Site icon IMLebanon

حزب الله» متمسك بالطائف.. ولا جلسة انتخاب بلا اتفاق على عون

تطرح علاقة «حزب الله» بمسيحيي لبنان، وموارنته تحديداً، تساؤلات عدّة، خصوصا بعدما تأكد أن نواب «كتلة الوفاء للمقاومة» سيحضرون جلسة «تشريع الضرورة» التي سيدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبعد معلومات متواترة من قبل خصوم الحزب السياسيين بأن حضور نوابه لجلسة التشريع ستنسحب حضورا وتكملة للنصاب في جلسة انتخاب رئاسة الجمهورية المقبلة، سواء قبِل «الحليف» العماد ميشال عون أم رفض.

زادت حدّة التساؤلات بعد تصريح رئيس الهيئة الشرعيّة في «حزب الله» الشيخ محمّد يزبك الذي تحدّث في احتفال بقاعي عن رفض العودة الى «المارونية السياسية»، والتي يبدو، بحسب المعلومات، أن الشيخ يزبك قال عبارته في خطاب جماهيري كما هي عادة مشايخ «حزب الله» في الاحتفالات في القرى والبلدات، ولم يكن يزبك يصوّب فيها على الموارنة أو مسيحيي لبنان، بل جلّ ما أراد قوله أن «حزب الله» لا يمكنه القبول بالانتقال من هيمنة طائفة الى أخرى أو من هيمنة فريق سياسي الى آخر، بحسب العارفين بالموضوع.

وأكبر دليل على عدم جدوى التصريحات «الآذارية» التي انتقدت كلام يزبك وشيّدت عليه قصورا وصروحا، قيام الشيخ يزبك بجولته السنوية المعتادة في عيد الفصح مهنّئا مطارنة زحلة وبشري ودير الأحمر بالعيد، ومؤكدا في الوقت عينه متانة العلاقة المسيحية في البقاع مع «حزب الله».

حوار متقدّم مع «الكتائب»

ولدى القارئين في سلوك «حزب الله»، أن الأخير يقيم علاقات جيدة مع جميع القوى المسيحية باستثناء «القوات اللبنانية» التي يبدو أن العلاقة معها غير مرشحة للتقدّم في الوقت الراهن، وثمة حوار متنام بينه وبين حزب «الكتائب» وقد وصل الى مراحل متقدّمة وكانت مطالبات أخيرا بأن يتقدم الحوار على مستوى الصفّ الأول، أي بين رئيس الحزب النائب سامي الجميل ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد بعدما تقدّم أشواطا بين النائبين علي فياض وإيلي ماروني.

ولا ضرورة للحديث عن العلاقة المتينة التي تربط «حزب الله» بـ «تيار المردة» و «التيار الوطني الحرّ» ومع البطريركية المارونية حيث هناك «لجنة حوار» مع بكركي تجتمع شهريا مع ممثلي البطريرك وتقدّم تقييما شاملا للوضع، الى علاقات أرساها «حزب الله» مع الرهبانيات اللبنانية في مناطق نفوذه.

المصالحة المسيحية

وعلى عكس ما راج من حساسيّة شعر بها «حزب الله» تجاه مصالحة «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحرّ»، فإن هذه المصالحة تقرأ من ناحية استراتيجية سياسية لجهة أنّ ثمارها السياسية أفرزت عمليا تأييداً لمرشح «حزب الله»

العماد ميشال عون الذي نال إجماعا مسيحيا غير مسبوق.

النقطة الوحيدة التي أزعجت «حزب الله» في ما أطلق عليه «المصالحة التاريخية»، تمثلت بمحاولة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع دقّ إسفين الخلاف بين «حزب الله» وعون لناحية التصويب على قضية عدم ضغط الحزب على النائب سليمان فرنجية وعلى الرئيس نبيه بري لتسهيل انتخاب العماد عون رئيسا.

برأي «حزب الله» أن هذه المحاولات فاشلة لأنّ حلفاءه يدركون موقع كلّ منهم لديه. وفي الجواب الديبلوماسي للحزب بأنه لا يفرض شيئا على حلفائه ولا يقبل أن يفرضوا عليه ما لا قدرة له عليه، مثل مشاركته المقبلة في جلسة البرلمان التشريعية، ولا تتوانى بعض القنوات العارفة بمناخ الحزب عن التساؤل في كيفية تفكير الجنرال عون واعتقاده أنه قادر على النجاح كرئيس للجمهورية فيما لا يزال يشكك بشرعية البرلمان ويقيم علاقة سيئة مع رئيسه. يتجاوز «حزب الله» خلاف حليفيه وينظر الى الأهم المتمثل بـ «ورقة التفاهم» بينه وبين «التيار الوطني الحرّ» والتي بلغت الأعوام العشرة وتخطت «قطوع» حرب تموز 2006 وحوادث أيار 2008 وأثبتت قدرتها على الصمود، وهي ستبقى لفترة طويلة لأنها تقوم على ركائز تفيد طرفيها.

وإذا كان العماد عون قد عبّر، عبر قنواته، عن تفهّمه لمشاركة «حزب الله» في جلسة «تشريع الضرورة» مقدّرا عدم ضغط الحزب عليه للمشاركة بدروه، فإن خصوم الطرفين بدأوا ينسجون التوقعات حول الجلسة الانتخابية المقبلة، معتبرين أن «حزب الله» قد يسلك السلوك عينه ويشارك فيها، ما سيوصل حليفه سليمان فرنجية الى سدّة الرئاسة الأولى.

مع عون حتى النهاية

في هذا الإطار، لم يتزحزح «حزب الله» قيد أنملة عن موقفه المعلن بأن لا ذهاب الى جلسة انتخاب رئاسية من دون الاتفاق خارجها على ميشال عون رئيسا. ويستذكر المتابعون بأن الاتفاق على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان حصل في الدوحة ولم يكن الموضوع عدديا في المجلس النيابي، وانتخاب الرئيس يسبق الاتفاق على «السلة» التي تشمل رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء وقانون الانتخابات النيابية، وهو الأهم، الى تفاصيل أخرى تتعلق بتعيينات كبار الموظفين. لا يدخل العارفون بمناخات «حزب الله» في تفاصيل «السلّة» ومكوّناتها مكتفين بتكرار لازمة تشير الى أن «حزب الله» متشبث باستقرار لبنان وبالحوار وبعمل المؤسسات وبأن تبقى المقاومة بخير.

لكنّ أكثر ما يلفت للانتباه هو قول العارفين بمواقف الحزب بأن لا رجعة الى الوراء في ما يخص اتفاق الطائف ولا حديث عن مؤتمر تأسيسي، إذ إن ما كتب حول هذا الموضوع شكّل تحويرا لكلام أمينه العام السيد حسن نصر الله الذي قال إنه إذا شعر بعض اللبنانيين بالغبن وأن الطائف قاصر عن تلبية حقوقهم، فيمكن حينها إقامة مؤتمر تأسيسي.

لكن هذه الفكرة لم تطرح البتة في اجتماعات الحزب السياسية، وجلّ ما يرومه «حزب الله» اليوم هو انتخاب رئيس جمهورية لديه نفوذ في مجلسي الوزراء والنواب، وقادر على تحقيق التوازن من خارج الصلاحيات الممنوحة له.