طُويت صفحة التجاذب حول مصير قائد الجيش العماد جوزف عون بعد إقرار مجلس النواب قانون التمديد له ولمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. لكن، مخاض ولادة هذا القانون ترك عوارض سياسية جانبية على العلاقات بين بعض القوى الداخلية.
لعلّ العلاقة بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، موضوعة اكثر من غيرها، تحت المراقبة لتبيان أثر سيناريو التمديد في المجلس على مسارها المتعرّج والمتعثر منذ مدة طويلة.
وقد عكست ردود فعل بعض قيادات «التيار» انزعاجاً من الموقف النهائي الذي اعتمده «حزب الله» في لحظة الحسم بعد فترة من الأخذ والردّ، بينما كان «البرتقاليون» يأملون في أن يبدي تشدّداً أقوى وحزماً أكبر في مقاربته لهذه القضية.
لكن المطلعين على موقف الحزب يؤكّدون انّه تعامل بواقعية سياسية مع ملف قيادة الجيش، وفعل كل المستطاع للوصول إلى نتيجة تحقّق المصلحة العليا من جهة وتُرضي التيار من جهة أخرى.
ويلفت هؤلاء الى انّ الحزب لم يقدّم اساساً اي التزام قاطع للتيار بمنع او برفض التمديد لقائد الجيش لكي يُتهم بالتراجع عنه، بينما عندما التزم بالاستمرار في دعم ترشيح العماد ميشال عون حتى انتخابه رئيساً، بقي ثابتاً على خياره طوال سنتين ونصف سنة الى ان دخل عون قصر بعبدا.
ويلفت العارفون الى انّ الحزب حدّد منذ البداية ثابتة وحيدة وأساسية، وهي وجوب تفادي الفراغ في قيادة الجيش، وبالتالي كان منفتحاً على كل الخيارات التي يمكن أن تحقق هذا الغرض، سواء عبر تعيين قائد جديد أو التمديد لجوزف عون او تعيين رئيس أركان يحلّ مكانه عند انتهاء ولايته.
ويشير المواكبون لمجريات الكواليس، الى انّ الحزب لم تكن لديه اصلاً مشكلة مع التمديد لعون، ولذلك لم يجد نفسه معنياً بخوض معركة كسرعظم ضدّ هذا الاتجاه عندما أصبح راجحاً، خصوصاً انّها معركة خاسرة سلفاً وحكماً بفعل التوازنات السائدة.
ويعتبر الحزب انّ من تعاون مع جوزف عون ست سنوات يمكنه ان يضيف اليها سنة إضافية لضرورات المرحلة، خصوصاً انّ التجربة لم تكن سيئة، أما الربط بين حصول التمديد وبين دور مفترض لقائد الجيش في تطبيق القرار 1701 وفق مقاربة جديدة، فلا يوليه الحزب أهمية ولا يبني عليه، لاقتناعه بأنّ هذا الأمر باتت له أبعاداً متشابكة ومتشعبة، وهو أكثر تعقيداً من ان يتمّ اختزاله بشخص عون.
ويشعر الحزب انّه أدّى واجبه حيال التيار عندما سعى اولاً، ضمن ترتيب سلّم الأولويات، الى إمرار التعيين ثم التمديد عبر الحكومة، لكنه لم يفلح في ذلك لانّه ليس الجهة المقرّرة حصراً ولا يختصر كل اللعبة واللاعبين، وهناك حدود لقدرته على الضغط، وفق رأي القريبين منه، فكيف إذا كان غير مقتنع في الأساس بوجوب الذهاب في الاعتراض حتى حدود صنع مشكلة او أزمة ليس هذا أوانها، وسط التحدّيات التي يخوضها على الحدود الجنوبية.
ويلفت المحيطون بالحزب الى انّ النصاب في الجلسة النيابية لإقرار التمديد كان متوافراً بوجوده او عدمه، وعند طرح اقتراح قانون التمديد على التصويت انسحب نوابه من الجلسة في إشارة إلى مراعاة خاطر التيار.
وبناءً على كل الحيثيات، فإنّ الحزب حقّق وفق تقديراته الآتي:
– تفادى حصول اي «زعل» بينه وبين قائد الجيش في لحظة مفصلية تتطلّب أعلى درجات التنسيق في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب واي تطورات ميدانية لاحقاً.
– لم يقف ضدّ مزاج مسيحي عريض يشكّل البطريرك الماروني بشارة الراعي أحد مكوناته.
– لم يكسر الجرّة مع رئيس التيار النائب جبران باسيل، ولو أصبحت متفسخة نتيجة التراكمات.
أما «التيار الحر» فإنّ حساباته مغايرة على الأرجح.