IMLebanon

“حزب الله” والحاجة إلى انتصار

 

 

أبرزت إحتفالات «حزب الله» بالإعتداء الإيراني على أبو ظبي من الساحة الحوثية، مدى حاجته إلى مداراة هزائمه.

 

هذا ما تؤكده ردود الفعل التوتيرية التي بدأت بتغريدة جواد نصرالله «اليمن يؤدب الإمارات» المستعارة من والده عندما خاطب «القوات اللبنانية» بعد غزوة عين الرمانة بقوله: «تأدبوا»، والتي لم تسفر إلا عن تهديد هش بمئة ألف مقاتل، يبدو أن فعاليتهم إلى إنحسار.

 

فالجماعة بحاجة إلى إنتصار لرفع المعنويات. لا يهم إن كان العدوان قد تسبب بمقتل ثلاثة عمال مساكين من باكستان والهند لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالأحلام التوسعية لجمهورية ولاية الفقيه.

 

ولا يهم غياب مفهوم الإنتصار بمعنى حسم الصراع العسكري والسياسي، إذ إن العدوان لم يكن إلا محاولة يائسة للتعمية على هزيمة إيران ومعها أدواتها من «أنصار الله» و»حزب الله» في اليمن.

 

مثل هذا العدوان لا يغير في المعادلات شيئاً. لكنه يردف المهزومين بنشوة التغريدات الإحتفالية لرفع المعنويات، وتحديداً بعد سلسلة من الخسائر الداخلية والإقليمية.

 

أو لعله يؤجل مواجهة المسؤولية عما ألحقه بلبنان واللبنانيين من كوارث ومعاناة إنسانية.

 

وربما يشكل دعماً معنوياً في ظل العجز عن تسطير المزيد من «البطولات الإلهية» التي لطالما استثمر فيها ليستقوي على اللبنانيين..

 

وهو إمعان في المواقف السلبية تجاه دول الخليج للمساهمة بتعزيز الأوراق الإيرانية خلال مفاوضاتها، سواء في فيينا أو مع الرياض، مقابل إصرار إيران على لغة دبلوماسية إيجابية.. لأن هدفها أبعد من المهمات الوسخة التي تكلف بها أذرعها الميليشيوية.

 

هدفها يبقى رفع العقوبات الأميركية وتحسين العلاقات التجارية مع الدول الخليجية أو استعادتها لإنعاش إقتصادها المنهار.

 

أما دور «الحزب» وغيره من الأذرع، فهو لا يتجاوز تنفيذ العمليات المشبوهة التي تمنح الإيرانيين أوراقاً تساعدهم في المحافل الدولية..

 

ولن يغير هذا الواقع إحتفاله وتغنّيه بـ»سقوط عاصمة التطبيع العبرية الزجاجية تحت أقدام الحفاة الحوثيين».

 

الواقع الحالي يؤكد إنكسار هالة نصرالله، وإدراج صورته مع صور المسؤولين عن إنهيار البلد بفعل نهب المال العام. وهو أيضاً إنكسار هالة «الحزب» العسكرية التي كانت تكفيها هيبة «القمصان السود» لتفرض قراراتها على اللبنانيين، بعد الغزوات الفاشلة في خلدة وشويا وعين الرمانة.

 

«الحزب» بحاجة إلى هذه الإنتصارات الإفتراضية بعد وصوله إلى الهاوية وتصاعد أصوات الرافضين في بيئته وعبر شاشته، مقابل إضطراره إلى تصعيد هجومه وتدخلاته، حيثما كان، إلى الحدود القصوى بموجب متطلبات الأجندة الإيرانية.

 

ماذا سيحل به عندما تتحقق متطلبات هذه الأجندة أو تزول بفعل موازين القوى وتغير المعادلات مع وضوح الرؤية في عملية التفاوض بين واشنطن وطهران؟؟

 

ربما يجب أن يطرح «الحزب» وقادته كل هذه الأسئلة قبل الإحتفال بعدوان يقتل عمالاً آسيويين أبرياء. يجب أن يفهموا أن إيران المنهمكة في مفاوضات ڤيينا والباحثة عن مدخل إلى توازن في العلاقات مع السعودية تحديداً، قادرة على إصدار فتاوى شرعية تنهي دوره.

 

وبالتأكيد تبقى آخر همومها عملية نسف العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي وخروجه عن الشرعية الدولية.

 

ربما يجب على «الحزب» وقادته وضع تصور لمرحلة تغيير المعادلات.. فالمعادلات عندما تتغير، وهي لا بد ستتغير وبحلول وقرارت خارجية تلائم مصالح المتفاوضين، سوف تحتم طرح مصيره ووضعه ووظيفته.

 

وحينها تنتفي الحاجة إلى الجيوش العسكرية والإلكترونية لـ»الحزب»، وإلى تغريداته الإحتفالية التي لا تساهم إلا بإستجرار العداء مع الجميع، داخلياً وخارجياً..