمات الفرنسية، فيما يحرم ارتداء ربطة العنق، فكشف جمعة عن اداء “حزب الله” البرلماني بالاستهتار بالشارع والتركيز على الشحن الطائفي والمذهبي لمد قوته وقدراته.
لا تخفي مرجعيات بقاعية في الشارع الشيعي لـ”نداء الوطن” ان اداء الحزب مقصود لإقفال البيوتات السياسية وقطع الطريق امام أي رأي شيعي حر مستقل عن “الثنائي”، قد يتحول الى مرجعية، وتشير الأوساط المقربة من الحزب أنه حتى اللحظة يواجه صعوبة في ايجاد مرشحين يستند اليهم في رفع الحاصل، وقالت “الحزب لديه قدرة تجييرية لمرشحه فقط، هناك تغيير بالمزاج وتراجع في عدد الأصوات عما كانت عليه في الدورة السابقة، من اجل ذلك لسنا معنيين بتأمين صوت واحد لغير مرشحنا الحزبي”، واشارت المصادر أن اتصالات جرت بين قيادة الحزب والنائب السابق نقولا فتوش لم تصل الى نتيجة، لأن الأخير يعتبر أن الحزب يريد أن يحصل على حاصل ثانٍ على حساب قوته التجييرية، من دون أن تساعده في منافسة المرشحين عن المقعدين الكاثوليكيين النائب ميشال ضاهر (مستقل) ومرشح حزب القوات اللبنانية الثابت حتى الآن النائب جورج عقيص، ورئيسة الكتلة الشعبية مريام سكاف.
ولفتت معلومات أن الاتصالات بين الحزب والتيار الوطني الحر لم تفض الى نتائج مرضية، تسعف أحد مرشحيه، لما تعرضت له منسقية البقاع الى تشققات وتصدعات في البنية الحزبية قد تنعكس في الانتخابات لغير صالح التيار. وتابعت المصادر أن الحزب يصرّ على التيار ضرورة دعم ترشيح شخصية عن أحد المقعدين الكاثوليكيين ليترأس اللائحة.
وأضافت مصادر مواكبة أن الحزب يواجه اشكالية في تحديد اسم حصانه في الانتخابات، حيث يطرح للتداول امكانية ترشيح الامين القطري لحزب البعث علي حجازي بناء لتمنٍّ من النظام السوري، وبحال تم حسم أمره بالترشح في بعلبك يدور في كواليس الحزب امكانية غسان عماد طالب كمرشح حزبي.