Site icon IMLebanon

«حزب الله» و«الدبلوماسية الإلهية»: يحقّ لإيران ما لا يحق.. لأي كان

علي رباح

كان العالم في زمان «حزب الله» فسطاطين: «المقاومون» الذين ينتفضون بوجه القرارات والقوانين الدولية باعتبارها «غطرسة غربية»، و»عملاء» إسرائيل و»الشيطان الأكبر» ممّن يرضخون لقرارات المجتمع الدولي ووصايته على شعوب المنطقة. 

لا تسعف الذاكرة جمهور «محور الممانعة» لتذكّر السجالات بين «حزب الله» و»14 آذار» حول «المقاومة الدبلوماسية». ففي زمن تهلّل فيه «المقاومة» لـ»الدبلوماسية الايرانية النشطة»، وتصف انجازها للاتفاق النووي مع «الشيطان الاكبر» بـ»الانتصار النموذجي»، يصبح تاريخ «مقاومة» «حزب الله» لـ»الدبلوماسية اللبنانية» وللقرارات الدولية تفصيلاً من الماضي.

«حزب الله» الذي يحتفل اليوم على أنغام «الدبلوماسية الايرانية»، وقف لسنوات طويلة بوجه «الدبلوماسية اللبنانية»، ولطالما ردّد مقولة إن «الدبلوماسية والسياسة الناعمة لا تنفعان مع المجتمع الدولي». تحت هذا العنوان، أفشل الحزب جهود الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم زار واشنطن عام 2002، في مهمّة غاية في التعقيد، لإقناع إدارة الرئيس جورج دبليو بوش بإزالة تحفّظها على إنجاح مؤتمر «باريس 2»، حيث كان لبنان يعيش ذروة تأزّم الوضع الاقتصادي بعد سنوات من حكم إميل لحود. أطلق «حزب الله» النار على اسرائيل ليصيب «دبلوماسية رفيق الحريري»، وكانت حجّته أن المقاومة لا تقبل النقاش! ارتكب رفيق الحريري «خيانة عظمى«، في نظر «حزب الله» حين تساءل عن الحكمة من إشعال جبهة الجنوب، فيما هو يلف العواصم لإخراج لبنان من أزمته. لكنّ محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، يستطيع، برحابة صدر، أن يلتقي جون كيري وصقور المجتمع الدولي، حتى ولو وعدهم بأن يبقى «حزب الله» في ساحات الحرب التي ترضي «السيّد الأميركي».

في التاريخ غير البعيد، وقف «حزب الله» بوجه القرار 1559، باعتباره «قراراً صهيونياً»، ووصف يومها تيري رود لارسن، مبعوث الامم المتحدة لمراقبة تطبيق القرار بـ»المندوب السامي» وبـ»مندوب الوصاية». لا يهم إن برّر «حزب الله» فعلته بالقول «إن مقاومته للدبلوماسية اللبنانية وللقرارات الدولية، انما جاءت لحماية المقاومة وسلاحها. ذلك السلاح الذي كان من «المحرّمات» على طاولة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، ومن «الثوابت» في بازار المفاوضات الاميركية- الايرانية. المهم أن «المشهد الصهيوني» الذي اتّسم به لبنان عام 2005 بفعل القرار 1559، سيتكّرر في ايران، لكنّه سيُعطى هذه المرة صفة «المشهد المقاوم». غداً سيعيّن الامين العام للامم المتحدة مبعوثاً خاصاً الى ايران لمراقبة تطبيق الاتفاق النووي؟ نعم. هذا المبعوث سترافقه لجنة تفتيش وستكون ايران مُلزمة بفتح ابوابها امامها؟ نعم. ستدخل هذه اللجنة الى المواقع العسكرية، وستقابل علماء وغيرهم، وستكون ايران، بمرشدها وبحكومتها وبمجلس نوابها، ملزمة بالتعاون معها ؟ نعم. علي أكبر ولايتي، مستشار السيّد خامنئي، يصرخ ويرفض عمليات التفتيش؟ نعم، لكنّه يعلم أن هذا الصراخ لن يأتي بنتيجة، خصوصاً أن «الدبلوماسية الايرانية النشطة» وافقت على الشروط الغربية! والأهم من كل ذلك، لا بل الأجمل، أن يكون تيري رود لارسن هو المبعوث الدولي الى ايران لمراقبة تطبيق الاتفاق!.. قمة «الكوميديا«.

ليست هذه الاسئلة هامشية. قد يدفعها الانقسام السياسي بعيداً من السطح، لكنها ستتسرب الى عمق الوعي الجماهيري. ومع كل اطلالة للمبعوث الدولي من إيران، يتهشّم شيء من «حزب الله» الذي قاوم «الدبلوماسية اللبنانية» وهلّل لـ»الدبلوماسية الايرانية».

يحق للّبنانيين أن يسألوا: إذا كان «الولي الفقيه« بجلالة قدره يتعاون مع المجتمع الدولي في تطبيق القرار 2231، فلماذا يحرّم على اللبنانيين التعاون معه في تطبيق القرار ؟ ولماذا «يُحرّم« على اللبنانيين ما يُحلّله لايران في بازار مفاوضاتها مع «الشياطين«؟ أيضاً ستكون الإجابة، «يحق لـ«الإلهيين« ما لا يحقّ لـ«العملاء«.