رسميّاً آثر «حزب الله» عدم التعليق على المبادرة العربية الخليجية الغربية. لم يفاتَح بالأمر فلم يعتبر نفسه معنياً به، وطالما هي بنود موجهة للدولة ممثلة بالرؤساء الثلاثة فعلى الدولة ان تجيب عليها.
لكن الاجواء المطلعة على موقف «حزب الله» توقفت عند جملة نقاط متعلقة بالمبادرة من ناحية الشكل والمضمون. مجرد الايحاء ان تحرك وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح اتى بمثابة مبادرة عربية خليجية دولية يهدف الى القول ان معارضتها تعني الوقوف ضد هذا المجتمع الذي يسعى الى مساعدة لبنان، وتقديم مبادرة انقاذية لإخراجه من الوضع الاقتصادي المأزوم، وفي حال تمّ الرفض، فيكون لبنان هو الذي يرفض ملاقاة اليد التي امتدت له لمساعدته وانقاذه. وهو ما فسره «حزب الله» على انه استغلال للوضع الاقتصادي الصعب بهدف تحصيل مكاسب سياسية كبيرة.
أكثر ما استوقف «حزب الله» في بنود المبادرة وجود تسعة بنود املائية على لبنان، تملي عليه ما يجب فعله، بينما بند واحد يعد بالمحاولة لايجاد آلية حلول، وهو ما فسره «حزب الله» على انه نفاذ من الازمة الاقتصادية للبنان في سبيل فرض اجندة تأتي بمثابة وصاية جديدة، تفرض عدم ترشيح هذا او ذاك واقالة هذا الوزير أو ذاك. والا ما معنى منع رئيس تيار سياسي عريض كان حليفاً لهم من الترشح لا هو ولا تياره ولا اي فرد من عائلته، فهذه هي الوصاية الحقيقية وهذا هو اعلى مستوى للتحكم بالحياة السياسية. وبتقدير «حزب الله» ان مثل هذا السلوك قد يتطور غداً او الذي يليه بحيث يتم التحكم بالشخصية التي تختار لرئاسة الحكومة وهكذا دواليك. ما فعلته دول الخليج في قراءة «حزب الله» انها منعت ترشيح رئيس حزب سياسي ومرشح محتمل لرئاسة الحكومة. وليس من باب الصدفة ابداً تزامن اعلان المبادرة مع اعلان انسحاب الحريري من الحياة السياسية ولا هي خطوة بريئة. ثمة تزامن بين الخطوتين ينذر بخطوات تصعيدية لاحقة لدول الخليج بحق لبنان. واذا كان الحريري اصر على اتباع سياسة ربط النزاع مع «حزب الله» فها هي دول الخليج ترفض ربط النزاع هذا وتريد شخصية بديلة تكون صدامية.
وماذا لو طلب من «حزب الله» تقديم اوراق معينة قد ترغب الدولة ممثلة برئيسها تقديمها في سبيل حل الازمة؟ ترى المصادر المطلعة على اجواء «حزب الله» ان بعض البنود المطروحة كان يمكن ان تكون موضع نقاش، لولا ان الهدف الاساسي ممارسة سلطة وصاية على لبنان لتطبيق قرارات دولية قال رئيس حكومة لبنان ان ليس بوسع لبنان تطبيقها، اما بخصوص سلاح الميليشيات فلا يعتبر «حزب الله» نفسه ميليشيا بل هو حركة مقاومة، واما مسألة الا يكون لبنان منصة للعدوان اللفظي على دول الخليج فهل بات مجرد الكلام مزعجاً الى هذا الحد؟ لتسأل المصادر ألم يسبق وتمّ وصف «حزب الله» بالارهابي «اللي بدو يدق الباب بدو يسمع الجواب».
حسمها «حزب الله» بأن الهدف من هذه المبادرة هو تقديم أثمان للإسرائيلي والسعودي، للأول في مقابل الملف النووي ومن أجل فتح باب الترسيم مع لبنان، وللثاني مقابل الملف اليمني لمنع «حزب الله» من نصرة الشعب اليمني المظلوم.
على قاعدة العصا والجزرة تعاطت دول الخليج والدول العربية مع لبنان، وعدته بالمساعدة فيما فرضت عليه سلة عقوبات، وبينما تقف الدولة عاجزة عن منح وعود تعجيزية حيال المطلوب منها ما يعني أن احتمال الصدام العربي الخليجي مع لبنان سيتوسع، في وقت تقول المعلومات ان دول الخليج كما الدول العربية تتحضر لاعلان خطوات متشددة حيال لبنان، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب وان الصيغة باتت جاهزة، كما انهم بصدد توجيه شكوى الى مجلس الامن ضد ايران واذرعها في المنطقة فماذا سيفعل «حزب الله» حينذاك؟
الأصعب في المبادرة المعلنة امهال لبنان خمسة ايام للرد، تحت عنوان إما التعاون وإما «الحرب الأهلية»، ذلك أن الهدف من البيان، من وجهة نظر «حزب الله»، اثارة نزاع داخلي والقول ان سلاح «حزب الله» هو الذي تسبب بالازمة الاقتصادية، لكن مثل هذا النزاع حصوله مستبعد في قاموس «الحزب» الحريص على امن البلد واستقراره.