Site icon IMLebanon

«حزب الله» والهروب من .. المكتوب

على الرغم من تحديده للمناطق التي يخوض فيها معاركه اليوم، يزداد غرق «حزب الله» أكثر فأكثر في الداخل السوري ومعه تزداد اعداد عناصره الذين يسقطون بشكل يومي على الجبهات الممتدة من دمشق الى القلمون فالزبداني بالإضافة إلى الخسائر البشرية والمعنوية التي يتكبدها أيضاً في ريفي ادلب وحلب والتي تزيد بدورها من نكباته وارتفاع لائحة اعداد قتلاه بشكل مخيف وغير مسبوق.

منذ فترة وجيزة تطرق الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى موضوع اعداد عناصر الحزب الذين سقطوا في سوريا وقد سار بعدها معظم قيادات «حزب الله» على الخط نفسه معلنين في معظم لقاءاتهم أن العدد الحقيقي لا يتجاوز نصف ما يتم اعلانه عبر وسائل اعلام المعارضة السورية او الدول الداعمة للثورة. يومها أكد نصرالله أن العدد لا يتجاوز المئتي عنصر وقد يصل الى اكثر بقليل في أسوأ الاحوال. ولكن مشاهد تشييع عناصر الحزب في القرى والبلدات والتي تحوّلت إلى جزء من يوميات جمهوره، تؤكد أن الرقم الذي أورده نصرالله يشبه تأكيده بأن عدد عناصر «الحرس الثوري الإيراني» في سوريا «على الذمة» لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، أو يكاد يصلح لإحصاء أعداد عناصره الذين سقطوا فقط في «الزبداني» على أقل تقدير.

مع دخوله في مفاوضات جانبية مع الفصائل السورية المسلحة في «الزبداني»، قرر «حزب الله» على اثرها التخفيف من تواجد مجموعاته المقاتلة في محيط المدينة لا سيما تلك الموكلة بالهجوم عليها وذلك بعد تعديل أجراه يتعلق بعملية التفاوض التي تلحظ أوّلاً الوضع العسكري والميداني في بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، وقد عمد الحزب الى نقل عناصره من «الزبداني» الى «الغوطتين» لأسباب لوجستية منها النقص الهائل في أعداد مقاتليه. وعلى الرغم من الخطوة هذه، إلا أن سقوط عناصر الحزب لم يتوقف حتى من تلك المناطق التي إنسحب منها والاخطر أن السقوط تحوّل من الحالات الفردية إلى الجماعية، آخرها ثمانية عناصر دفعة واحدة بـ»نيران صديقة» وبعدها سقوط خمسة عشر عنصراً خلال يومين فقط في كل من ريف إدلب ودمشق ومحيط «الزبداني» و»مضايا».

يُغيّب «حزب الله» عن مجتمعه وجمهوره الإحصاءات الفعلية والرسمية لأعداد قتلاه في سوريا منذ تدخله العسكري فيها، فعلى الرغم من المعلومات التي تشير إلى وصول العدد الى ما يقارب الألف وخمسمائة عنصر، إلّا أنه لم يخرج عن مؤسّسة «الشهيد« في الحزب أي رقم مُحدّد، بل على العكس، إذ إن هناك تلاعباً دائماً وتفاوتاً بين الحين والآخر لجهة الأعداد الحقيقية إذ إن ما يصدر عن بيانات الحزب في بيروت والتي يعدها «الاعلام الحربي»، لا ينطبق على الاطلاق مع التقارير والبيانات التي تعدها «الوحدة الطبية» في الحزب وهي الوحيدة المخوّلة إعداد هذا النوع من التقارير داخل مركزها الرئيس في احدى قرى البقاع بحيث يُمنع عبور اي جثة لعنصر من الحزب الى الداخل اللبناني إلا بعد الكشف عليها وترقيمها وبالتالي حسم وجهتها بالتنسيق مع قيادة الحزب في بيروت.

إزدياد سقوط عناصر «حزب الله» بشكل شبه يومي، يترك جوانب كثيرة معقدة في صفوف قاعدته الشعبية التي بدأت تتأثر بحجم الخسائر التي تردها على الدوام. تحار هذه القاعدة في صمت الحزب عن المعلومات «الملفقة» بحسب إدعاءات الحزب الذي تحوّلت بياناته في الفترة الاخيرة من الدفاع عن «المقاومة» وعناصرها، إلى تصويب نيرانه على الداخل واحراق جسور التقارب مع شركائه في الوطن، وأكثر هذه الإستغرابات التي تطرحها هذه القاعدة التزام الصمت عن المعلومات التي كانت نشرتها صحيفة «فورين بوليسي« أخيراً عن ان «خسائر الحزب بلغت ما بين ألف وألف ومئتي قتيل بالإضافة إلى مئات الجرحى معظمهم في حالة خطرة وذلك منذ بداية تدخله في سوريا«.

إستفسارات لا تنقطع حول وضع «حزب الله» في سوريا، تحوّلت إلى هاجس يومي في مناطق «حزب الله» سواء في لبنان أو على الجبهات التي ينتشر عليها في سوريا. ففي الداخل السوري فقدت عناصره الثقة بقيادتها وكوادرها العسكريين وهذا ما تظهره الخلافات التي تنتشر على مواقع «اليوتيوب» بالصوت والصورة ويؤكده ايضاً غياب الخطط الواضحة لمستقبل وجود الحزب في سوريا مع تراجع إمكانياته العسكرية وإنكفائه في أكثر من مكان أو القبول بالواقع الحالي في أماكن اخرى. كل هذا يقابله جمهور «حزب الله» بالكثير من الأسى والترحم على زمن إنتصارات تحوّل إلى رمال متحركة في «الغوطة» وإلى فخ في «الزبداني» وإلى استنزاف في ريفي «إدلب» و»حلب» وإلى هروب من «القلمون».