IMLebanon

حزب الله والتعطيل؟!

فيما تتجه أنظار العالم إلى نيويورك التي ترسم لقاءاتها، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، خطوط تسوية أزمات المنطقة، مسجلة حراكا ناشطا وتطورات متسارعة، خلافا لحال السكون في المشهد الداخلي،الذي بدأ يستعيد بعضا من حيويته السياسية والشعبية تخول الاطراف المختلفة اعادة تجميع اوراقها للانطلاق مجددا في حملات الاحتجاج ومواجهة السياسيين في محطة الحوار الرابعة.

من هنا يشكل الاسبوعان الطالعان امتحاناً لما اذا كانت بعض القوى الاقليمية راغبة في إبقاء الوضع اللبناني على رصيف الانتظار واستمرار حال التعطيل والشلل المؤسساتي ، ام ان الانفراجات الاقليمية التي يحكى عنها ستسمح بحلحلة جزئية ،تكون اولى اشاراتها عودة الحكومة للاجتماع والمجلس للانعقاد ، تمهيدا لانتقال البحث الجدي الى امكان إحداث خرق في الملف الرئاسي، رغم ان مصادر دبلوماسية غربية في بيروت تبدي حذرها ازاء المقاربات «الايجابية» لتطور الامور والحديث عن صفقات منطلقة من التأزم المتزايد على صعيد العلاقة السعودية – الايرانية، وعدم رغبة واشنطن بالذهاب في المواجهة مع الرياض الى النهاية، خاصة بعد التناغم الروسي – السعودي في سوريا، والذي سيصب بالتأكيد ضد مصالح طهران في المنطقة.

عليه تدرج مصادر في الرابع عشر من آذار كلام السيد حسن نصرالله الأخير، في خانة المراهن على التطورات السورية بعد دخول العامل الروسي بقوّة على خطّ التسوية السياسية، لافتة إلى أن من مصلحة «حزب الله» أن يستمر في سياسة التأخير والتعطيل لملفيْ الرئاسة والحكومة بهدف تقوية مواقعه في التسوية بعد جلاء المشهد السوري، في الوقت الذي يشهد فيه الشارع اللبناني تفلتا كبيرا، وشعارات تظهر حقداً مذهبياً ضد بعض الاطراف، مؤكدة ان النظام السياسي في لبنان وصل الى أفق مسدود، وأصبح نظاماً مأزوماً بتركيبته البنيوية بالكامل ان كان بالجانب الاقتصادي، أو الاجتماعي والسياحي وغيره، ولكن قوة بقائه قائمة على المحاصصة الطائفية، وعلى المؤتمرات المتتالية، منذ عام 1943، حتّى اتفاق الدوحة، مروراً باتفاق الطائف.

استنادا الى كل ذلك تدعو مصادر سياسية مطلعة الى انتظار الاتجاهات التي ستسلكها الملفات المتازمة والتي تتقدمها:

– مسألة تسوية وضع العميد شامل روكز، حيث تشير المعطيات الى أن خطوط الاتصال الداخلية مفتوحة على محاور عدة، لا سيما على خط عين التينة ، حيث يستكمل رئيس مجلس النواب نبيه بري مشاوراته بشأن العقبات التي ظهرت على صعيد إرضاء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بترقية صهره العميد شامل روكز إلى رتبة لواء، وسط الحديث عن صيغة جديدة لبَت الموضوع بعدما لاقت الصيغة المطروحة عقبات عدة، فيما يصر وزراء الرئيس سليمان والكتائب والمستقلون ، على رفض اي تسوية في هذا الاتجاه تمس بهيكلية الجيش والوقوف على رأي قيادته في كل شاردة وواردة قبل بتّ أي طرح، واعتبار اي تفاهم خارج إطار مجموع مكوّنات الحكومة لا يعني الوزراء الثمانية ومن يمثّلون.علما ان اتصالات الوزير ابو فاعور على خط الصيفي واليرزة لم تثمر شيئا حتى الساعة بانتظار عودة الرئيس سليمان من فرنسا لاستكمال الاتصالات.

