IMLebanon

«حزب الله» ونصائحه للغير

كم هو مؤلم مشهد فاجعة أهالي مخطوفي الجيش اللبناني وأبناء عرسال. وكم هو مؤثر صراخهم للحكومة والمسؤولين وثورتهم عليهم التي يتفهمها كل لبناني لديه قلب وشعور. مما لا شك فيه أن خطف الأبرياء أينما كانوا وفي أي بلد كان، هو إرهاب وحشي وجبان، لأنه ابتزاز لاإنساني ومخذل. ولكن خطف أبناء الجيش اللبناني من مختلف الطوائف، مسلمين ومسيحيين ودروزاً، لدفع ثمن سياسة «حزب الله»، هو وسيلة إرهابية مرفوضة.

إن حرب هذا الحزب إلى جانب النظام السوري تجر لبنان إلى صراع مع وحوش «داعش» وقوات نظام بشار الأسد. ومن أغرب ما صدر عن «حزب الله» منذ بضعة أيام نصيحة إلى مملكة البحرين بأن تحسن معاملة المعارضة البحرينية وأن تتعاون معها. وكأن «حزب الله» يتناسى أنه هو نفسه، واعظ مملكة البحرين، يقود الحرب في سورية ويحارب المعارضة الوطنية السورية ويقف إلى جانب نظام بشار الأسد لقتل هذه المعارضة الوطنية وقمعها، فلماذا لم يدافع «حزب الله» إذاً عن الشعب السوري في درعا عندما بدأت التظاهرات في سورية وأطلق الحرب فيها بشار الأسد قبل ظهور «داعش»؟ هل إن المعارضة السورية السنية تستحق أن تموت وتقتل في حين أن «حزب الله» يدعو حكومة البحرين إلى التعاون مع المعارضة التي هي شيعية؟ إن «حزب الله» في حربه في سورية جر لبنان إلى المزيد من الطائفية والكراهية بين المسلمين من شيعة وسنة. إن تعدد الطوائف في لبنان ووجود مسيحيين ومسلمين ودروز فيه هو ركيزة البلد، وجره إلى المزيد من الطائفية والانقسام السني- الشيعي أخطر الأمور على وجوده، وعلى الحزب نفسه أيضاً.

إن «داعش» قوة وحشية لا علاقة لها بالإسلام، دينها الوحيد هو القتل والوحشية، فأكثر عناصرها كان في سجون العراق وسورية، واستُخدمت من النظامين حتى أصبحت خطراً عليهم. ومن يقول إن لا علاقة بحرب «داعش» في عرسال وخطف الأبرياء بحرب «حزب الله» في سورية يخفي الحقائق. إن نظام بشار الأسد ومعركة قواته وقوات «حزب الله» مع «داعش» تهدد مصير لبنان والتعايش فيه، و «حزب الله» الذي اعتقد أنه الأقوى في لبنان ولا حاجة له برئيس جمهورية، سيرى أن حرب عرسال وجر الصراع السوري إلى لبنان مع المزيد من الكوارث، مثل خطف أبناء الجيش اللبناني، تتطلب استقرار لبنان. والفريق اللبناني الذي طالب بإجراء انتخابات رئاسية وأبدى ليونة لسحب مرشحه مقابل التوصل إلى رئيس توافقي، تخوَّفَ من الفراغ عن حق، فالحزب يلعب باستقرار لبنان الأمني والاقتصادي، مع غياب السياحة الخليجية وصعوبات حصول اللبنانيين على تأشيرات عمل في الكثير من هذه الدول، وإيران تدفع «حزب الله» إلى انتهاج سياسة تخدم مصالحها الإقليمية ولكنها لا تخدم مصلحة الحزب اللبناني محلياً، لأن زعزعة استقرار لبنان ليست لمصلحة الحزب، وخوضه الحرب في سورية إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة الشعبية كانت خطأ استراتيجياً سيضعفه محلياً في النهاية، فقبل أن يعطي «حزب الله» نصائحه الثمينة للبحرين من الأفضل أن ينظر إلى أوضاعه في سورية ولبنان ويعيد حساباته الخاطئة ويُفهم حليفَه الإيراني أن مصلحته هي استقرار لبنان وليس تسليم إيران ورقة لبنان، إضافة إلى سورية والعراق.