Site icon IMLebanon

هل يُفرِج «حزب الله» عـــن مجلس الوزراء؟

 

لا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعوّل على «الحسّ الوطني الذي يدفع الجميع الى التجاوب مع عقد جلسة لمجلس الوزراء». وبرز أمس إعلانه من القصر الجمهوري، أنّه سيتسلّم موازنة عام 2022 بعد يومين، وسيدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد عند تسلّمها، للنظر فيها، كونها المسألة الأهم في الوقت الراهن. إلّا أنّ «حزب الله» لم يكن في صورة هذه الدعوة، قبل أن يُعلنها ميقاتي، وحين دعوة المجلس «لكلّ حادثٍ حديث»، في وقتٍ لا يزال موقف «الحزب» نفسه، بحسب قريبين منه: «لن نشارك في مجلس الوزراء قبل زوال الأسباب التي أدّت الى التعطيل وتعليق مشاركتنا في جلسات الحكومة، وطالما لم تُزَل هذه الأسباب سنبقى معارضين لأي جلسة».

في حين لم يتظهّر حتى الآن، إذا كانت جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو إليها ميقاتي سيقتصر جدول أعمالها على درس الموازنة كبند وحيد، فتحصل اتصالات مع «الثنائي الشيعي» للمشاركة في هذه الجلسة، أم أنّ جدول الأعمال سيشمل ملفات أخرى. وفي انتظار دعوة ميقاتي الى هذه الجلسة، لا يزال «حزب الله» يربط أي جلسة للمجلس بحلّ مشكلة اعتراضه على المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، هذا على رغم سقوط غالبية الحلول أو «التسويات» التي طُرحت سابقاً لحلّ هذه المعضلة، وعلى رغم كلّ الأمور الملحّة التي تتطلّب انعقاد مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات حيالها، في وقتٍ ترتفع معاناة الناس مع ارتفاع سعر الدولار، وبالتالي تزيد نسبة الانفجار الاجتماعي والشعبي.

 

وفي حين يعتبر البعض أنّ طابة الحلّ بالنسبة الى اعتراض «الحزب» على بيطار، في ملعب حليفيه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بحيث أنّ الحلّ الدستوري – القانوني الواضح هو أن يأخذ مجلس النواب مبادرة بإحالة النواب الوزراء السابقين المدّعى عليهم في هذا الملف الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فيخرج هذا الجزء من الملف من يد بيطار، يقرّ «الحزب» بذلك، «لكن باسيل لا يقبل بأن يشارك في جلسة لمجلس النواب وأن يساهم في تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لذلك لم نتمكّن من توفير الغالبية لهذا القرار، حاولنا وتوسطنا ولم ينفع ذلك، هؤلاء حلفاؤنا، لكن كما قال السيد حسن نصرالله: نحافظ على حلفائنا ونتفهمّهم».

 

لذلك، يرى البعض أنّ «حزب الله» يعطّل الحكومة لأسباب لا علاقة لها به، وأنّه يأخذها «رهينة» ضغطاً للتدخّل في عمل القضاء وفرض ما يريده عليه. إلّا أنّ لـ»الحزب» وجهة نظر معارضة لتلك التي تقول إنّ لا دور للحكومة في هذا الموضوع القضائي، ولا يُمكن السلطة التنفيذية أن تتدخّل في عمل السلطة القضائية. ويعتبر «الحزب» أنّ «الحكومة يُمكنها أن تفعل إذا أرادت، فميقاتي في «الاجتماع الثلاثي» يوم عيد الاستقلال، حين قال رئيس الجمهورية إنّه لا يريد التدخّل في عمل القضاء، قال: «اتركولي ياها أنا بدوّر الزوايا». وسبق أن وعد بحلّ الأمر مع مجلس القضاء الأعلى». ويرى «الحزب» أنّ «الحكومة إذا أرادت يمكنها أن تلغي مجلس القضاء الأعلى كلّه وأن تغيّره، إذا اقتضى الأمر. كذلك إنّ المحقق العدلي عُيّن بموجب اقتراح وزير العدل وبالتالي يُعزل بموجب اقتراح لوزير العدل بموافقة مجلس القضاء الأعلى».

