Site icon IMLebanon

«حزب الله» بعد هزيمة «داعش»: مواجهة أعداء من نوع آخر

«على الغرب إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية لا تدميره. باستطاعة التنظيم الضعيف إشغال اللاعبين السيئين (كحزب الله) وعرقلة سعي إيران للهيمنة الإقليمية».

البروفسور الإسرائيلي إفراييم إنبار

مدير مركز «بيغن ـ السادات»، 2 آب 2016.

***

هي مسألة وقت فقط قبل أن تتكشف صحة خيارات «حزب الله» في سوريا والعراق واليمن.

فعلى الرغم من الأثمان الكبيرة، يسير الحزب الإقليمي على خطى تحقيق انتصارات في المعارك التي يخوضها مباشرة أو تلك التي يلعب فيها دورًا استشاريا.

يتحول الصبر إلى عامل حسم عسكري في معارك من نوع تلك التي تشهدها منطقتنا.

لا تخفِي قيادة «حزب الله» في لقاءاتها المغلقة والعلنية إدراكها حجم التضحيات، كما عامل الوقت، ودورهما في تغيير معالم المشهد لمصلحة المحور، من دون أن يعني ذلك أن الحرب ستنتهي باستعادة حلب أو الموصل.

يرتبط دور «حزب الله» مستقبلا في أحد أبعاده بالشكل الذي ستطل فيه «داعش» بنسختها المحدثة؛ سواء تمثلت:

1 ـ بجيل جديد من أشبال الخلافة القادرين على نقل المواجهة إلى مستوى أمني ـ مذهبي غير مسبوق،

2 ـ أو في حال أعاد التنظيم انتشاره في بقع جغرافية «ميتة» ينطلق منها بين الفينة والأخرى لشن هجمات في بلاد الشام،

3 ـ أو في اتخاذ «داعش» شكلا مختلفا بالكامل وتنتقل نواته التأسيسية من ضباط سابقين في «حزب البعث» العراقي إلى إدارة تنظيم مسلح آخر بوجه غير ديني!

في الحالة الأولى، سيتوجب على «حزب الله» اللجوء إلى ما هو أكثر تعقيدا من المواجهة العسكرية المباشرة، والتركيز أكثر على العمليات الأمنية الوقائية بالتزامن مع حملات إعلامية مستمرة شبيهة في إحدى أوجهها بتلك التي خاضها ضد جيش العميل أنطوان لحد في جنوب لبنان إبان مرحلة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني.

وإذا كانت المواجهة العسكرية وطبيعة الميدان السوري قد فتحتا الباب أمام الحزب للاستفادة من التجربة الروسية (التماس غير المباشر في أغلب الأحيان) ومن نظامية الجيش السوري، فإن من شأن الحرب الأمنية مع «الذئاب المنفردة» (الأشبال «الدواعش») أن تفتح الباب أمام تعاون أمني بين «حزب الله» ودول وأجهزة «براغماتية» قادرة على تفهم موقف الحزب من الصراع مع اسرائيل، وتريد في الوقت نفسه الاستفادة من الخبرات وقاعدة المعلومات التي راكمها ويراكمها، في سعيها لمكافحة ارهاب «داعش» المستقبلي وأشكاله الجديدة.

في الحالة الثانية، سيتركز أكثر دور «حزب الله» استشاريا، مع لحاظ أن الحرب في سوريا تبقى المحرك الثابت الذي يقود دور الحزب في المرحلة المقبلة على المديين القريب والمتوسط. وبالتالي فإن الشكل الذي سيتخذه القتال ضد «داعش» في هذه الفرضية، مرتبط بواقع المشهد السوري آنذاك.

فرضية الحالة الثالثة هي الأكثر جدلية ومدعاةً للتأمل. لا دراسات أو أبحاث أميركية أو اسرائيلية تشير صراحة الى الاستفادة من تجربة «داعش» لإنشاء تنظيم اخر هجين يخدم ما يُرسم للمنطقة، لكن النية باستخدام التنظيم في استنزاف «حزب الله» وحلفائه موجودة بالتأكيد. كلام الخبير الاسرائيلي المرموق أعلاه انعكاس بديهي لما يجول في عقول أعداء الحزب وإيران وسوريا.

***

بما ان التاريخ يعمل وفق نظرية «رقّاص الساعة» (Pendulum)، فإن مرور الشرق الأوسط والعالم العربي بمرحلة شبيهة بتلك التي حصلت في أوروبا في القرون الوسطى ـ وهي مرحلة مهّدت لتحديد سلطة الكنيسة ـ يطرح أسئلة حول المدى الذي ستصل اليه المنطقة في رفضها للتطرف (الذي يتخذ من الدين لباسا) والتغيرات التي ستسببها هذه الحركة، قبل أن تعيد قوة الجاذبية التاريخية المنطقة الى نقطة التوازن.

في السيناريوهات جميعها، على «حزب الله» إيلاء الاهتمام اللازم لمواكبة التحول الثقافي.. والاستعداد لمواجهة أعداء من نوع أخر.