بقدر ما انشغل الإعلام العربي والغربي بسيناريوات مفترضة عمن يقف وراء اغتيال القيادي في “حزب الله” مصطفى بدر الدين، كانت التبعات المحتملة لمقتله على الحزب وخصوصاً دوره في سوريا، محوراً لتكهنات كثيرة أيضاً، نظراً إلى الدور الرئيسي الذي كان يضطلع به هناك. وقد نقل الحزب عنه قوله إنه لن يعود من هناك إمّا محمولاً وإما حاملاً راية النصر.
في المشهد العام ثمة إجماع على أن مقتل قيادي بحجم بدر الدين يشكل ضربة قوية للحزب. فالرجل الذي عرف باسماء كثيرة وبقي شبحاً لا يمكن تعقبه لا بالنسبة إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فحسب، وإنما أيضاً لمقربين من الحزب، نشط في صفوف الحزب على أكثر جبهاته سخونة، وسجل له أهداًفاً كبيرة في مرمى خصومه، من المصالح الغربية في دول الخليج الى أهداف إسرائيلية في أوروبا وأميركا اللاتينية، مروراً بقلب بيروت وجنوب لبنان، وصولاً أخيراً إلى الجبهة السورية.
فبعد مقتل القيادي عماد مغنية في انفجار في دمشق، رقّي بدر الدين إلى منصب رئيس عمليات “حزب الله”، التي تشمل الجماعة في الخارج. ومنذ انخراط الحزب في النزاع السوري، أشرف بدر الدين على عملياته، بدءاً من المعركة الأولى في القصير ولاحقاً مع تحول التدخل من مهمة لحماية المزارات الشيعية إلى التزام تام في المعارك دفاعاً عن النظام السوري.وليس مقتله في محيط دمشق إلا تأكيداً لدوره هذا.
من هذا المنطلق، يبدو بديهياً القول إن مقتل بدر الدين سيكون له أثر كبير على التزام الحزب مهمته في سوريا. هذا إضافة إلى تأثيره على مستوى العلميات في ميادين أخرى نظراً إلى الدور الذي اضطلع به في المسيرة العسكرية للحزب.
وكان الزميل علي هاشم أكثر دقة في تحديد التغيير الذي سيطرأ على الحزب بعد مقتل بدر الدين. وقال في موقع “المونيتور” إن التأثير الكبير على القيادة العسكرية لـ”حزب الله” سينجم تحديداً عن أنها المرة الأولى تكون ثمة قيادة من خارج أسطورة بدر الدين ومغنية. وهو ينقل عن مصدر قريب من الحزب أن هذه فرصة لضخ دماء جديدة في جسد الحزب، مع إقراره بأن أمراً كهذا سيكون له أثر مختلف في سوريا.
ليست المرة الأولى يخسر “حزب الله” قيادياً رفيع المستوى خارج جبهته الرئيسية المفترضة مع إسرائيل. وبعدما استنزفت الجبهة السورية الكبار، يبدو انه بات مضطراً الى ضخ دماء جديدة في حرب تورّط فيها ولن يحصد فيها إلا مزيداً من الدماء.