IMLebanon

2022: سنة الانتصار النهائيّ للحزب على لبنان؟  

 

 

لم يسبق للبنان أن مرّ بما مرّ به في السنة 2021. يظلّ آخر ما مرّ به الخطاب – المهزلة الذي ألقاه رئيس الجمهوريّة ميشال عون الذي نسي أنّه كان مرشّح «حزب الله» لرئاسة الجمهوريّة، وأنّ الحزب عطّل مجلس النواب سنتين ونصف سنة لفرضه رئيساً. نسي مسؤوليّة صهره جبران باسيل عن ملفّ الكهرباء طوال اثني عشر عاماً. نسي في طبيعة الحال ضرورة التحقيق في هدر 45 مليار دولار من دون أن تأتي الكهرباء.

 

بغضّ النظر عن كلّ المصائب التي تسبّب بها «العهد القويّ»، عهد «حزب الله»، العاجز عن تأمين الكهرباء والمتواطئ في جريمة تفجير مرفأ بيروت برفضه التحقيق الدولي فيها، يكفي كلام نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ»حزب الله»، لفهم ما على المحكّ. قال نعيم قاسم بالفم الملآن من دون مقدّمات أو تفسيرات أو تبريرات إنّ الخيار الوحيد أمام اللبنانيين قبول طريقة العيش والتوجّهات التي يريد الحزب فرضها عليهم أو «الرحيل». المطلوب بكلّ بساطة تغيير وجه لبنان وهويّته ونمط عيش اللبنانيين وأسلوب حياتهم.

 

سيتبيّن في السنة 2022 ما إذا كان «حزب الله»، ومن خلفه «الجمهوريّة الإسلامية»، سينتصر نهائيّاً على لبنان… أم لا يزال من أمل للبلد، أمل في المحافظة على هويّته كبلد متنوّع فيه مكان لكلّ ما هو حضاري في هذا العالم بدل أن يكون مجرّد ضاحية فقيرة من ضواحي طهران؟

 

ليس ما قاله نعيم قاسم سوى تتمّة طبيعية لوثيقة مار مخايل بين حسن نصرالله وميشال عون. لم تكن تلك الوثيقة الموقّعة في شباط 2006 سوى غطاء مسيحي لسلاح «حزب الله» الذي بات في حاجة إلى «تبييض»، أي إلى شرعيّة دستورية. تحتاج هذه الشرعيّة الدستوريّة التي يبحث عنها «حزب الله» إلى تغيير للنظام. هل يتغيّر النظام في 2022 كي يصبح للبنان وجه آخر وهويّة أخرى غير عربيّة، عبر تعميم ثقافة الحزب في كلّ الأراضي اللبنانيّة، كما يريد نعيم قاسم؟

 

عندما يدعو ميشال عون إلى حوار وطني يضع فيه «حزب الله» سلاحه الإيراني على طاولة الحوار، فهو يلبّي مطالب الحزب لا أكثر ولا أقلّ حتّى لو طرح اللامركزيّة الموسّعة لذرّ الرماد في العيون.

 

ليس كلام نائب الأمين العامّ للحزب سوى تعبير واضح عن الرغبة في التخلّص من لبنان الذي عرفناه. إنّه في الواقع تعبير عن رغبة في حصاد نتائج الانهيار اللبناني ومرحلة ما بعد الانهيار. هذا الانهيار الذي لم يعد معروفاً ما يمكن أن ينتهي إليه بعدما أصبح ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، وبعدما صار حسن نصرالله يحكم البلد ويتحكّم به.

 

بداية الانهيار

 

بدأ الانهيار اللبناني مع توقيع اتفاق القاهرة في تشرين الثاني 1969، وتُوِّج بانتخاب مرشّح «حزب الله»، الذي ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني، رئيساً للجمهوريّة في 31 تشرين الأوّل 2016.

