في زمن الحرب الأهليّة كان السؤال العالق على ألسنة اللبنانيين جميعاً، «شو رح تعلق»؟، هذه الأيام نصطدم بأسئلة اللبنانيين الخائفة «معقول نضطر نسرق لنطعمي ولادنا؟»، تقف حائراً أمام هكذا نوع من الأسئلة، ترد على السائلين بأنّك مثلك مثلهم في هذه الدّوامة، وأنّ الحال «من بعضو»، ولكن عندما تجد نفس محاصراً بالأسئلة التي تتوّج بأخبار تشكيل الحكومة وما هي قدرتها على إنقاذ لبنان تدرك أنّك ككلّ اللبنانيين تقف أنت وحائط الإنهيار وجهاً لوجه، وأن لا أحد يملك تصوّراً لما ستكون عليه الأيام المقبلة على اللبنانيين!!
لا تملك الدولة اللبنانية ولا «حكومة حزب الله» المفروضة على اللبنانيين ترف تحيّن انتظار وقت المنطقة، ولا معاقبة اللبنانيين وتركهم عالقين تحت رحمة أجندة إيران المجمّدة هذه الأيام، لبنان بات بالفعل في القبضة الإيرانية وقٌضي الأمر، وفيما نتباكى اليوم على القدس نخاف أن ندفع نحن ثمن المدينة المقدّسة ضياع لبنان!!
حان الوقت لنتحدّث كلبنانيين بواقعيّة مع بعضنا البعض للخروج من دائرة اليأس والإحباط من لبنان ودولته وسياسيّيه، ربما علينا الاعتراف بأننا لسنا دولة، وأن الدويلات تتالت على دولتنا وسلبتها هيبتها وقدرتها، وانّ مصيرنا كشعب وكوطن ليس تحت قبّة البرلمان، وليس في السراي الحكومة وليس على طاولة إقرار الموازنة ولا وضع بيان وزاري لـ»حكومة خديعة»، مصير لبنان ما يزال رهنٌ العقدة الإيرانية التي لا حلّ لها حتى السّاعة وإن اجتمعت دول العالم لتجد هذا الحلّ!
إيران شيطان المنطقة والعقل المدبّر لخرابها عبر حزب الله وأيديه المبعثرة في كلّ المنطقة، منذ شكّله الخميني في ثمانينات القرن الماضي ومن لبنان مدّت الأفعى رأسها وتسلّلَت نفثت سُمّها من الكويت إلى البحرين إلى السعودية وإلى العراق وإلى اليمن وإلى كلّ دولة وبلد فيه وجود للشيعة فأتقنت إيران استخدامهم سواء تحت غطاء التشيّع أو الابتهاج بالوصول إلى حكم ديني شيعي في طهران سعى منذ لحظته الأولى للسيطرة على المنطقة، ومن يقول غير هذا فهو يكذب على نفسه!
وبرغم أنف إيران ووكيلها في لبنان والمنطقة حزب الله لا بُدّ أن تسقط كلّ أحلام تصدير «التشيّع الفارسي»، وبدلاً من أن ينشغل العرب في التلهّي بطاعة السيّد الأميركي والمتاجرة بالقدس وخيانتها كما خان أجدادهم وآباءهم فلسطين وشعبها وأرضها، يكفي أن يقولوا لا لصفقة القرن لأنها ساقطة على كلّ المستويات، وأن يتفرّغوا لمواجهة إيران وخطرها الجدّي على بقائهم، من المؤسف أن هؤلاء العرب لم يفهموا حتى الآن أن عليهم أن يدافعوا بنفسهم عن أنفسهم، وأن تمادي إيران يعني نهايتهم ونهاية حكمهم ودولهم، اليوم تحديداً من المفيد أن يستعيد العرب اليوم كلّ «أهازيج» الخميني عن تصدير الإسلام إلى «الشعوب الإسلاميّة»!! وأنصح هنا بمراجعة كتاب «تصدير الثورة كما يراه الإمام الخمیني، مؤسسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمیني، الشؤون الدولیة»، فقد ورد في الفصل الأول منه بعنوان «سنعمل على نشر ديننا» في لقاء مع أحد الصحفیین الیابانیین، 1979/11/26 إذ قال الخميني «سنعمل على نشر ديننا في كلّ البلدان الإسلامیة»، «يا عمّي» كيف تنشر الإسلام في بلاد المسلمين؟ وهذا أفضل جواب يوضح أن هدف إيران منذ مجيء الخميني نشر التشيّع في البلدان الإسلامية، هذا المخطط الفارسي هو هو لم يتغيّر منذ أبو مسلم الخراساني وحتى اليوم!
لبنان لا يملك ترف انتظار المنطقة، نحن في حالة غرق حقيقي، ولكن في نفس الوقت لن نغرق لوحدنا، سيغرق معنا العرب المتآمرون على أنفسهم وعلى القدس،وكلّما ظنّوا أنّهم قادرون على البقاء فوق عروشهم في إيران تحفر تحت أرجلهم، سيجدون أنفسهم غارقين في وحول تركهم لبنان فريسة لإيران!