Site icon IMLebanon

«حزب الله» متفائل بالحكومة: «صفقة القرن» لن تمرّ

 

هي مرحلة دقيقة على «حزب الله» ومحوره في المنطقة، يواجهها من زاوية الواثق من مآلاتها، مقارباً الواقع اللبناني الذي استقر على تسوية حكومية جاءت بسعي من الحزب كما من أخصامه، بتفاؤل.

 

جاءت التطورات الأخيرة بمفاجآت عديدة للحزب بدءاً من اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول الماضي تحت شعار «كلن يعني كلن» ومن ضمنهم الحزب، مرورا بالتطور الاقليمي المستجد بين إيران، راعية الحزب، والولايات المتحدة الأميركية، وصولا الى القرار الاميركي الأخير بالاعلان عما سمي بـ«صفقة القرن» التي تهدف فعليا الى تصفية القضية الفلسطينية.

 

يشير البعض الى أن إعلان تلك الصفقة قد خدم الحزب الذي سيتمكن من إعادة توجيه البوصلة من جديد إلى قضيته الأهم، مقارباً التطورات من واقع خطر الصفقة على لبنان الذي بات أمام خطر توطين الفلسطينيين على أراضيه مقابل رشوته ماليا، ما يجعل من غير الممكن نأي لبنان بنفسه عما يحصل في المنطقة.

 

وبالنسبة إلى الحزب، فقد جاء الموقف الفصائلي الفلسطيني الموحد رفضا للصفقة تجديدا للوعي الجمعي لدى الشعب الفلسطيني لواقع قضيته، ما يعني أن لا إمكانية لتنفيذ الصفقة في ظل هذا الرفض لها ما يجعلها غير قابلة للحياة عمليا وهي التي أعلنت من جانب واحد.

 

ومع الرفض للصفقة من قبل الدول المحيطة بحكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناهيك عن المحور الإيراني والفصائل المتحالفة معه، إضافة الى عدم الاجماع الدولي عليها، يبدو الاعلان الاميركي الاسرائيلي أقرب الى إعلان إنتخابي يريد الرجلان عبره مواجهة مشاكلهما الداخلية.

 

لجهة الحزب، فإن صفقة القرن لن تمر نتيجة ذلك كما بسبب العامل الأهم المتمثل في «جهوزية المقاومة والردع العسكري القائم». والواقع أن ملفات قضايا المنطقة مترابطة وهي التي برزت على السطح وهددت استقرارها وخاصة مع الاغتيال الاميركي لقائد فيلق القدس قاسم سليماني وصحبه، ومن ثم الرد الايراني الذي يلفت الحزب الى انه «إستعاد هيبة الردع».

 

وينطلق الحزب من أن الحديث كان أولا حول ما إذا كانت إيران ستلجأ الى الرد، الذي عاد وحصل. ثم دار الكلام حول «مسرحية الرد» قبل أن تتكشف الأضرار الأميركية عنه. والواقع أن الحزب يشدد على أن المعركة طويلة ومتدرجة، لإنهاء الوجود العسكري الاميركي في المنطقة، وخاصة في العراق حيث الوجود الأساسي.

 

تواصل إيراني سعودي؟

 

الواقع أن ثمة حديثاً حول دخول الادارة الاميركية في مفاوضات غير مباشرة مع الإيرانيين حول «خروج مشرف» من هذا البلد تحت غطاء أو «فلسفة» الإتفاق العلني كون هذا الوجود جاء بموافقة عراقية تحت عنوان التحالف الدولي. وقد وصلت رسالتان في هذا الشأن الى طهران ترافقتا مع ما أعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول تخفيف الوجود الاميركي وذلك تمهيدا، حسب وجهة النظر هذه، الى انسحاب متدرج. وبالنسبة الى المحور والقوى الدائرة في فلكه، فإن «أكل العنب» أولى من «قتل الناطور»، والمهم النتيجة وليس خوض معركة عسكرية مكلفة مع واشنطن التي أعادت إنتشار قوات لها في اتجاه الشمال العراقي ومنطقة الأنبار، إضافة الى إخلاء قوات حليفة لواشنطن لمواقعها السابقة.

 

لكن الأمر مرهون بالمدى الزمني الذي سيتخذه القرار الاميركي في هذا الشأن، ولا شك أن جديّة أميركية على هذا الصعيد ستتيح المجال أكثر أمام تعزيز تواصل غير مباشر حاصل، إيراني سعودي، كانت الإمارات العربية المتحدة قد سبقت إليه في شكل علني. لكن وجهة النظر هذه لا تريد استباق الامور قبل أن تشكل «هذه التطورات الجزئية» سياسة كاملة وعلنية وشاملة، وهذا ما يفسر استمرار التصعيد العسكري في المنطقة، لكن ذلك لن ينتقل في حال من الاحوال نحو صدام عسكري لا يريده أحد في المنطقة ولا تشجع عليه واشنطن كما طهران ولا تبغيه الرياض.

