Site icon IMLebanon

“غرندايزر” بمواجهة “سوف” حكومة الـ”كورونا”

 

المنزل كل الدنيا. حدوده الباب الموصد. وحدودنا الابتهال لاستمرار مقومات الحياة من هاتف وكهرباء وانترنت… وشكر المولى عز وجلّ على نعمة خبزنا كفاف يومنا. إلا أن سماجة ما يطالعنا به المسؤولون الذين يقتحمون الشاشة الصغيرة التي نحتاجها لنكسر مساحة الفراغ، يصرّون على تلويث يومياتنا، ويغرقون هواء البث بكمّ هائل من التفاهات، ويغذّون نقمتنا واحتجاجاتنا على بدائيتهم وهرائهم. وكأن “الكورونا” التي أظهرت عجز الكوكب، لا تكفينا.

 

وفي حين نحاول إقناع أنفسنا بالاستمتاع بسكون العالم حولنا بفعل الحجر الإلزامي والتباعد الاجتماعي، ومعه صدى الطبيعة التي تحتل بحركيتها كل ما تبقى في محيطنا، يصر نجوم المؤتمرات الصحافية والتصريحات المملة على إطلالاتهم لإيهامنا بأنهم يعملون لأجْلِنا، مع أنهم يعملون لأجْلِهم، ليقنعوا أنفسهم قبل أن يقنعونا بأنهم مسؤولون.

 

ومع الأسف لا يقنعوننا. فكلامهم لا يتضمن إلا اجتراراً مقيتاً لبديهيات حفظناها عن ظهر قلب، مقرونة بـ”سوف” يبدو أننا لن نلمس مفاعيلها الا بعد أن يفنى الغنم.

 

يا الله كم أصبحت على عداءٍ مع حرف “سوف” الذي لا محل له من الاعراب، والمفصل، منذ فجر الصرف والنحو وعلم البيان، على قياس حكومتنا، كما يبيّن “معجم المعاني الجامع”، الذي يورد ان هذا الحرف المبنيٌّ على الفتح، مخصص لأفعال المضارعة للاستقبال البعيد، ليردّ الفعل من الزمان الضيّق، وهو الحال، إلى الزمان الواسع، وهو الاستقبال. وهو يقتضي معنى المماطلة والتأخير، وأكثر ما يستعمل في الوعيد، وقد يستعمل في الوعد. ويكاد يشي بأن تطبيق الإنجازات العجائبية لهذه السلطة، ربما سيصبح قيد التنفيذ بعد انحسار الوباء. ويبدو أن الحزب/القائد لم يجد بُداً من الإلتفاف على الـ”سوف” الحكومية وفشلها الذريع. لذا شمّر عن زنوده، وعن جهوزيته التي تفوق ما تتمخّض عنه البيانات الرسمية بأشواط.

 

والأصح أن هذا الحزب أفسح في المجال، وربما متعمداً، لنضع إصبعنا في فجوة العجز الحكومي قبل أن ينزل الى الساحة ويكشف عن عضلاته، ويذكّر اللبنانيين، وتحديداً المنتفضين عليه، بأن لا غنى لهم عن أمثاله الأحزاب المذهبية. كما ينبّههم الى أن أي حكومة شكَّلها أو “سوف” يُشكِّلها، يقتصر عملها على الالتزام بتوجيهاته. وذلك على الرغم من أنه يصرّ على التنديد بمن يروّج أن الحكومة حكومته، لتبقى ممارساته إعلاناً واضحاً وصريحاً ولا يحتمل اللبس، بأن الحكومة ليست الا جزءاً تفصيلياً تافهاً. فلبنان بأسره، جواً وأرضاً وبحراً واقتصاداً وصحةً، هو كالعجينة بين يديه. وعجز الحكومة تظهره الإستعدادات الميدانية للحزب/ القائد القادر على تلبية الحاجة الى الحجر والعلاج لمصابين بالفيروس تفوق أعدادهم أضعافاً مضاعفة الأرقام الرسمية الحالية، والتوقعات الملحقة بها، ما يضرب شفافية هذه الحكومة ولجانها المتخصصة وتعبئتها العامة.

 

وهذا ما يدفع من يعي من اللبنانيين أكثر فأكثر الى اعتبار المنزل كل الدنيا، تجنباً للخطر القابع خلف الأبواب الموصدة والإصرار على الحياة بحدودها الدنيا، حتى تنتهي هذه الحرب الجرثومية العالمية.

 

وهذا ما “سوف” يدفعنا إلى التحضر لابتلاع ألستنا حيال استغلال الحزب/القائد لهذه الحرب ليفرض علينا رؤيته لجمهورية ما بعد “كورونا”، التي “سوف” يكرسها مع استعراضه لقوته ليطوِّب نفسه “غراندايزر” معركة مواجهة تطور الوباء في ربوعنا.