IMLebanon

من يلجأ إلى قضاء الدولة اللبنانية يُحاسَب

 

حزب الله” يمنع محازبيه من ارتياد مطعم “مرجوحة

 

لم تتحرك النيابة العامة من تلقاء نفسها، لملاحقة “حزب الله”، أو حتى التحقيق معه، بجرم المادة 329 من قانون العقوبات والمتعلقة بتجريم كل فعل من شأنه أن يعوق المواطن اللبناني بخاصّة “حق اللجوء إلى القضاء” استناداً إلى القرار المسرّب عبر وسائل التواصل الإجتماعي لقضائهم الداخلي والذي جرى بتفاصيله معاقبة السيدة المنتسبة لـ”الحزب” الحاجة إيمان مرتضى لأنها اختارت حقها الطبيعي باللجوء إلى قضاء الدولة لفض نزاع مالي بينها وبين “أحد الإخوة المجاهدين” كما ورد في المستند.

يُلاحَق الناشطون تارة والإعلاميون طوراً، بشكل تلقائي على كلام صدر على ألسنتهم أو أقلامهم، بجرم تحقير الرؤساء والسلطات حتى ولو لم يطلب صاحب الشأن استدعاء المخطئ. أما عندما تُضرب هيبة الدولة والقضاء، ويتحوّل حزبٌ لبنانيُّ إلى دويلة فعلية لا تعترف بقضاء البلد الذي يحتويه ويصدر عن مجالس شؤونه الداخلية عقوبات بغير وجه حق، لا ولن يتحرّك أحد.

 

مطعم “مرجوحة” ليس لها!

 

وفي حديث خاص لـ”نداء الوطن”، لم تنكر إدارة مطعم مرجوحة بفرعيه في الحدث وصور، القرار الصادر عن “محكمة حزب الله” لشؤون الحزب الداخلية، بتاريخ 7/1/2020 بحق السيدة مرتضى، والذي طُلب فيه من “كل أفراد حزب الله والمؤسسات التابعة له عدم التردد إلى المطعمين أو الاستفادة منهما بأي شكل من الأشكال بسبب رفضها الاحتكام الى قضاء الحزب ولجوئها إلى قضاء الدولة اللبنانية في قضية مالية طرفها الثاني “أحد الإخوة المجاهدين”، ولكن أوضحت الإدارة بكل احترام “أنه قد حدث التباس في أمر التعميم، ذلك أن الحاجّة المذكورة ليست مالكة المطعم بل صاحبة الأرض التي تستثمرها الادارة كمطعم” وأضافت “لقد تواصلنا مع مكتب “حزب الله” وأخبرناهم أنه لا دخل لنا بأي خلاف يربط السيدة بأي طرف، وأن علاقتنا بها هي علاقة مستأجر بمالك وانهم متضررون من القرار الذي يطالهم منذ أن صدر وتعمم على كافة أبناء الحزب، ومن جهتهم، أبلغونا أنهم سيصدرون تعميماً داخلياً آخر يتراجعون فيه عما صدر مسبقاً ويرسلونه لكل المعنيين حيث أنه من المتوقع أن يصدر تعميم من “حزب الله” بعد يوم أو يومين سينكر فيه منع أحد من التعامل معنا” وشاكرين الإتصال قبل نشر أي معلومة خاطئة.

 

تويتر يفضح مستشفى الرسول الأعظم

 

“تم سحب القرار بفضل الله ونصر الله والفتح المبين، نرجو إعادة التغريدة إذا “بتحبو” المطعم” كتبت الحاجة إيمان مرتضى ذلك عبر تويتر وإذ بالموظفة في مستشفى الرسول الأعظم ترد عليها قائلةً: “يا ريت حدا يفهمنا شو صاير، دايماً بطلع عالمطعم خلينا نعرف شو القصة” وترفق صورة، تم التقاطها بعدسة هاتف جوال، لرسالة الكترونية وصلتها من إدارة مستشفى الرسول الأعظم يبدو فيها اللوغو وموقعة ومختومة شخصياً من مديرها الدكتور محمد بشير، يتوجه فيها الى جانب مدراء الإدارات مانعاً “كل أفراد “حزب الله” أو المؤسسات التابعة من التردد إلى مطعمي مرجوحة الحدث ومرجوحة صور” وذلك بناءً على قرار رئيس المجلس التنظيمي المركزي ومراسلة وحدة شؤون الأفراد، “آملين اطلاع كافة العاملين لديهم بمضمون هذا القرار” في فضيحة بحجم وطن. بعدها عادت وأكدت المحكومة على الصورة أنه قد تم سحب القرار لتجيبها الموظفة ريحانة حامدةً ومستنكرة ومعتبرةً أنه كان يجدر بالمستشفى تعميم القرار الجديد منعاً للبلبلة وتختم بأنها تنتظر القرار لنشره، كما لو أن لا شيء بمضمون القرار أو فرض المنع وقضاء “حزب الله” والتدخل بحرية اختيار الشعب شيئاً غريباً!