 

لا حرب

 

هي ملفات مترابطة في المنطقة، لكن «حزب الله» يرى أن الحل الحكومي اللبناني كان ضروريا، وقد مهد لبداية تفاؤل شعرت البلاد به بالفعل.

 

ولكن ثمة وجهة نظر تلفت الى أن الحزب ما كان ليقبل بتسوية حكومية لولا واقعه القلق في الاقليم، ولا ننسى هنا أن الحزب كان رافضا لسقوط الحكومة السابقة. وبعد ورود أنباء عن عدم نية الرئيس سعد الحريري للاستمرار رئيسا للحكومة، لم يكن الحزب متحمسا لتنحي زعيم «تيار المستقبل» الذي كان يشكل ضمانة في وجه فتنة مذهبية في البلاد.

 

بعدها، قال كثيرون إن الحزب لم يكن متحمسا لحكومة «تكنوقراط»، لكن الحزب يبدو مرتاحا اليوم لآلية تشكيل الحكومة الحالية. ولسان حاله أنه «لو كانت تطورات الاقليم قد أقلقتنا، كنا ضغطنا لحكومة مواجهة من السياسيين، لكننا دعمنا خيار الاستقرار وكنا مرنين لعزل لبنان عن التطورات في المنطقة».

 

من هنا، فإن ملفات المنطقة المترابطة لا تبدو كذلك بالنسبة الى وجهة النظر هذه التي ترى أن الحل الحكومي في لبنان كان ضروريا، ويشدد الحزب على أن هذه التطورات، سواء بين إيران والولايات المتحدة، أو لناحية النوايا الاسرائيلية تجاه لبنان، ليست متوجهة نحو حرب.

 

«عنف» الحراك أضره

 

جاء تسهيل «حزب الله» للتسوية الحكومية في خضم انتفاضة شعبية عصفت بالبلاد منذ 17 تشرين الأول الماضي.

 

رفع الحراك الشعبي شعار استهداف الطبقة السياسية كاملة في البلاد، ومن بينها طبعا وجود «حزب الله» فيها الذي يعتبر أنه كان من الأهمية بمكان تشكيل حكومة تقارب التحديات بدلا من الفراغ الذي كان سائدا.

 

ثمة هدفان للحزب من الحكومة: لمّ شمل البلد وتهدئة الأمور. ثم إيقاف النزيف الحاصل على الصعد المختلفة. وقد تلمس بوادر إيجابية على صعيد النية الجديّة في الإصلاح والتي تمظهرت في الارتياح في الاسواق وإيجابية الخارج تجاه لبنان وحكومته التي تزداد الثقة بها.

 

سيوفر الحزب الفرصة للحكومة وسيراقب عملها الذي يجب أن يتم سريعا في ظل التململ الشعبي الذي سيتخذ أشكالا متعددة في الايام المقبلة. وعُلم على هذا الصعيد أن المنتفضين يحضرون لعمل جاد في وجه المجلس النيابي خلال جلسة الثقة للحكومة، يريد الحراك أن يتجاوز عبره إخفاق منع جلسة الموازنة الاخيرة التي بدا خلالها الاعتراض الشعبي غير مؤثر، إذا لم نقل خجولا.

 

من المنتظر أن يستمر الحراك في اعتراضه على الارض، لكن السلبية التي اعترت بعض التحركات التي اتخذت طابعا عنيفا على الارض، يتوقف عندها «حزب الله» الذي يعتبر أن هذا المستجد قد أضر بالحراك. وفي جعبة الحزب الكثير مما تحقق منذ تاريخ 17 تشرين الأول وصولا الى تشكيل حكومة من غير الحزبيين، أكفاء ونظيفي الكف، فلِمَ لا تُعطى الحكومة فرصة؟ ولمَ اللجوء إلى العنف؟ ولماذ رفع شعار إسقاط مجلس النواب؟

 

طبعا، ليست وجهة نظر الحراك على هذه الشاكلة، علما أن الحزب يقر بأن الغالبية العظمى من اللبنانيين قد أيدت هذا الحراك في أيامه الأولى، وفي مجموعاته هناك كثر يحتفظون بتأييد لمقاومة الحزب ويُصنفون ضمن أجواء القوى التي تعرف بـ«8 آذار». لكن هؤلاء أيضا ليسوا راغبين بالتوقف هنا، وثمة نية لدى جميع المجموعات، باستثناء القليل منها، لتفعيل التحركات، والهدف اليوم هو إسقاط حكومة حسان دياب.. ثم إجراء إنتخابات نيابية على أساس قانون عادل يؤمن تغييرا جذريا في الطبقة السياسية الحالية.