IMLebanon

حزب الله سبق واشنطن ولندن في اختراق الاستخبارات الاسرائيلية

أظهرت وثائق سرية نشرتها وسائل الاعلام الاسرائيلية أمس، نقلاً عن موقع “إنترسبت” الأميركي، أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية تجسّست لأكثر من 18 عاماً على منظومة “الطائرات من دون طيار” التي تملكها إسرائيل، وتمكنت خلالها من اختراق تشفيرات تشغيل هذه الطائرات في النشاطات الاستخبارية والعسكرية في المنطقة. ووصف مسؤول عسكري اسرائيلي الوثائق التي نشرت بأنها “هزة أرضية في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي”.

ولكن، برغم “خطورة الاختراق”، يكشف تاريخه وأسلوبه حقيقة أخرى، وهي أن حزب الله كان السبّاق الى هذا الاختراق، وتمكّن من ترجمة هذا الانجاز الاستخباري والتقني عملانياً عبر ابادة قوة خاصة من البحرية الاسرائيلية في كمين نفذه مقاوموه في بلدة انصارية الجنوبية عام 1997.

ويشير تاريخ بدء الاختراق الاستخباري الاميركي لمنظومة “الطائرات من دون طيار”، منذ عام 1998، الى أن حزب الله سبق واشنطن ولندن في ذلك. وقد استعادت صحيفة “يديعوت احرونوت” الانجاز الاستخباري الذي نفذه حزب الله في انصارية عام 1997 وادى الى مقتل 12 عنصرا من وحدة “الشييطت”، وذكَّرت بأن أوساط الجيش الاسرائيلي سخرت من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يومها أن الكمين لم يمكن صدفة، وانما عملية استندت الى معلومات استخبارية دقيقة. وتبين لاحقاً، بحسب “يديعوت”، أن نصر الله كان دقيقا في ما قاله، وهو “عرض بابتسامة صفراء لاحقاً، في مؤتمر صحافي، صور الطائرات من دون طيار التي كانت تستطلع المنطقة في الاسابيع التي سبقت العملية”. وهو ما أظهر أن عناصر حزب الله تمكنوا من اختراق الطائرات من دون طيار، وعرفوا أي منطقة بالذات يرصد الجيش الاسرائيلي.

وقد دفع ذلك، يومها، الاجهزة الامنية الاسرائيلية الى استثمار “جهود ومقدرات غير مسبوقة”، كما يؤكد أحد المشاركين في هذه المهمة، لتشفير قناة البث من الطائرات غير المأهولة الى القاعدة. وجرى ذلك في موازاة مساع لتحويل هذه الطائرات الى احدى الادوات المركزية، إن لم تكن الاكثر أهمية، لجمع المعلومات واستثمارها عملانياً.

ومع أن الاسرائيلي، ومعه حزب الله، قد تطورت قدراتهما في هذا المجال. إلا أن الوثائق والصور التي سرّبها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي، إدوارد سنودن، تكشف أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية تجسست على الطائرات الاسرائيلية من دون طيار، من قاعدة عسكرية محصنة في قبرص، وأخرى في بريطانيا. وتمكّن الطرفان، في إطار حملة عسكرية أطلق عليها اسم “فوضوي” (Anarchist)، من اختراق التشفيرات التي تستخدمها إسرائيل في نشاطاتها العسكرية في الشرق الأوسط.

ولفت التحقيق الاميركي الى أن الجهازين الاستخباريين، بناء على توجيهات من المستوى السياسي، بذلا جهداً كبيراً في مراقبة استعدادات إسرائيلية محتملة لشنّ ضربة عسكرية في إيران. وتجسست الدولتان ضمن الحملة الاستخبارية التي أدارتها وكالة الأمن القومي الأميركي (N.S.A) ونظيرتها البريطانية (G.C.H.Q)، على دول ومنظمات أخرى في الشرق الأوسط، منها: مصر وتركيا وإيران وحزب الله، لكنها وضعت اسرائيل في مركز عملها. وهو ما وصفه مسؤول استخباري إسرائيلي كبير بأنه “التسريب الأخطر الذي حصل لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية. لقد قام الأميركان والبريطانيون بتعريتنا بقوة”.

وتظهر الوثائق أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية رصدت كل ما يحصل بين الطائرات وقواعدها، من إصدار أوامر قصف واستقبال الصور. وأهمية هذا الاختراق أنه مكَّن واشنطن ولندن من الاطلاع على المعلومات الاستخبارية التي تجمعها الطائرات في غزة والضفة الغربية وفي أنحاء الشرق الأوسط. وتبين أيضا أن نوعين من هذه الطائرات يحمل صواريخ وقنابل تستخدم في تنفيذ عمليات اغتيال. وهي تنطلق من مجموعة قواعد عسكرية في إسرائيل، بينها “تل نوف” و”بلماحيم” و”عين شيمر”.

الى ذلك، أشارت وثيقة للاستخبارات البريطانية تعود الى عام 2008 إلى أن هذا التغلغل في منظومة الطائرات من دون طيار الإسرائيلية ‘لا بديل له لفهم الجيش الإسرائيلي وعملياته، ونتيجة لذلك يمكننا فهم التطورات المستقبلية في المنطقة”.