IMLebanon

“حزب الله” يستعرض قوّته بمواجهة “كورونا”

 

فيما يتحكم الخوف من انتشار “كورونا” بأبسط تفاصيل حياة البشر، يحاول “حزب الله” السيطرة على خوف جماعته، بل والاستثمار السياسي في هذا الخوف، كما اعتاد. لهذا الهدف يسوّق “الحزب” منذ مدة للإجراءات التي اتخذها لمواجهة انتشار الوباء في مناطق نفوذه. وتظهر الإجراءات تأهّب “الحزب” للمواجهة، وتكشف الاستعدادات أنه تلقى بجديّة الانتقادات التي ضجّ بها لبنان بعد الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس “كورونا” لسيدة قدمت من إيران. فاستدرك الخطر الذي يتهدّد الضاحية وسارع لاتخاذ إجراءات تجنّبه التماثل مع النموذج الإيراني الذي ظهر في تلك الفترة. فسارع لوضع خطة، وسار بخطى أسرع بكثير من خطى وزيره في الحكومة، وزير الصحة حمد حسن.

 

وفي إطار استعراض خطّته والاجراءت المتخذة، دعا “حزب الله” أمس الإعلاميين لجولة على مراكز مختلفة لاستعراض الإجراءات التي اتخذها. وهو استعراض قوة على الصعيد الصحّي يريد به طمأنة مؤيديه وإثبات تفوّقه على الدولة، على الرغم من استلامه وزارة الصحة وإدارته للمهمة نفسها عبر وزيره حمد حسن. ليظهر اختلاف في الآداء من داخل مؤسسات الدولة وخارجها.

 

وعلى الرغم من التعهد بمراعاة الإجراءات والتدابير الاحترازية الصحية خلال اللقاء في الدعوة الموجهة للإعلاميين، إلا أن ذلك لم يحصل. وكسرت الجولة قرار التعبئة العامة، فجمعت عشرات الأشخاص، من إعلاميين وطواقم طبية وموظفين في البلدية والهيئة الصحية، في أمكنة ضيقة، ما أدى الى احتكاكهم في ما بينهم ومخالفة شروط السلامة. حتى أنه وأثناء التنقل في سيارات الدفاع المدني أجلس الإعلاميين بالقرب من بعضهم متلاصقين. فاحتجت إحدى الصحافيات مذكّرة أحد المسؤولين بأن ذلك يخالف شروط السلامة، فأجاب بأن عدد السيارات قليل، فأجابته: “لكنها مسألة كورونا”، قبل أن تصعد قرب زميلتها.

 

بدأت الجولة في المركز الإجتماعي الصحي لبلدية برج البراجنة، وتحدث مسؤول منطقة بيروت في “الحزب”، حسين فضل الله عن جهوزيتهم التي تشمل بيروت العاصمة والضاحية والإقليم وجزءاً من الجبل. وشدد على كلمة “الضاحية” التي قّدر عدد سكانها بنحو 800 الف نسمة، ما يجعل من انتشار الوباء فيها كارثة. وأعلن المسؤول أن عدد الإصابات في الضاحية لم يتجاوز 23 إصابة، “مرده إلى إجراءات حجر ركاب الطائرة الإيرانية التي كانت جرس إنذار”. ويكشف أنه “لم يبق بالحجر أكثر من 32 حالة، و7 حالات في العزل الإلزامي”. وخلال عرضه، أشار فضل الله إلى تجهيز ثلاثة مراكز لعزل المصابين الذين لا يعانون من عوارض، بقدرة استيعابية تصل إلى 170 سريراً، “علماً أن لدينا قدرة لتأمين 1000 سرير عند الحاجة”. ويؤكد أن ما اتخذ من إجراءات هو جزء من قدرة “الحزب”، وأن بالامكان التوسع بالاجراءات وافتتاح المراكز بناء على التطورات. وفتح “الحزب”، الذي يقاوم الـ”كورونا” تحت شعار “المقاومة المجتمعية”، حساباً لجمع التبرعات في مؤسسة القرض الحسن.

 

وفي المركز أيضاً، شرح المعنيون آلية استقبال المرضى، ودخولهم وخروجهم بشكل يحفظ سلامة الجميع. حيث يدخل المشتبه بإصابته خيمة تقييم أولي، فإما يخرج من المركز عبر طريق آمن، وإما يدخله لاستكمال الفحوص بالداخل، قبل الخروج إلى خيمة وإجراء فحص الـpcr لمن ترجح إصابته بالفيروس. وانتقل الإعلاميون بعدها إلى الشارع لمشاهدة مناورة تعقيم. وعلى الطريق في منطقة الكفاءات اصطفّت عشرات سيارات الإسعاف لتكشف عن حجم الاستعداد لنقل الحالات. وكشف مسؤول منطقة بيروت بالدفاع المدني التابع للهيئة الصحية قدرة هذه السيارات على نقل 70 حالة يومياً، وتجهيز 10 منها بأجهزة تنفّس لمعالجة حالات ضيق النفس.

 

وانتهت الجولة في مستشفى السان جورج، التي تحولت إلى مستشفى مخصص لاستقبال مرضى “كورونا”. ووفق مدير المستشفى سيكون المستشفى جاهزاً لاستقبال الحالات ابتداءً من نهار الاثنين، لكن بانتظار طلب من وزارة الصحة. وفيما ينتظر “الحزب” أن تستعين الدولة الممثلة بوزيره فيها، للبدء باستقبال المرضى، يؤكد أطباء في المستشفى لـ”نداء الوطن” أن “المستشفى لم يستقبل أي حالة بالكورونا حتى الآن، على عكس ما يشاع”، إذ يطرح العديد من الشكوك حول إخفاء “حزب الله” لإصابات في صفوف عناصره ومسؤوليه. ولن يعالج المستشفى المرضى على نفقته، وإنما على حساب الجهات الضامنة ووزارة الصحة. وخلال الجولة أبى “الحزب” إلا أن يصوّر المساعدات الغذائية التي يوزعها على المحتاجين في هذه الفترة، على الرغم من هزالتها. فشملت الجولة أحد مراكز لجان الأزمات التي شكلت في بيروت والتي توضّب فيها الحصص الغذائية، ففاق حجم الدعاية حجم الحصة إذ لا تسدّ جوع طفل خلال شهر. فوفق المعنيين تبلغ قيمة الحصة الواحدة 40 ألفاً للعائلة المؤلفة من ثلاثة أشخاص، وترتفع القيمة إلى 60 لعائلة تضم 5 أشخاص، والأسرة التي يفوق عدد أفرادها الخمسة تحصل على مساعدة بقيمة 100 ألف.