Site icon IMLebanon

«ربط نزاع» مستجد بين «حزب الله» والحاكم: مصير الحكومة والخطة الاقتصادية على المحك

 

يقول العارفون ان حكومة الرئيس حسان دياب مجرد حكومة «صورية» لن تحل او تربط في موضوع الازمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة، ودورها فقط يرتكز على تغطية الفراغ وتمرير المرحلة بأقل الخسائر الممكنة بانتظار ابرام اتفاق «دولي -عربي» على تسوية سياسية شاملة في لبنان او «ميني طائف» جديد.

 

في الأصل، لو كان هناك اي تعويل جدّي على دور حقيقي وفعال لهذه الحكومة، لما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري اول الواقفين في وجه محاولات التصويب السياسي المتعدد الجبهات ضدها والتي يقود بعضها بنفسه، او على الاقل كان حاول تقديم «لبن العصفور» الذي قدمه لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري لمساعدتها على تجاوز القطوعات السياسية والاقتصادية ولكن القصة ليست كذلك ابدا.

 

ليس خافيا ان العلاقة بين بري ودياب ليست «خوش بوش» كما يقال ولا يمكن ان تكون كذلك، فبري السياسي المتمرس الذي يهوى لعبة الارانب والمشارك الاساسي في اتفاق الطائف والعهود ما بعده، لا يناسبه ابدا التعاطي مع رجل «فج» في السياسة ولا يصدق ان «واحد  زائد واحد لا يساوي اثنين» في الضرورة عند مقاربة الملفات الهامة والحساسة في البلد.

 

هذه الهوّة بين الرجلين يمكن البناء عليها لقراءة المشهد الداخلي والخارجي بشكل عام، اذ تؤكد مصادر دبلوماسية ان جهات عربية ودولية معنية بالشأن اللبناني توافق بري رأيه، وقالت بصريح العبارة لحزب سياسي فاعل ولأكثر من شخصية سياسية «انها لا ترى لها مصلحة في التعامل مع حكومة مبتدئة سياسيا، وتترأسها شخصية لا تملك ثقلا شعبيا ووزنا سياسيا يسمح لها التعامل مع القوى الاخرى في البلد من موقع المفاوض وليس من موقع المتلقي، معتبرة ان مشكلة دياب هي في عدم وجود خلفية ورافعة سياسية وشعبية له وفي بلد مثل لبنان لا مكان لهكذا شخصيات في العمل السياسي لا سيما موقع رئاسة الحكومة».

 

وهذا التوصيف بالضبط هو ما يزعج بري، الذي قبل على مضض وكما بات معلوما تمرير حكومة دياب لحاجة البلد اليها في الوقت المستقطع بين المدة المتبقية لعهد الرئيس ميشال عون وبين بدء الترتيبات الدولية للملف الاقليمي في سوريا واليمن والعراق وللعلاقات الدولية والعربية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية.

 

بصراحة يشير العارفون الى ان حزب الله وبري متفقان على النظرة ذاتها لحكومة دياب ولا ينتظران منها اكثر مما قدمت، والمفارقة هنا ان هذه الحكومة بالذات مصيرها مهدد في اية لحظة رغم كل التطمينات والوقائع التي تشير الى امكانية صمودها واستمرارها حتى نهاية العهد.

 

يقول هؤلاء ان ازمة كورونا قد تكون مبدئيا انقذت الحكومة، فالمنطق يقول انه قبل الازمة، كانت اية لحظة اقليمية ودولية مؤاتية ستدفع حكما ثنائي «حزب الله -امل» الى الاطاحة بها، ولا سيما ان اي ترتيب من هذا النوع معناه اعادة انعاش الاقتصاد وضخ سيولة في البلد وهو اهم من الابقاء على حكومة «صورية».

 

وهنا نأتي الى الاهم، حسب العارفين، فالمعطيات تشير الى ان ثنائي «حزب الله – امل» اعطى فترة سماح عملية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لاعادة ترتيب وضع صغار المودعين ومحاولة لملمة الازمة المالية بما يسمح باستقرارها عند الحدود التي وصلتها حاليا بانتظار تبدد المشهد الدولي باتجاه تحديد مصير هذه الحكومة.

 

تصريح نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بعدم ممانعة الحزب توظيف نائب للحاكم له علاقات مع الولايات المتحدة يصب في الاتجاه نفسه، ويعني ان الحزب ومن خلفه بري يتعاطى ببراغماتية في الملف الاقتصادي ومتشعباته الدولية والاقليمية افساحا في المجال امام ترتيب مُعين يقوده بري ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم لتخفيف الضغوطات المالية على لبنان وضخ السيولة اللازمة سواء عبر المساعدات او القروض.

 

وهذا يقود بحسب العارفين الى نتيجة عملية مفادها ان الخطة الاقتصادية المنتظرة سوف تكون نتيجة تفاهمات سياسية داخلية ودولية لانها مقترنة بشكل مباشر بموضوع صندوق النقد الدولي والتعيينات المالية ومصير المصارف والحاكم وموضوع ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الاسرائيلي ومسألة استخراج النفط وموضوع اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، بما معناه ان حكومة دياب غير قادرة ولا تملك قرارا واضحا للبت في مسألة الخطة الاقتصادية التي تعمل عليها اذا افترضنا انه سمح لها بتقديمها.

 

كل المعلومات المتوافرة تشير الى ان هذه النقطة كانت وما زالت موضع نقاش بين قوى اساسية في البلد وجهات دولية نافذة دون التوصل الى تفاهم حولها في ظل وجود توجهين في هذا الخصوص، واحد يقول ان الظرف الداخلي الصعب يفرض اعداد خطة اقتصادية في القريب العاجل واخر يتذرع بان الظرف الدولي غير مؤات لابرام تسوية بهذا الحجم في ظل انشغال العالم بجائحة كورونا.

 

وهنا نعود الى بيت القصيد: ان تصويب بري على الحكومة ورئيسها لا يخرج عن هذا السياق، واذا اردنا ان نعرف مصير الحكومة والخطة الاقتصادية فلنراقب جيدا اداءه ومواقفه.