كلمة دولة الرئيس نجيب ميقاتي في القمّة العربية في الجزائر كانت أقل ما يُقال فيها إنها صادقة، لأنها تصف بدقّة ما وصلت إليه الأحوال الاجتماعية والاقتصادية في لبنان.. لكنّ السؤال الذي يجب أن يسأله كل مواطن لبناني، بل كل مواطن عربي هو: كيف ولماذا وصلت الأمور في لبنان الى هذا الدرك، ومن يتحمّل المسؤولية؟
نبدأ أولاً بالقول إنّ «اتفاق القاهرة» هو الغلطة الكبرى التي ارتكبها العرب جميعهم بحَق لبنان، إذ كان يجب، وقبل السماح للفلسطينيين بتحرير أرضهم من لبنان، كان يجب أن يسألوا أنفسهم: هل يستطيع اللبنانيون أن يقفوا أمام إسرائيل؟ خاصة بعد الذي جرى في حرب 1967 تلك الكوارث التي حلّت بالعالم العربي وبالأخص في سوريا والأردن ومصر حيث احتلّت إسرائيل «سينا» في مصر والجولان في سوريا والضفة في الأردن وقطاع غزة في فلسطين… لذلك أعتبر أنّ «اتفاق القاهرة» هو أكبر جريمة بحَق لبنان وبحَق الفلسطينيين؛ إذ لم تستطيعوا أن تحاربوا إسرائيل، فدفعتم بالفلسطينيين الى لبنان، وأعطيتموهم رخصة لإقامة دولة صغيرة على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة ليحرّروا فلسطين.. فهل هذا معقول أو مقبول؟.. طبعا الجواب: كلا.
وبسبب الوجود الفلسطيني المسلّح قامت إسرائيل بحرب على لبنان عام 1978 واحتلت جنوب لبنان وأقامت دولة سعد حداد وطردت الفلسطينيين المسلحين من الجنوب، حيث حكم ابو عمار بيروت وتحديداً المنطقة الغربية، لأنّ المسيحيين كانوا ضد الوجود الفلسطيني المسلح، ولم تكتفِ اسرائيل باحتلال الجنوب بل قامت عام 1982 في 5 حزيران باحتلال لبنان حتى وصلت الى بيروت العاصمة واحتلتها بعد حصار 100 يوم، وبعدها اجتمع المغفور له الزعيم صائب سلام وطلب من ابو عمار الانسحاب من لبنان، وهكذا نقلت البواخر ابو عمار والمجموعات المسلحة الى تونس.. لكنهم عادوا الى طرابلس حيث اشتبكوا مع السوريين واضطروا للعودة الى تونس.
والاحتلال الاسرائيلي خلق مقاومة للاحتلال… وهنا دخلت ايران من خلال أهل الجنوب وتحت شعار ديني يتمثل بالشيعة وبقيادة قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني في الحرس الثوري الايراني تحت ستار تحرير لبنان وتحرير القدس.
ومنذ عام 1983 ولغاية اليوم، خصّصت الدولة الاسلامية ملياري دولار سنوياً.. ملياراً للرواتب وملياراً للسلاح.
وهكذا أصبح «الحزب» هو القوة المسلحة الوحيدة.. حتى يمكن القول إنّ إمكاناته المالية والعسكرية أهم من امكانات الجيش اللبناني.
اليوم وصلنا الى حالٍ غير مقبولة وغير طبيعية، إذ ان الاميركيين يعاقبون اللبنانيين على وجود «حزب الله»… والعرب وبخاصة المملكة العربية السعودية تعاقب المسلمين بسبب «الحزب»، وتقدّم مساعدات غير محدودة الى سمير جعجع.. في المقابل نراها عاقبت الرئيس سعد الحريري أيضاً، وللمعلومات التي يجب أن تعرف أنّ الرئيس الحريري له مستحقات بذمّة المملكة السعودية تبلغ 8 مليارات من الدولارات وعليه مستحقات بـ6 مليارات.
عوقب الرئيس الحريري بإلغاء مستحقاته، وراحوا يطالبونه بالمستحقات المتوجبة عليه، وهكذا باعوا له كل أملاكه بالمزاد العلني وبأبخس الأسعار، ونُفي الى خارج لبنان.
هنا، لا بد من شكر دولة الإمارات وعلى رأسها الشيخ محمد بن زايد الذي فتح له أبواب الإمارات، واستقبله استقبالاً رائعاً، وهو هناك يعمل لإعادة «تكوين» نفسه.
السؤال الأخير الذي يجب أن نسأله هو: ما هي الخسائر التي مُنِيَ بها أهل السنّة في لبنان؟ الانتخابات النيابية تجيب على هذا السؤال كما يلي:
في الوقت الذي كان فيه الرئيس سعد الحريري في لبنان في انتخابات عام 2009 حصل على أكثرية سنّية نيابية لأوّل مرة في تاريخ لبنان… واستطاع أن يحقق مع حلفائه 85 صوتاً انتخابياً في مجلس النواب.
أما اليوم فلا يوجد نائبان من أهل السنّة مع بعضهما البعض، وللأسف وصلت الى المجلس أكثرية هي ضد المملكة العربية السعودية والعرب، وهي مع محور الممانعة والمقاومة، أي مع إيران.
فهل صحيح أنّ أميركا والسعودية ترغبان في محاربة إيران وجماعتها في لبنان؟ وكيف؟