– الدعوة الى عقد جلسة للحكومة ،يصر عليها رئيس الحكومة فور عودته من الولايات المتحدة الاميركية، حيث تؤكد مصادر مقربة منه ان المواكبة الجدية للحوار تفترض تفعيل شؤون البلاد وتفعيل السلطة التنفيذية، مضيفة انه لا يمكن ان يقف البلد على وتيرة الحوار الذي قد يأخذ وقتا ومن هنا ضرورة انعقاد مجلس الوزراء،رغم اعتبار الكثيرين ان حصيلة مشاورات سلام في نيويورك سيكون لها دورا اساسيا في مقاربته لعقد جلسة حكومية ، رغم ان مغادرة الرئيس الايراني حسن روحاني نيويورك للمشاركة في تشييع ضحايا حادثة منى ،دون ان يتسنى لرئيس الحكومة تمام سلام الاجتماع به كما كان مقررا، أفقد هذه اللقاءات شيئا من رونقها، نسبة للاهمية التي عوّلها لبنان على هذا اللقاء من اجل حل بعض العقد التي ما زالت طهران تمسك رأس الخيط فيها لا سيما الاستحقاق الرئاسي، غير ان الاتصالات التي يجريها الرئيس سلام مع كبار المسؤولين الدوليين من شأنها ان تضيء على جوانب مهمة من تطورات المنطقة التي يتأثر لبنان حكما بنتائجها. علما ان الدعم الذي تلقاه في ما خص قضية النازحين السوريين او الجيش اللبناني سيكون مرهوناً بوجود حكومة فاعلة أو بإنجاز الاستحقاق الرئاسي سريعاً. وفي هذا الاطار تؤكد مصادر وزارية موثوقة أنّ رئيس الحكومة في صدد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد يوم الجمعة المقبل، وذلك بعدما تم الاتفاق على صيغة عمل تقضي بإرجاء بحث أي بند يطرح اذا قوبل بمعارضة مكونين اساسيين، والمقصود هنا بالمكون السياسي، أي الكتل الوزارية وليس الوزراء المنفردين.

– جلسات الحوار الماراتونية المحددة في 6 و 7 و8 تشرين الاول المخصصة لمواصلة البحث في ملف الانتخابات الرئاسية، وسط محاولات لوضع قانون الانتخاب على الطاولة بالتوازي في مسعى لـ «نصف إرضاءٍ» لعون المتمسك بانتخابات نيابية قبل الرئاسية ولقوى الرابع عشر من آذار المصرّة على الانتخابات الرئاسية اولاً، وهو ما اعتُبر في سياق مبادرة من بري لبلوغ سلّة تفاهم تشمل الرئاسة وقانون الانتخاب على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة العام 2008، وإن كانت اوساط مراقبة تجد صعوبة بالغة في الوصول الى أي اختراق من هذه الزاوية، متخوفة من ان يكون الثامن من تشرين موعد لاعلان وفاة الحوار او تجميده.

– ترقب لمصير خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لحل ازمة النفايات، بعد 20 يوما على اقرارها في الحكومة، لم يعرف خلالها الحل الموضوع طريقه الى التنفيذ، تارة لاسباب سياسية وطورا لاعتراضات مناطقية وبيئية.

– تظاهرة 11 تشرين الاول، التي ارادها العماد عون مزدوجة الهدف، من جهة للرد على تعطيل ترقية روكز ، ونقلا لمعركة الرئاسة الى الشارع بشكل مباشر، من جهة ثانية.

يبقى السؤال الكبيرعن موقع لبنان من أي تسوية. الرئيس نبيه بري استقبل حوار الخارج بالتشديد على أهمية حوار الداخل للانتاج لا لتقطيع الوقت،رغم ، ان القضايا موضوع الخلاف نفسها تتأجل وتدور وتتضخم، في وقت يبقى المشهد اللبناني تحت تأثير موجات الترقب من جهة، والأسفار من جهة أخرى، قبل ان يستأنف الحديث عن التعيينات العسكرية والتفعيل الحكومي والتشريع المجلسي. في أي حال كل هذه العناوين كانت واضحة في إطلالة السيد حسن نصرالله الأخيرة، وقد رسم للمتحاورين خارطة الطريق، واضعا لائحة الممنوعات والمسموحات في الحوار العقيم الدائر حول نفسه. أما الممنوعات فباتت معروفة، أولها: أن يتوقف الحوار، ثانيها أن يصل الى نتيجة، وثالثها البحث غير المحدود للبند الرئاسي.