Site icon IMLebanon

«حزب الله».. تبديلات ومناقلات لـ«تطويق» الأزمات

بدأت الازمات تتشابك داخل «حزب الله» في السياسة كما في العسكر، على الرغم من القرار الذي أوصت به القيادة بإبقاء كل التوصيات التي تخرج عنها طي الكتمان، إلى حين الإعلان عنها بشكل رسمي. ويبقى الأهم أن معظم أزمات الحزب إن لم تكن جميعها، ناجمة عن تدخله في الحرب السورية التي انعكست سوءاً على علاقته بجمهوره أولاً وداخل قيادته السياسية والعسكرية ثانياً، وتحديداً على صعيد التعيينات التي لم يعد فيها للكفاءة أي دور، بعدما سقطت بيد التبعيات والمحسوبيّات والإنهزامات المعنوية المتلاحقة والمتعددة.

بعد الإنتهاء من معركة حلب التي أنهكته والتي أوصلته إلى مرحلة كاد أن يُعلن فيها إفلاسه العسكري، وبعد إستراحة نوعية هي الأولى من نوعها منذ تورطه في الحرب في سوريا، بدأ «حزب الله» يُعيد قراءة أوراقه ويُراجع حجم الخسائر التي تكبدها في سبيل قضية تكاد تصل إلى حد اللا شيء خصوصاً إذا ما قورنت مع المستجدات السياسية التي طرأت أخيراً لجهة التفاهم الروسي ـــ التركي الذي ابقى على إيران ومحورها، خارج «اللعبة» الإقليمية، أو بالأحرى بعيداً عن تقاسم «قطعة الجبن« سواء في ما يتعلّق بالفرز الجديد لساحات الحرب المُقبلة في الداخل السوري، أو حتّى عملية التهدئة التي يُمكن ان تطول في أكثر من منطقة في سوريا وخصوصاً الأرياف.

في ميزان «حزب الله» فإن خسارة أكثر من الفي مُقاتل مقابل تأمين الحدود من هجمات «التكفيريين» بحسب إدعاءاته التي على أساسها تورط في هذه الحرب، تعتبر عمليّاً ضربة قاصمة له خصوصاً إذا ما تبيّن بالأرقام أن مُجمل خسائره البشريه خلال حربه مع إسرائيل منذ العام 1982 وحتى حرب تموز 2006، قد يتجاوز هذا الرقم ولكن ليس إلى حد كبير بالإضافة إلى العدد الكبير للجرحى الذين توصف معظم حالاتهم بالحرجة، وهذا ما تُظهره حالات الوفاة تباعاً التي تشهدها المُستشفيات التابعة للحزب، للعديد منهم وآخرهم العنصر وسام برجي من بلدة مركبا. إضافة الى هذه الحالات، ثمة أجواء مشحونة داخل بيئة «حزب الله» سببها إستعادة عدد من الجثث تعود لعناصره، كان فقدهم منذ أشهر أو سنوات في العديد من المناطق التي كان يخوض فيها حروباً مثل «الغوطة» و»مضايا» وحلب، واليوم في منطقة وادي بردى حيث يخوض حرباً مماثلة يصفها بـ»المصيرية». وآخرها جثة العنصر محمد حسين حسن هاشم «ساجد» من البازورية.

في السياسة الخارجية، ما زال «حزب الله» يُعاني الحصار المفروض عليه من المجتمع الدولي لأسباب عديدة تراوح بين تبييض أموال وانشطة إرهابية وصولاً إلى إتهامات متعلقة بتجارة المخدرات. وآخر الإتهامات هذه خرجت عن بيان للخارجية الاميركية أشارت فيه إلى انه «تم وضع كل من علي داموش (54 عاماً)، المولود في مدينة صيدا لبنان، ومصطفى مغنية (30 عاماً)، المولود بالعاصمة الإيرانية طهران، في التصنيف الخاص بالإرهاب العالمي«، مشيرة إلى أن «مهمة الاول هي قيادة قسم العلاقات الخارجية لحزب الله، والمختص بتنفيذ عمليات إرهابية سرية في مختلف أنحاء العالم، نيابة عن المنظمة، بما في ذلك تجنيد عملاء إرهابيين وجمع المعلومات الاستخبارية«. أما مغنية فهو «قيادي عسكري في حزب الله، وهو ابن القيادي العسكري في الحزب، عماد مغنية، الذي اغتيل في العاصمة السورية دمشق عام 2008، وابن أخ القيادي العسكري في ذات المنظمة، مصطفى بدر الدين، سبق له أن قاد عمليات الحزب في مرتفعات الجولان، وهو مساعد في تنظيم البنية التحتية للمجموعة الإرهابية«.

أمّا في الشق الداخلي، فقد لمس الحزب جديّاً مدى حالة التململ بين جمهوره خلال الإنتخابات البلدية، من خلال نسبة الأصوات المُنخفضة التي مُنحت للوائحه خصوصاً في منطقة البقاع التي كان قاب قوسين أو ادنى من السقوط المُريع فيها على يد العائلات والعشائر، لولا انه استدرك الأمر في اللحظات الاخيرة، وبدّل تحالفاته لتشمل بقية الأحزاب التي كان حتى الأمس القريب، لا يعترف لا بقوّتها التجييريّة ولا بحجمها التمثيلي. ومن أزمة البقاع، الذي كاد أن يُسقطه بضربات مؤلمة، اتخذ «حزب الله» قراراً لا رجعة عنه في الأسابيع الأخيرة، عقب إجتماعات متتالية لقيادته، يقضي بإحداث تبديلات ومناقلات داخل هيكليته وبنيته التنظيمية، على أن يكون لمنطقتي بعلبك ـــ الهرمل، الحصّة الأكبر منها، يُمكن أن تصل إلى مراكز رفيعة وقد تصل إلى رئاسة «المجلس الجهادي« الذي أصبح شاغراً بعد مقتل القيادي مصطفى بدر الدين «ذوالفقار»، خصوصاً في ظل غياب أي مؤشر لإنعقاد المؤتمر العام للحزب قريباً.