IMLebanon

«حزب الله» ضرب على الطاولة وبري أخرج أرانبه فكانت الولادة

 

 

هل ستكون طريق الحكومة مزروعة بالورود أم أنها محاطة بحقول الألغام؟

 

ثقة المجلس مؤمنة.. والثقة الدولية حاضرة.. فهل يعطي الشارع الفرصة للحكومة؟

 

وصل الأمر بالأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله إلى حدّ التعبير عن قرفه من المسار الذي يسلكه تأليف الحكومة وخصوصاً ان النزاع الذي دار حول هذه العملية وأخر ولادة الحكومة هو بين الفريق الواحد.

 

وهذا القرف لدى «السيد» مرده إلى كون ان الخلاف يدور حول حصص وأسماء في الحكومة في الوقت الذي تتقلب فيه المنطقة على صفيح ساخن، وتتهددها المخاطر من كل حدب وصوب وبدلاً من ان يسارع أهل الحل والربط إلى تسهيل ولادة الحكومة للتفرغ لمواجهة هذه المخاطر ذهب هؤلاء إلى التلهي بلعبة تأليف الحكومة وكأن الدنيا بألف خير، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية والنقدية التي تشد على خناق اللبنانيين من دون ان نغفل عن الحراك في الشارع والمخاطر الناجمة عن بعض السلوكيات التي أحاطت بهذا الحراك بمعزل عن الجهة أو الجهات المحركة.

 

امام هذا كلّه أعطى السيّد نصر الله للحلفاء الوقت الكافي لإنجاز عملية التأليف غير انه ادرك بأن ترك الأمور على غاربها من شأنه ان يزيد الأمور تعقيداً، فكان لا بد وأن يضرب على الطاولة ويقول لهؤلاء كفى وعليكم الإسراع في التأليف لإنقاذ البلد بعد ان وصلت الأمور إلى عتبة الانزلاق باتجاه المجهول.

 

هذا الامتعاض الذي نادراً ما يعبر عنه السيّد نصر الله في مراحل سابقة ومحطات مماثلة اخذه الجميع على محمل الجد،وأدرك هؤلاء بأن لعبة المناورة وشد الحبال قد استنفدت بالكامل ولا بدّ من الذهاب باتجاه معادلة تقديم التنازلات، فأخذت تكر السبحة، الرئيس المكلف حسان دياب تنازل عن عناده بالتمسك بحكومة من 18 وزيراً وقَبِل بتوسيع مروحة التمثيل فيها لتصبح عشرينية، وكذلك فعل الوزير جبران باسيل حيث أدى ذلك إلى حلحلة عقدتي المردة وارسلان وبقيت العقدة «القومية»، بعد ان دخل رئيس مجلس النواب نبيه برّي بشكل مباشر وقوي على خط المشاورات مستخدماً ما لديه من «أرانب»، وقد أدى هذا الأمر إلى تنازل الرئيس المكلف عن حقيبة العمل الذي كان يفترض ان يتولاها الوزير السابق دميانوس قطار لصالح المردة حيث تتولاها لميا الدويهي بعد ان تنازل باسيل أيضاً عن الوزير الارثوذكسي لصالح فرنجية.

 

هذه الحلحلة التي أمّنت ولادة هذه الحكومة بعد 33 يوماً على التكليف سبقها مواقف نارية لرئيس تيّار المردة سليمان فرنجية طالت بشكل مباشر وقوي الوزير باسيل، ملوحاً بالبقاء خارج الحكومة ما لم يأخذ الحصة التي يعتبرها حقاً له في ظل غياب «القوات اللبنانية» عن التوليفة الحكومية، وهذه المواقف ربما ساهمت في تسريع الحل بعد ان أظهرت المفاوضات بأن تأليف الحكومة يتجه سريعاً نحو الحائط المسدود وبالتالي فتح الوضع على كل الاحتمالات.

 

ووفق الخارطة السياسية للحكومة فإن أحداً من الأفرقاء لم يملك سبعة وزراء وبالتالي لا أحد من مكونات الحكومة العتيدة بات يملك الثلث المعطل التي قيل ان الوزير باسيل حارب بشكل شرس للحصول عليه، لكنه دائماً كان ينفي مثل هكذا توجه لكنه لم يكن يقنع أحداً.

 

وأما قد وشكلت الحكومة فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل ستكون طريق هذه الحكومة  مزروعة بالورد، أم ان مطبات كثيرة بانتظارها؟

 

من الصعب ان نحدد بعجالة ما سيكون عليه مصير الحكومة الجديدة، غير ان ما يظهر من معطيات يفيد بأن طريق هذه الحكومة ستكون وعرة، وان معطيات كثيرة ستعترض عملها خصوصاً وان الأفرقاء التي لم تشارك فيها لن يتركوها في سبيلها بل انهم سيستخدمون كل ما يملكونه من أسلحة لفرملة عجلة عملها لإظهارها بمظهر العاجز، هذا عدا عن استحقاقات كثيرة ستشكل بالنسبة لحكومة دياب محطات مفصلية وامتحاناً يحدد مدى نجاحها في مقاربة الملفات خصوصاً تلك المتعلقة بالقضايا الاقتصادية والمعيشية.

 

وإذا كانت الثقة التي تطلبها الحكومة على بيانها الوزاري مضمونة في مجلس النواب، حيث ان الأطراف المشاركة فيها إضافة إلى الحلفاء يشكلون أكثر من نصف المجلس زائداً واحداً، وبالتالي فلا خوف على سقوطها في البرلمان، إنما على الحكومة العمل على تأمين الثقة الدولية التي يعوّل عليها كثيراً لتقديم يد المساعدة الخارجية للبنان، وبانتظار تحديد المواقف الدولية من التشكيلة الحكومية لا سيما منها مواقف الدول المانحة، يبقى موضوع الشارع الذي سيكون له كلمة في هذا الإطار، مع ان بعض المعلومات تتحدث عن توجه لإعطاء الحكومة فرصة ليست طويلة للحكم على ادائها فإن كان هذا الأداء يرضي تطلعات الشارع سيغيب الحراك عن الشارع، وفي حال جاءت النتيجة معاكسة فإن الحراك سيعود وبقوة مطالباً بإسقاط الحكومة، لكن المعطيات المتوافرة حتى هذه اللحظة تفيد بأن هناك خارطة طريق موضوعة سلفاً ستعمل عليها الحكومة وأن تماهي المجتمع الدولي معها أصبح شبه محسوم.