IMLebanon

حزب الله وفرنجيه: حليفان لكن حسابات الترئيس مختلفة

لن يتغير الكثير في الشغور في ظل النائب سليمان فرنجيه مرشح فريق، بل جزءاً من تحالف عريض. ربما استغرق الانتظار زمناً مماثلاً يجعله رئيساً محتملاً. لم يعد يسعه ولا مرشحوه التراجع الى الوراء، ولا يملك معهم مفتاح انتخابه

مع قرب انقضاء الشهر الاول على مسعى الرئيس سعد الحريري، في 17 تشرين الثاني، انتخاب النائب سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية، من غير ان يجهر رسمياً حتى الساعة بإعلان دعم ترشيحه، فإن الشغور الرئاسي في طريقه الى تمديد اضافي. بين ايار 2014 وتشرين الثاني 2015 استغرق في ذاته دونما اي امل في انتخاب الرئيس. لشهر خلا والى أمد غير معروف على الاقل، يعايش الشغور مرشحاً مع وقف التنفيذ. وقد لا يُنتخب بعدما بدا يوماً تلو آخر ان تراكم التحفظ عن انتخابه يتضاعف أثراً ووطأة، ويقلّص فرصه.

ليست ثمة عقبة واحدة في وجه نائب زغرتا: الرئيس ميشال عون يرفض ترشحه، وحزب الله يثير علامات استفهام على توقيت المبادرة. كلاهما حليفان لفرنجيه. الا ان طريقة امرار نتائج اجتماع باريس ظهرت اشبه بانقلاب عليهما، او في احسن الاحوال دونما الافساح في المجال امام مناقشة مستفيضة لاقتراح الحريري.

بعض اسباب اخفاق تدارك تداعيات اجتماع العاصمة الفرنسية، ان فرنجيه تصرّف فور عودته على انه اضحى فعلاً الرئيس الجديد، وراح يتحدث عن تطميناته لحلفائه قبل ان يجتمع بهم ويتفاهم واياهم على خياره. بدوره عون وجد في استعجال الموافقة على اقتراح الحريري تجاوزاً لقاعدة ارستها قوى 8 آذار هي ان عون ــــ وهو فحسب ــــ مرشحها الاول الى ان يتنحى، إذ ذاك يبدأ الكلام عن مرشح ثان، لا ان يقفز هذا الى الصف الاول فجأة. على نحو مماثل تطابقت حجتا حزب الله ورئيس تكتل التغيير والاصلاح: لا رئيس قبل سلة تسوية وطنية، ولا رئيس قبل قانون انتخاب جديد. كلاهما، التسوية وقانون الانتخاب يكفلان المجيء بالرئيس، لا العكس.

لا تقتصر التحفظات على هذا الشق. بل في حوزة حزب الله معطيات تجعل من صمته منذ ذلك اليوم اقرب الى النطق، والتريث في ابداء الموقف يتحوّل تدريجاً الى سلبية متكاملة الاوصاف، دونما التخلي عن حليف خَبِرَ العلاقة الوطيدة معه منذ مطلع التسعينات، يطمئن الى تحالفه واياه ويثق بخياراته بلا ادنى تردد. مع ذلك حسابات الترئيس مختلفة تماماً. الاحرى ان تكون المبادرة مصدر التباس وشبهة، خصوصاً عندما تقترن بمآل الدور الذي يضطلع به الحريري في سبيل الوصول الى رئاسة الحكومة، والثمن الذي يقايض به رئيساً من قوى 8 آذار سبق للحريري ان تشبث في انتخابات 2005 باسقاطه ولائحته كلها في دائرته زغرتا، وسبق لفرنجيه ان قال في الآخر نعوتاً لم يسمعها من آخر. فحوى المقايضة يبصرها حزب الله: الرئاسة في مقابل كل السياسة.

في بنود اجتماع باريس: لا ثلث معطلاً، خصخصة الكهرباء والهاتف، رفع TVA، النفط، وقانون 2008

اما المعطيات التي احاطت باجتماع باريس، فتكمن في الآتي:

1 ــــ لم يلتقِ فرنجيه الرئيس السوري بشار الاسد في مرحلة التحضير للقاء باريس. بل اوفد اليه الوزير السابق يوسف سعادة، حاملاً رسالة عن اقتراح الحريري انتخابه رئيساً. كان رد دمشق ان لاقتراح كهذا محاذير في توقيته، مع التمني بمفاتحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فيه.

2 ــــ من دون ان يلتقي نصرالله ايضاً، التقى معاونون لفرنجيه بمعاونين للامين العام وسمعوا منهم كلاماً مماثلاً حيال مبررات الاقتراح وتوقيته، ونصيحة لفرنجيه بتوخي الحذر المقرون بتساؤلات، وترك حرية التصرف له في الاجتماع بالحريري.

3 ــــ التأم اجتماع باريس، ونُسب الى فرنجيه قوله للحريري انه كفيل باقناع حليفيه عون وحزب الله بانتخابه. لم يكتفِ المتحاوران بهذا الجانب، بل دخلا في ما يشبه برنامج بنود تفاهما على ربطها بالانتخاب وتالياً ترؤس الحريري اولى حكومات العهد الجديد:

ــــ حكومة وحدة وطنية لا ثلث ضامناً فيها، وهو ما يرفضه حزب الله ويعتبره شرط تعاونه مع الحريري عندما يوافق على عودته الى السرايا في اي حكومة جديدة. ثلث ضامن في يد الحزب بالذات.

ــــ الابقاء على قانون الانتخاب النافذ منذ عام 2008، المستمد من قانون 26 نيسان 1960، والتمسك بنظام اقتراع اكثري فحسب. وهو شرط لا يتساهل حياله الحريري، ويلائم في الوقت نفسه فرنجيه ويطمئنه الى دائرة زغرتا بنوابها الثلاثة. اما مطلب حزب الله، فقانون انتخاب باقتراع نسبي يعرف سلفاً ان الحريري يرفضه كونه ينتزع منه ثلث الناخبين السنّة على الاراضي اللبنانية.

ــــ رفع خمس نقاط على الضريبة على القيمة المضافة، بينما سبق لحزب الله ان رفض ادخال نقطة واحدة عليها.

ــــ خصخصة قطاعي الهاتف والكهرباء.

ــــ تحقيق مطالب تلح عليها شركة سوليدير لوسط بيروت.

ــــ النفط.

احاط هذه المعطيات تساؤل عريض لدى حزب الله عن مغزى توقيت مبادرة الترشيح في ظل تردي في العلاقات الايرانية ــــ السعودية، وتصعيد مماثل في علاقات حزب الله بالرياض بعدما اتخذت اجراءين عقابيين ضده في اقل من شهر، هو عمر ترشيح فرنجيه: فرض عقوبات على 12 شخصية ومؤسسة على صلة بالحزب، منع بث محطة «المنار» عبر قمر «عربسات». ثم اتى قبل يومين موقف ايراني جديد واضح الدلالة، بتأكيده ان انتخاب الرئيس شأن لبناني، نافياً علاقة طهران به، ومن ثمّ ما شاع في الايام الاولى التي تلت 17 تشرين الثاني، وهو وجود تفاهم سعودي ــــ ايراني ضمني على تحييد لبنان عن حربي اليمن وسوريا.