Site icon IMLebanon

«حزب الله» و«السحايا».. يفتكان بأطفال «مضايا»

أبشع الحروب وأقذرها، تلك التي تجعل من الأطفال ورقة ضغط أو رهينة بيد ميليشيات لا تنفك عن أستغلالها بأبشع الطرق، وإستعمالها من أجل تحسين شروطها في الحروب. وأسوأ ما يتعلّق بهذا الجانب، إتخاذ الأطفال الصغار، المُصابين بأمراض مُزمنة ومُعدية تحديداً، وسيلة للثأر والانتقام، فيُمنع عنهم الدواء والغذاء، ويُمنعون من الخروج من داخل بيوتهم في المُدن والقرى المُحاصرة، بهدف تلقّي العلاج اللازم قبل أن يسرقهم الموت، تماماً كما سرقت القذائف والصواريخ و»البراميل» المُتفجّرة، حياة من هم في عمرهم.

بعد إصابة الطفل أنس، ابن الخمس سنوات، برصاصات قناص من «حزب الله» على حاجز «العسلي« في بلدة «مضايا» تسببت له بجروح بالغة في فمه وفي يده، وبعد إصابة الطفلة غنى قويدر إبنة بلدة «مضايا» المُحاصرة، بطلق ناري في ساقها مصدره الجهة نفسها، والتي ظلّت تنزف لبضعة أيّأم وسط ألم وصراخ متواصلين، إلى أن سُمح لذويها بإخراجها من البلدة إلى أحد المُستشفيات في دمشق، بواسطة سيارة تابعة لـ»الهلال الاحمر السوري». وبعد مشهد تلوّي الطفل يمان عز الدين على فراشه من جرّاء إصابته بمرض «السحايا» من دون أن يتمكّن ذووه من نقله خارج «مضايا» إلا بعد يومين على نشر المقطع المصوّر على موقع «يوتيوب»، وذلك بعد موافقة الحزب، كانت الطفلة بيان ابنة الثانية عشرة وشقيقة الطفل يمان، على موعد هي الأخرى مع المرض نفسه ومع السجّان نفسه الذي منع أيضاً، إنتقالها إلى خارج «مضايا» لتلقّي العلاج بعدما اشتد عليها الألم.

الطفلة بيان تُعاني كما هو حال العديد من اطفال «مضايا»، من مرض التهاب السحايا نتيجة إنتقال العدوى اليها، من شقيقها يمان الذي أخرج من البلدة منذ أيّام قليلة، وقد ظهرت هي الأخرى في مقطع فيديو وهي تصرخ من ألم شديد في الرأس والرقبة والظهر والفخذ الأيسر بالاضافة إلى ألم بالمعدة وحالة قيء شديدة. ومع هذا، لم يرأف السجّان لحالة الطفلة التي أدمت قلوب كثيرين ممن شاهدوها وهي تطلب من المعنيين أن يرحموها وأن يسمحوا لها بالخروج من منزلها، لتلقي العلاج. ويتزامن إنتشار «السحايا» في «مضايا» والذي تُصاحبه حالات إغماء وآلام شديدة نتيجة سوء التغذية، في ظل الحصار الذي يفرضه «حزب الله» على البلدة، منذ أكثر من عامين، وهو كان أخضعها لعملية إبتزاز كبيرة هزّت الرأي العام، عنوانها «الأمن والسلامة والغذاء والدواء، مُقابل التنازل عن المُمتلكات والخروج من البلدة». وما إستمرار حصاره للبلدة حتّى اليوم، إلا نتيجة رفض مبدأ المُساومة هذه، وتمسّك الثوّار بسلاحهم حتّى تأمين حلول مُشرّفة للبلدة وأهلها. 

أمس ناشد أهالي «مضايا» العالم كله وخصوصاً المنظمات الدولية والإنسانية، بالضغط لفتح ممرات إنسانية لإخراج الحالات الطبية المستعجلة. وبدورها حذّرت «الهيئة الطبية« في «مضايا« من «الإنتشار السريع لمرض السحايا، وخصوصًا عند الأطفال في ظل الحصار الذي تشهده البلدة على يد النظام السوري و»حزب الله». ومن واقعهم المرير هذا، لم تعد الحياة هي مطلب أهالي «مضايا» ولا حتّى الطعام ولا الشراب. كل ما يتمنون الحصول عليه، هو أدوية من نوع المُسكنات، علّها تُخفّف من آلام أطفالهم بعدما صمّت آذان الجهات التي تفرض الحصار عليهم، والذين لم يشبعوا بعد، من دماء الأطفال، لا قنصاً ولا قصفاً.

أكثر من ثلاثين طفلاً في «مضايا» في القلمون الغربي، يعانون اليوم من مرض «السحايا». مرض يتهدد حياتهم وبدأ يُعد عدته لحصد أرواحهم بعدما وجد من يتآمر معه على أصحاب الأجساد الطريّة. منظمات حقوقية وإنسانية وحتّى رسميّة، جميعها أطلقت وعوداً لأهالي البلدة بإجلاء حالات المرض بشكل عاجل، لكن أياً من هذه الوعود لم تُطبق بعد. وفي ظل القهر والحصار اللذين أصبحا سمتين بارزتين في أسلوب «حزب الله» خلال الحرب السورية، وهو اسلوب انتهجه بعدما عجز عن إخضاع الاهالي والثوّار وإجبارهم على التسليم له، يبقى الخوف، كل الخوف، أن يطل أحد قادة الحزب في خطاب ما ويقول: «ما في شي بمضايا«. وذلك على المنوال نفسه الذي كان سار عليه السيد حسن نصرالله يوم قال «ما في شي بسوريا».