Site icon IMLebanon

تحكم «حزب الله» بالواقع السياسي واستعداؤه للعرب والغرب يُصعّبان حل الأزمة

 

مساعي الإنقاذ الخارجية تشترط المباشرة بإصلاح الكهرباء و«التيار العوني» يعرقل كعادته

 

 

هناك من يتعمّد المماطلة وعدم الاستجابة للمباشرة بتنفيذ مقررات وشروط مؤتمر «سيدر»

ما تزال مساعي المسؤولين اللبنانيين وطلب مساعدة المجتمع الدولي، لحل الأزمة المتعددة الوجوه التي يتخبّط بها لبنان في صعوبات وتعقيدات من هنا وهناك، وتكاد ان تدور في حلقة مفرغة بسبب اصطدامها بعاملين أساسيين، الأوّل، انعدام ثقة المؤسسات والدول القادرة على مد يد المساعدة للبنان بمعظم هؤلاء المسؤولين الذين اضاعوا فرصاً متتالية قدمها المجتمع الدولي والهيئات المانحة لمعالجة الأوضاع المالية والاقتصادية واتاحة المجال للنهوض الاقتصادي خلال السنوات الثلاث الماضية ولا سيما من خلال تنظيم مؤتمر «سيدر» الذي ارتكز على برنامج إصلاحات يطال المؤسسات والإدارات التي تستنزف خزينة الدولة ولا سيما منها قطاع الكهرباء وغيرها من المرافق العامة التي تكبد الخزينة اموالاً بلا مردود وتشكل عبئاً علىالموازنة العامة وذلك بالتزامن مع آلية شفافة ومراقبة للاشراف على صرف الأموال التي ستنفق على المشاريع المشمولة ببرنامج المؤتمر تجنباً لاهدارها أو انفاقها في غير موضعها.

 

وقد اعطي لبنان وقتاً لا بأس به، ومُدِّدَتَ المهل المطلوبة للاستجابة إلى هذه الشروط والضوابط الموضوعة للمباشرة بتنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر»، ولكنه لوحظ بوضوح ان هناك من يتعمد المماطلة وعدم الاستجابة لتنفيذ الشروط المترفقة والاصرار على اعتماد آليات مشكوك بصدقيتها ولا سيما فيما يختص بقطاع الكهرباء، بالرغم من الملاحظات المتكررة من قبل القائمين على تنفيذ القرارات بضرورة التجاوب السريع ووقف إهدار الوقت بلا طائل، ولكن كل هذه المحاولات والمساعي والتنبيه من مخاطر المماطلة الحاصلة لم تنفع، إلى ان استفحلت الأزمة الاقتصادية والمالية على نحو ينذر بتداعيات ونتائج خطيرة لا يُمكن التكهن بمساراتها وتأثيرها على الواقعين المالي والاقتصادي في لبنان مستقبلاً.

 

وتكشف مصادر متابعة لآلية تنفيذ مؤتمر «سيدر» انه برغم قساوة الأزمة التي يمرُّ بها لبنان وضرورة الإسراع في التجاوب والقيام بالتسهيلات اللازمة للمباشرة بمعالجة وضع قطاع الكهرباء كأولوية لا بدّ من مقاربتها ضمن البرنامج المتكامل لحل الأزمة ككل، ما تزال ممارسات تعطيل المس بهذا القطاع قائمة كما كانت من قبل وبنفس إرادة وعقلية الآلية التي اتبعت طوال المرحلة الماضية ومن قبل الذين يتولون إدارة هذا القطاع مباشرة أو وراء الكواليس، مشيرة بذلك صراحة إلى مسؤولين بالتيار الوطني الحر الذين يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب القيام بالاصلاحات المطلوبة في الكهرباء أو تأجيلها قدر المستطاع تفادياً لتلقيص الاموال المهدورة التي تذهب إلى جيوب المنتفعين من هذا القطاع المهم.

 

اما العامل الثاني والمهم أيضاً فهو استمرار مصادرة «حزب الله» للقرار السياسي في الدولة، ولا سيما بعد تأليف حكومة يتحكم بقرارها برغم كل محاولات التمويه والتعمية وهوامش التحرّك السياسي المحدودة المعطاة لها في مجالات معينة لحرف الأنظار بالداخل والخارج عن الدور الذي لعبه الحزب في تشكيل هذه الحكومة الموسومة بحكومة اللون الواحد، فهذا العامل يُبقي معظم اللبنانيين بالداخل حذرين من هذه التركيبة الحكومية وغير واثقين من قدرتها على التعامل بحرية وإيجابية مع الأزمة القائمة، في حين ينظر إليها العرب وتحديداً الخليجيين منهم بارتياب شديد، تمّ التعبير عنه في الانكفاء عن صدور أية ردود من دولهم عن تشكيلها خلافاً لما كان يحصل في حكومات سابقة، في حين بقيت معظم الدول الصديقة بالخارج حذرة في إبداء مواقف منها بانتظار خطوات ملموسة منها تبعث بإشارات مريحة ومطمئنة عن استقلاليتها وقدرتها على اتخاذ قرارات مشجعة لصالح لبنان بمعزل عن «حزب الله» وحلفائه.

 

فلا يمكن فصل الأزمة المتعددة الجوانب، سياسياً، أمنياً واقتصادياً المستفحلة حالياً عن مؤثرات وتداعيات تحكم «حزب الله» بالواقع السياسي الداخلي، وما تسببت به أساليب الترهيب المنظم للسياسيين وممارسات تعطيل الاستحقاقات الدستورية، إن كان في انتخابات رئاسة الجمهورية أو تأليف الحكومات أو تعطيلها عمداً مع «التيار الوطني الحر»، من خسائر كبيرة أصابت القطاعات والمؤسسات الاقتصادية على مدى السنوات الماضية، ناهيك عن تكلفة الاعتداء الاسترائيلي على لبنان في تموز العام 2006 والخسائر التي أصابت لبنان من جرائه.

 

وما زاد الطين بلة إصرار الحزب على تجاوز سياسة النأي بالنفس والسعي باستمرار لضم لبنان لسياسة إيران في المواجهة القائمة حالياً مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي بالمنطقة خلافاً لإرادة وتوجهات معظم اللبنانيين، ما يجعل لبنان يتعرّض لضغوطات ومؤثرات هذه المواجهة ويستنزف المزيد من اقتصاده ويعرض امنه واستقراره لمخاطر غير محمودة.