لا شك بأنّ الشعب اللبناني في معظمه كان مع حزب الله وذلك كان قبل عام 2000. يومذاك لم يكن أحد يسأل عن تمويل إيران للحزب بالسلاح والمال، حتى أنّ السيّد لم يعلن قبل عام 2000 ما يردّده في مقابلاته مؤخراً بأنّ أموال حزبه مصدرها الجمهورية الاسلامية في إيران، ما يعني الأكل والشرب والرواتب والأدوية والطبابة… وهذا حسب المعلومات يصل الى حدود المليار دولار سنوياً.. كما أنّ هناك ملياراً آخر ثمن السلاح. هذان الملياران يمكن أن يكونا أكثر، حسب نوعية السلاح أي حسب الصواريخ والمسيّرات.
لم يكن أي لبناني يسأل أو يهتم، من أين يأتي تمويل حزب الله… لأنّ الهدف الوحيد الذي أجمع عليه اللبنانيون هو تحرير الارض.
وأتذكر هنا أيضاً اللقاءات التي كانت تجرى في منزل المرحوم سميح الصلح، مدير عام وزارة الداخلية في ذلك الوقت. كانت لقاءات السيد تتم بينه وبين نقيب الصحافة المرحوم محمد بعلبكي وعدد كبير من رؤساء التحرير. وكان منفتحاً على تقبّل النقد. أي كان «يأخذ ويعطي» في الكلام، ولم يكن في ذلك الوقت يسكن في الملجأ خوفاً من عملية اغتيال يقوم بها الاسرائيليون.
باختصار، كان معظم اللبنانيين مع الحزب قبل عام 2000، أي قبل التحرير.
ولكن عندما تمّ التحرير في 21 أيار عام 2000، وجرى احتفال بذلك بحضور الرئيسين اميل لحود ورفيق الحريري وآلاف اللبنانيين الذين خرجوا بأعداد كبيرة الى الشوارع فرحين، تغيّر الموقف، فبعد عام 2000 وتحديداً ما حصل عام 2006 يوم اختطف الحزب عنصرين من جيش العدو الاسرائيلي، فكانت ردّة فعل الاسرائيليين عنيفة حيث دمّر الطيران الاسرائيلي محطات الكهرباء وخاصة في بسوس وفي الجنوب كما دمّر معظم الجسور، وكانت نتائج تلك الحرب التي يدّعي السيّد انها إلهية قتل وجرح 5000 من الجيش والشعب والمقاومة، والخسائر المادية وصلت الى 15 مليار دولار.
أعود وأكرّر… انه منذ ذلك التاريخ، انقسم اللبنانيون حول دور المقاومة… والمصيبة ان التأييد العارم انقلب الى كراهية، خاصة بعد الممارسات التي أدّت الى دخول الحزب في الدولة بدءاً بالمجلس النيابي ثم الحكومة.. وقمّة الانقسام جاءت بعد اتفاق كنيسة مار مخايل، وتمسّك الحزب بفخامة الرئيس ميشال عون وانتخابه بعد سنتين ونصف السنة من تعطيل أهم وأكبر موقع في الدولة مرتين:
المرّة الأولى لمدة عام ونصف العام حتى مجيء الرئيس ميشال سليمان مع تحفظنا، لأنه سمح لقوات الحزب أي جماعة القمصان السود باستباحة مدينة بيروت واحتلال العاصمة.
أما المرة الثانية فكانت مع فخامة الرئيس ميشال عون وهي الأسوأ في تاريخ لبنان وتنفيذ ما يطلبه فخامة الرئيس وصهره من الوزراء والوزارات التي كان الصهر العزيز يختارها من الاتصالات الى الطاقة والتي كانت المسبّبة بخسارة 65 مليار دولار فقط في الكهرباء.
بالعودة الى الانتخابات التي سوف تجرى، إن قُدّر لها أن تحصل ولا نعلم هل ستجرى في الموعد الاول؟
أو في الموعد الثاني؟
ام ان هناك موعداً ثالثاً؟
الأهم نتمنى أن تجرى، ولكن نقول للذين يراهنون على ان الانتخابات سوف تحقق التغيير المطلوب، بكل صراحة ان الطائفية ومعها الزعماء التقليديون سيكونون أقوى من جميع الادعاءات عن الديموقراطية والحرية وخاصة ما جرى منذ ثورة 17 تشرين الاول، وهنا أنا لا أقول إنني ضد ثورة 17 ت1، بالعكس أظن انها تعبّر عن حقيقة كل اللبنانيين، ولكن للأسف الشديد تبقى الطائفية والتعلق بالزعماء الطائفيين أقوى.
وهنا لا بد من نظرة سريعة خلال 100 سنة، لنرى أنّ نفس الأسماء تبقى كما هي.. أعني مثلاً الزعيم وليد جنبلاط والرئيس سليمان فرنجية الى ابنه المرحوم طوني فرنجية الى حفيده سليمان فرنجية الى ابن حفيده النائب طوني فرنجية وكأنّ التاريخ يعيد نفسه..
بالإضافة الى أسماء كل الزعماء التقليديين حيث دخل على الخط اسم جديد هو اسم الرئيس سعد الحريري ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما أكد ذلك آخر استطلاع جرى منذ أيام بأنّ أكثر من 70٪ من الطائفة السنيّة مع أن يكون الرئيس سعد الحريري هو زعيم السنّة في لبنان.