 

أمّا عن «تسوية» جديدة، بدأت ملامحها أمس كما ترى بعض الجهات، تقضي بموافقة عون وميقاتي على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مقابل اجتماع مجلس الوزراء، فيؤكّد «الحزب» أن «لا صفقة ولا مقايضة، والقنوات مع الرئيس بري مفتوحة، وقرارنا مشترك حيال مقاطعة جلسات مجلس الوزراء أو المشاركة فيها، ونحن نعمل معاً بالتضامن والتكافل».

 

وفي حين تأزّمت العلاقة بين ميقاتي و»حزب الله» مع مطلع هذه السنة، إثر كلام الأمين العام لـ»الحزب» ضدّ السعودية واتهامها بالإرهاب وأخذ اللبنانيين لديها رهائن، ثمّ ردّ ميقاتي على كلام نصرالله هذا، وبعده ردّ «الحزب» على ردّ رئيس الحكومة، لا يرى «الحزب» أنّ إعلان ميقاتي نيته الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء مرتبط بموضوع التصعيد ضد السعودية، انطلاقاً ممّا يبديه ميقاتي عن أنّ أي جلسة لمجلس الوزراء من دون حضور الوزراء الشيعة غير ميثاقية، ويفتح برأيه مشكلة جديدة. كذلك يبدي «الحزب» ارتياحه الى أنّ رئيس الجمهورية لن يخالف الميثاقية، حتى لو كان يرغب في الدعوة الى مجلس الوزراء، أي أنّه مع حلّ المشكلة التي تعترض انعقاد المجلس قبل اجتماعه.

 

وبالنسبة الى «الحزب»، ليس هو من يعقّد الأمور على ميقاتي، ولم يكن نصرالله هدفه تصعيب عمل ميقاتي لجهة العلاقة مع السعودية، بل «الملك سلمان هو الذي صعّبها على جميع اللبنانيين، إذ عدا عن وصفه «حزب الله» بالإرهابي، دعا اللبنانيين الى مواجهة هذه المشكلة، أي أنّه يقول لهم خذوا سلاح «الحزب» بالقوة، ويحرّض قسماً من اللبنانيين على حرب أهلية». ويعتبر «الحزب» أنّ «كلام الملك سلمان خطير، ونحن لم نصعّبها على ميقاتي بل دافعنا عن أنفسنا». أمّا «الردّ القاسي» على ردّ ميقاتي على كلام نصرالله، فلأنّه «أخطأ واضطرينا الى الردّ. عادةً نصمت ونتحمّل، لكن لا يُعقل أنّه حين تهاجم السعودية جزءاً من اللبنانيين وتصفهم بالإرهابيين لا يعمد ميقاتي الى الردّ عليها، لكن عندما نردّ نحن على اتهامات السعودية يتدخّل ميقاتي، فيما أنّ مسؤوليته الدفاع عن اللبنانيين، بمعزل عمّا إذا كانوا من فريقه السياسي أم لا، وإذا كانوا على خطأ أم على صواب، ويتهموننا نحن باللاوطنية!».

 

هذا الخلاف بين ميقاتي و»الحزب» إبّان تولّيه رئاسة الحكومة الحالية، ليس الأول، وكان هناك اختلاف بينهما حيال استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي التي لم يكن «حزب الله» يؤيّدها، لكن هذا لا يمنع استمرار الاتصالات بين الجهتين، إذ إنّ «الحزب» يقارب العلاقة مع ميقاتي انطلاقاً من أنّه يتعامل مع رئيس حكومة لبنان بصرف النظر عمّا إذا كان متفقاً أم مختلفاً معه في السياسة.