IMLebanon

«حزب الله» والقلق الأميركي

 

هذا القلق الأميركي «الفاتر» الذي أبدته بالأمس السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد من تنامي دور «منظّمة لا تزال تحتفظ بميليشا» في الحكومة، تخيّلوا، السفيرة الأميركيّة تُجهّل حزب الله ولا تُسمّيه مع أنّ بلادها تصنّفه منظمة إرهابيّة، بالطبع قلق الولايات المتحدة الأميركيّة لا يعني حزب الله ولا يُقدّم ولا يؤخّر بالنسبة له، والحزب أيضاً لا يكترث أساساً لعنوان «النأي بالنّفس» المرفوع في لبنان منذ الحكومة التي شكّلها حزب الله وأوكل رئاستها لنجيب ميقاتي منذ ثماني سنوات.

 

يُدرك اللبنانيون أنّ القلق الأميركي تجاه حزب الله وإيران أيضاً لا يُسمن ولا يُغني من جوع، هذا «الموّال» لا يُغيّر حرفاً في القدر اللبناني الذي تكتبه إيران منذ العام 2006، وسواء قلقت السفيرة الأميركيّة وبلادها ووصّفت الوجود القويّ لحزب الله بأنّه «حال لا تسهم في الإستقرار» أو أنّها «تزعزع الإستقرار بشكل أساسي»، مثلما يتذكّر اللبنانيّون أيضاً أنّ كل هذا القلق والسفسطة الأميركية لم تفعل شيئاً بل وقفت متفرّجة فعلاً في 7 أيار الـ 2008، ويعي اللبنانيّون أنّ تضخّم واستفحال الخطر الإيراني على لبنان وفي المنطقة المتسبّب الأوّل والأكبر فيه هم الساسة والسياسة الأميركيّة على مدى عقود، ما نعيشه اليوم من مآسٍ تسبّبت فيها إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا هي نتيجة التغاضي الأميركي والأوروبي عن العبث الإيراني بمصير دولٍ بأمّها وأبيها وشعوبها، فلتعذرنا السفيرة الأميركيّة لأنّ اللبنانيّين وحدهم من يحقّ لهم أن يبدوا قلقهم من السياسات الأميركية المتفرّجة على إيران وأذرعها التي تعيث خراباً في المنطقة منذ ثمانينات القرن الماضي!

 

لا تستطيع الحكومة، ولا الشعب اللبناني صرف هذا القلق الأميركي في أيّ مكان، خصوصاً القلق الأميركي من أنّ «هذه الجماعة ـ حزب الله ـ تواصل اتخاذ القرارات الأمنية الوطنيّة الخاصة بها والتي تعرض باقي البلاد للخطر»، لأن قرار الحرب والسّلم في لبنان باقٍ في يد «الوليّ الفقيه» وللتذكير فقط قرار انخراط حزب الله في الحرب السوريّة لإنقاذ بشار الأسد تبلّغه أمين عام حزب الله حسن نصرالله في طهران من مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة، والحال باقٍ على ما هو عليه، ولا يوجد أحد ولا جهة بمقدورها أن تغيّر هذا الواقع، إلا إذا كانت السفيرة الأميركيّة تريد أن تقنعنا أنّها قد تكون على غير دراية بهذا الواقع «الكارثة» بالنسبة للبنان!

 

أملت بالأمس السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد «أن لا ينحرف لبنان عن مسار التقدّم الذي هو أمامه الآن»، نحن نأمل أيضاً ذلك، لأن القلق كبير من رغبة حزب الله الجامحة لمصادرة الحرب على الفساد و»الإصلاح» ربما لاحقاً، إذ لا يجد اللبنانيّون تفسيراً مقنعاً لهجمة حزب الله على هذا العنوان، من دون أن يبدو واضحاً ما هي حقيقة النوايا المضمرة من خلف هذا الملفّ، خصوصاً وأنّ اللبنانيين أصبحوا مدرّبين على «التقيّة» عند حزب الله وأسلوب ممارسته لها، منذ آذار العام 2006 وطاولة الحوار وموافقته على المحكمة الدوليّة و»تحديد الحدود» مع سوريا وصولاً إلى جلسة الثقة وملفّ الفساد الذي تحدّث عنه النائب حسن فضل الله!

 

«التقيّة» سيّدة الموقف هذه الأيام، ووحده الله يعلم متى ستسقط هدنة «التقيّة» ومتى ستندلع الصّراعات التي تعيد البلاد إلى مربّع الصفر، وما إذا كانت رغبات حزب الله التهديدية بملف الحرب على الفساد ستفتح تخبّىء وراءها أكثر بكثير من مجرّد الحرب على الفساد، ربّما!

 

ميرڤت سيوفي