في وقت يتّكئ العالم على التّشاؤم الأوكراني وارتياب اندلاع الحرب، يتّكئ لبنان على المراوحة في غرقه المتمادي ورغبة جميع الفرقاء في إضعاف بعضهم البعض منشغلين بمعاركهم السطحيّة التي تقضي على الرّمق المتبقّي لمواجهة حزب الله ومخطّطه الإيراني الذي أصبح على وشك إعلان دويلته دولة على أنقاض الدّولة!
قد يخطر للمتابع أن لا شيء يعادل وقاحة التّمادي السياسي الدّاخلي المتراشق على حافّة الشهيّة الانتخابيّة، لكن الحقيقة أنّ هناك ما يفوقها وقاحة بمراحل، والغريب أنّ أحداً لم يفكّر في ردّ هذه الوقاحة ولو من باب رفع العتب على الأقل، فالتزام الصمت أمام هول التّخوين الذي يرمي به حزب الله وقادته اللبنانيّين من شرائح مختلفة تجاوز كلّ الحدود، خصوصاً وأنّ حزب الله نفسه شهد فضائح اكتشاف جواسيس للعدوّ الإسرائيلي بين صفوف كوادره، فعلامَ هذه الهجمة الرّعناء على اللبنانيّين الذين يرفضون إخضاع الحزب للبنان وسيطرته على كلّ مفاصل الدولة “ولك انخجلو على حالكن”! الكلّ التزم الصمت. أما الكلام المريب والتهديدات الحمقاء التي أطلقها رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين قائلاً: “إذا كان الأميركي يريد أن يأخذنا للضغط الأقصى فأعتقد أنّه يجب علينا أن نذهب إلى الخيار الأقصى في الاعتماد على أنفسنا لبناء وطننا عندها “منكنّس” الأميركي وأزلامه في لبنان”، يا أزلام الإيراني في لبنان من تريدون أن تكنسون من هذا البلد؟؟
هذه الوقاحة لعمالة حزب الله لإيران وتباهيه بها ثمّ اتهامه للآخرين الذين يرفضون عمالته ومخططاته بأنّهم هم العملاء تثير السخرية والدّهشة، تهدّد قيادات حزب الله مرّة على لسان أمينه العام حسن نصرالله وأخرى على لسان الشيخ نعيم قاسم وأخرى ثانية على لسان هاشم صفيّ الدّين أو على لسان المفوّه النائب محمد رعد بأفاعيل سيفعلونها بهم بلغت ذات مرّة على لسان نصرالله نفسه بإلقائهم في البحر أو في غياهب السجون بوصفهم عملاء لإسرائيل وأخرى عملاء لأميركا، أميركا نفسها التي تتفاوض معها إيران في ڤيينا سعياً وراء ليالي الأنس النوويّة، أو بتهمة العمالة للسعوديّة التي تتواصل وتتباحث معها إيران بدعوى إقامة أفضل العلاقات معها، فهل هناك وقاحة أكثر من وقاحة إيران وحزبها في لبنان؟!
وحتّى لا تبقى الأمور متروكة على عواهنها لتستخدم لأغراض وأشكال مختلفة حان الوقت لتقوم الدّولة اللبنانيّة بقراءة قانونيّة معلنة تفصّل فيها الخيانة العظمى التي يرتكبها حزب الله بحقّ هذا الوطن ويتهم بها اللبنانيّين الآخرين في كلّ مناسبة، فيما هو سبق وأراق دماء الشّيعة اللبنانيّين ثمّ دمّر مقدّرات البلد وينفّذ أوقح عمليّة اختطاف بحقّه وطناً وشعباً من أجل مصلحة إيران وأجنداتها، ومجدّداً نسأل إن لم تكن هذه هي الخيانة العظمى فبالله عليكم كيف تكون الخيانة؟!