Site icon IMLebanon

حزب الله و«كراهية» السعوديّة!

حذّر بالأمس النائب وليد وجنبلاط من عدائيّة أطلق لها العنان ضدّ المملكة العربيّة السعوديّة في لبنان، فاعتبر أنّها يجوز أن نسمع في لبنان كلاماً يحمل إشارات حول ما يمكن أن يلحق بالمملكة من خسارة وأذى على مستوى أوضاعها الداخلية وأمنها واستقرارها، وتطلق بحقها وبحق مسؤوليها أوصاف ونعوت غير مقبولة فهلا سألنا ما هي الانعكاسات الخطيرة لمثل هذه المواقف على مصالح اللبنانيين في هذه الظروف الصعبة وعلى أوضاعنا الداخلية؟ وهنا علينا أن نتساءل، هل هذه الكراهيّة مستجدة تجاه المملكة والتي حدّد بالأمس السفير السعودي علي عواض العسيري بوضوح هوية أصحابها، وأن أهل هذه الكراهيّة هم حزب الله وتابعوه، فيما يكنّ الشعب اللبناني للمملكة المحبة والتقدير لمواقفها الجليلة في دعم لبنان وشعبه في الشدّة والرخاء…

ليست المرة الأولى التي يبلغ فيها التحريض ضدّ المملكة العربية السعودية أوجه من قبل حزب الله، وليست المرّة الأولى التي بات يشكّل فيها خطراً حقيقياً على لبنان بالتأكيد وعلى مصالح المملكة فيه، سبق وكتبنا في هذا الهامش في 4 كانون الثاني 2014 تحت عنوان «الحقد الإيراني على المملكة»، ونقلاً عمّا نشرته إحدى الصحف الناطقة بلسان إيران وحزب الله بالتزامن مع موجة التفجيرات التي استهدفت ضاحية بيروت الجنوبيّة: «همس شاب في أذن صديقه وسط الحشود، أمس، قائلاً: لا شيء سيوقف هذا المسلسل [السيارات المفخخة] إن لم تُدوّ الانفجارات في قصور آل سعود»!!

وسبق وأكدنا أنّ هذا المستوى من الحقد والتهديد يستدعي وقوف الدولة في وجه هكذا كلام أرعن حاقد لأنّه يُعرّض مصالح لبنان دولة وشعباً لخطر كبير، وأنّه يشكل خطراً كبيراً على السلم الأهلي وهو نذر بلوغ نيران الفتنة أبواب البيوت، فبقدر حرص حزب الله على إيران، عليه وعلى كتّابه أن يذكروا جيداً أن الطائفة السًنيّة أشد حرصاً منهم ومنه على المملكة العربية السعودية وكرامتها وأمنها وسلامتها من حرصهم «التبعي» على إيران وحزبها في لبنان!!

وهنا؛ لا بُدّ لنا من تذكير القارئ بهجوم سبق وشُنّ ضدّ المملكة في ذاك المقال ووصف شعبها بأنهم «وحوش الصحراء»، ولم يكن الوصف بصادم لنا ولا بجديد حتى على أي عربيّ، فلطالما صوّر الحقد «الفارسي ـ الإيراني» العربي في صورة «الهمجي آكل السحالي حافي القدمين، الذي لا يعرف الحضارة»، [راجع كتاب: صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث، المؤلف جوليا بلندل سعد]، فالشاهنامة وضعت ـ في الأساس ـ لشتم العرب وتحقيرهم وتمجيد الفرس وملوكهم «[الشاهنامة تعني لغوياً (كتاب الملوك) ، أو (كتاب التيجان)]، وأهم الشاهنامات تلك المعروفة بشهنامة أبي منصوري، وقد سماها ابن الأثير «قرآن» الفرس»!!

الآن؛ لماذا نعود دائماً إلى الفردوسي والشاهنامة؟ لأنها ببساطة تحوي صورة الكراهيّة الفارسية الحقيقيّة للعرب بصرف النظر عن «الإسلام»، وللتأكيد على أنّ هذا الصراع والعدوان الفارسي على العرب عمره من عمر التاريخ الإسلامي، ونحيل القارئ على ما نقلته وكالة مهر للأنباء في نيسان 2005 أن وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد حسين صفار هرندي قال في احتفال أقيم لدراسة أعمال الفردوسي: «إن الإساءة للفردوسي هي مقدمة للإساءة والعدوان على إيران، وعلى الشعب الإيراني التزوّد بحماسة الفردوسي لمواجهة الأعداء»!!

ومن الشواهد على هذا الحقد على العرب وعلى الإسلام أيضاً ممّا جاء به الفردوسي في الشاهنامة، نقف أمام امتداح الفردوسي قتل الصحابي الجليل عبدالله بن حذافة السهمي سفير النبي، صلوات الله عليه، إلى كسرى ملك الفرس فيقول: (كه آمد فرستاده يي پ رو سست/ نه اسب و سليح ونه چشمي درست/ يكي تيغ باريك برردنش/ پديد آمده چاك پ راهنش) وترجمتها ما معناه: «لما جاء ذلك المرسال الخوار الذي كان أعور العين ولم يكن يمتلك فرسا أصيلة، بانت شفرة السيف الحادة بين رقبته وقميصه» وهذين البيتين هما من ضمن قصيدة طويلة تضمنها ديوان الفردوسي في سبّ العرب والمسلمين…

وللمفارقة؛ هذا الديوان هو الذي قدمه الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي هدية إلى البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته الڤاتيكان في آذار عام 1999 وذلك تعبيراً عن حسن نواياه وترويجاً لما كان يسمّيه «مشروع حوار الحضارات»، وهنا علينا أن نؤكد أن لا فرق بين فارسي إصلاحي، وفارسي محافظ، فكلاهما «فارسي»!!

ومن نماذج الانتقاص والتحقير التي كتبها الفردوسي في الشاهنامة تلك الأبيات التي يقول فيها: (زشير شتر خور دن وسو سمار/ عرب را بجايي ر سيد أست كار/ كه تاج كيانرا كند آرزو

تفو باد برچرخ كردون تفو) وقد ترجمها الدكتور محمد علي اذر شعب الملحق الثقافي الإيراني السابق في دمشق، وأستاذ الأدب العربي بجامعة طهران:

من شرب لبن الإبل وأكل الضب بلغ الأمر بالعرب مبلغاً/ أن يطمحوا في تاج الملك فتباً لك أيها الزمان وسحقاً»، وهناك أبيات أخرى مماثلة للفردوسي في الشاهنامة ومنها قوله:

(سك در أصفهان آب يخ مي خورد عرب در/ بيابان ملخ مي خورد) وترجمتها: الكلب في أصفهان يشرب ماء الثلج/ والعربي يأكل الجراد في الصحراء»!!

وحتى لا يتهمنا أحد بالاستعانة بتاريخ قديم نُحْييه لندلّل على وجه الصراع العربي ـ الفارسي الذي نشهده اليوم في اليمن والعراق وسوريا، والذي تتردد أصداؤه بتقيّة ممنهجة في كلام حسن نصرالله أمين عام حزب الله، سواء منه المتلفز أو الذي يرشق به العرب في خطاباته، هذا دأب إيران الفارسيّة حتى وإن اختبأت خلف قناع «إسلامي» منذ زوال ملك كسرى ونهاية بنو ساسان، وحتى تحسم «عاصفة الحزم» وجهة الصراع المتجدد، فللفرس عبر التاريخ الإسلامي صولات وجولات من العداء باءت كلّها بالفشل وبهزائم نكراء ونكبات لحقت بهم، وستظلّ.