 

ليس ما نشهده حالياً سوى تتمّة طبيعية لمسيرة طويلة أظهرت، طوال سنوات، قدرة الصيغة اللبنانيّة على الصمود في ظروف في غاية الصعوبة. لكنّ هذه المسيرة كشفت أيضاً وجود رغبة خارجيّة بالتخلّص من لبنان ومن بيروت بالذات. هذا ما يفسّر ذلك الحقد على رفيق الحريري وصولاً إلى تفجيره. إنّه حقد ليس بعده حقد لدى «حزب الله» وضابط مثل ميشال عون، المسيحي الآتي من الطبقة دون المتوسطة وثقافتها الهزيلة. كان ضابطاً لا يهمّه سوى الوصول إلى موقع رئيس الجمهوريّة بأيّ ثمن. الحقد أساساً على بيروت كمدينة كوزموبوليتيّة على المتوسّط تؤمن بثقافة الحياة التي تشعّ انطلاقاً منها في كلّ لبنان وفي بقيّة المنطقة أيضاً. ما لم يتمكّن المسلّحون الفلسطينيون من عمله، بين 1975 و1982، بدعم من مجموعات ميليشيويّة مختلفة، بعضها مسيحي، بكلّ أسف، استطاع السلاح الإيراني تحقيقه.

 

أخذ الانهيار اللبناني وقتاً طويلاً، بل أخذ كلّ وقته، وصولاً إلى الوضع القائم حالياً. يطرح هذا الوضع، فيما العالم على باب السنة 2022، كلّ الأسئلة التي يمكن طرحها في شأن مصير بلد لم يعرف شعبه، بكلّ فئاته وطوائفه، مدى قيمته. الأكيد أنّ «حزب الله» لا يريد سماع أيّ سؤال من الأسئلة المطروحة، بما في ذلك: هل يستطيع لبنان المحافظة على هويّته التي تتناقض كلّيّاً مع ثقافة الموت التي ينادي بها الحزب، ومن خلفه «الجمهوريّة الإسلاميّة» الإيرانيّة؟

 

المخيف أنّ رئيس الجمهورية وفريقه باتا شريكين لـ»حزب الله» في نظرته إلى لبنان. لم يرَ الثنائي الرئاسي عيباً في وجود سلاح خارج سيطرة الدولة اللبنانية التي لم تعد موجودة. هناك رئيس للجمهوريّة وصهره (جبران باسيل) لا يدركان خصوصاً أبعاد انهيار النظام المصرفي اللبناني وتحوّل الشعب اللبناني إلى شعب فقير في بلد من دون كهرباء ولا مدارس ولا جامعات ولا مستشفيات… ولا خدمات من أيّ نوع.

 

لم يعد لبنان موجوداً على خريطة الشرق الأوسط إلّا من زاوية نشاط «حزب الله» فيه وتوسّع هذا النشاط إلى الخارج، بما في ذلك دول الخليج العربي. بدل أن يفكّر ميشال عون في الأشهر العشرة الأخيرة، من عهده البائس، في كيفيّة إيجاد طريقة لايصال جبران باسيل إلى موقع رئيس الجمهوريّة، يُفترض فيه امتلاك ما يكفي من الشجاعة والوعي الذهني ليسأل: هل ستبقى جمهوريّة؟

 

الأكيد أنّه لم يبقَ شيء من الجمهوريّة بعدما استهدف رئيس الجمهوريّة الحالي السلطة القضائية باكراً برفضه توقيع التشكيلات القضائية التي أقرّها مجلس القضاء الأعلى بالإجماع.

 

لم يبقَ شيء من بلد بات عليه البحث عن صيغة جديدة.

 

سيكون سؤال السنة 2022: هل يمكن إعادة تركيب لبنان وإيجاد صيغة تعيد إليه نوعاً من الحياة أم تتغلّب عليه ثقافة الموت التي ينادي بها «حزب الله» كي يكون البلد على شاكلته؟

 

الجديد في الأمر أنّ الحزب لم يعد يخفي ما الذي يريده من لبنان. يريد بلداً على صورته ليس إلّا. استطاع الحزب عصر «التيار البرتقالي» حتّى آخر نقطة… وهذا ما كشفه الخطاب الأخير لرئيس الجمهوريّة الذي لم يفهم يوماً النتائج التي ستترتّب على نشوء حلف السلاح والفساد، الذي يحكم لبنان، برعاية إيرانيّة!

 

عن «أساس ميديا»