 

لم ينته الجدل هنا، فتنشر الموظفة تعليقاً أخيراً تقول فيه إنها أرسلت إلى “غروب المستشفى” مستفسرة ونفوا لها اصدار أي تعميم جديد وأنهم ما زالوا ممنوعين من الذهاب إلى “مرجوحة”. ولكي نستعلم أكثر عن العقوبات المتوقعة التي تطاول الموظفين في حال ذهبوا للعشاء في مرجوحة، اتصلت “نداء الوطن” بالمستشفى، وتحديداً بمكتب المدير الموقّع وسألنا عما إذا كان التعميم الذي يمنع الموظفين من التردد إلى مطعم مرجوحة صحيحاً فردت السكرتيرة بسؤال “ما شأنكم وتعاميمنا المتداولة داخلياً و”شو خصكم” إن كان التعميم صحيحاً أم لا؟ وكيف حصلتم عليه”. وعندما شرحنا لها أن صورة التعميم منتشرة على وسائل التواصل الإجتماعي وعلى بعض المواقع الإخبارية وأن واجبنا الصحافي التأكد من صحة الصور أو زيفها قالت “لم أر التعميم الذي تتحدثون عنه ولكن سيحاسب من سرّب ما يفترض أن يكون رسالة داخلية” فعدنا لتكرار السؤال عما إذا كان الموظفون ممنوعين فعلاً من الذهاب إلى مطعم بقرار إداري من المستشفى الذي يعرف على أن له صيتاً ممتازاً في مساعدة الناس وليس قطع الأرزاق طلبت رقمنا وعادت للإتصال بنا لتقول إنها “تواصلت مع مرجعيتها وطلب منها عدم التصريح لا إيجاباً ولا سلباً”.

 

رأي القانون المغيّب

 

وأشار المحامي نجيب فرحات لـ”نداء الوطن” الى أنه “يحق لأي شخصين متنازعين ومنتسبين في حزب أو جمعية، ان يختارا طوعاً وليس فرضاً، إما اللجوء الى قضاء الدولة او الى التحكيم سنداً للمادة 762 وما يليها من قانون اصول المحاكمات المدنية أي حزبهما أو جمعيتهما، لكن يبقى اللجوء إلى قضاء الدولة هو المبدأ وأصلاً إن أحكام التحكيم لا يمكن تنفيذها بتاتاً الا بالعودة بعدها إلى قضاء الدولة وبواسطته. وفي حالتنا الحاضرة جرت معاقبة السيدة وتأديبها وتقييدها لأنها قررت مراجعة القضاء اللبناني وهو حقها الدستوري الذي لا يجوز حرمانها منه أو ارغامها على اللجوء الى التحكيم لدى قضاء “حزب الله” وبالتالي كل ما ورد في القرار غير قانوني، حيث يحق لإدارة مطعم مرجوحة، رفع دعوى مدنية تطالب فيها “الحزب” والمستشفى بتعويض عن الأضرار التي أصابت عملهم”.

 

مشكلان منفصلان وقمع واحد

 

هي ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الحاجة إيمان مرتضى مشكلةً مع “حزب الله”، رغم أن تغريداتها على موقع تويتر تعكس طاعة لامتناهية له، نذكر منها تغريدة نشرتها فجر أمس الجمعة تصف فيها كيف وُضعت على لائحة “البلاك ليست” وتم تسكير كل حساباتها المصرفية في لبنان لأنها تنتمي وتؤيد “حزب الله” وأنها قد اتُهمت بتبييض الأموال لصالح “حزب الله” وختمت بهاشتاغ “فدا اجر السيد”.

 

كل ذلك لم يخلصها من المشاكل مع إدارة “الحزب”، فمشكلتها المالية مع زميلها في الحزب والقرار الصادر عن محكمة “حزب الله” جاء بعد مشاجرة ومشادة كلامية علنية نشبت بينها وبين نجل أمين عام حزب الله جواد نصرالله. وذلك بعد تدخله شخصياً ليطلب منها مسح تعليقات وصور وتغريدات تناولت قائد فيلق القدس قاسم سليماني بعيد اغتياله، لما تضمنته تغريداتها، برأيه ورأي زملائها في الحزب، من إساءة لشخصه ورفضت ثم ألغت حسابها على تويتر لمدة قصيرة وأعادت فتحه بعدها.

 

في كلا الحالين قمع وإجحاف وغياب تام للدولة، لا إنصاف فيه لا للحاجة ايمان مرتضى، رغم رضاها التام بأساليبهم، ولا للمستثمرين في مطعم مرجوحة ولا لموظفي مستشفى الرسول الأعظم والمؤسسات الأخرى التابعة لـ”حزب الله” ولا لحرية الأفراد بتناول الطعام أينما شاؤوا وفيه ما فيه من عدم الإكتراث لهيبة القضاء الذي من المفترض أن يكون “سلطة مستقلة” في عهد يريد أن يثبت إصلاحاً وتغييراً ويستعيد الثقة.