واحدة من مفارقات خطاب أمين عام حزب الله بالأمس حديثه عن الـ»مرتزقة» الذين ادّعى مشاركتهم في الحرب على إيران و»حوثيّيها» في اليمن واعتبارهم شركاء إسرائيل في هذه الحرب من «سودانيين ومن أفغانستان وباكستان والاردن وغيرها من الدول» كما عدّهم عدّاً، وأن يُفاخر في نفس خطاب الأمس عن سقوط «شهداء قادة خلال العام المنصرم في سوريا والعراق»، ماذا يفعل هؤلاء في سوريا والعراق؟ هؤلاء أيضاً مرتزقة، ووجود هؤلاء «القادة» هناك سابقٌ جداً على وجود إختراع إيران وبشّار الأسد لـ»داعش»!
لم يجافي «حضرة الأمين العام» الواقع عندما وصف في خطابه بالأمس مصنّفاً «القادة الشهداء» بأنّهم كانوا فلسطينيين أكثر مما كانوا لبنانيين»، بالتأكيد لم يفعل هؤلاء شيئاً لفلسطين ولا لشعبها، عام 2008 ـ 2009 عندما دارت رحى الحرب على غزّة وقف حزب الله يتفرّج على الشعب الفلسطيني يُباد فيها، وفي إيران منع الخامنئي شبانّاً إيرانيّاً خدعهتم خطاباته في الحديث عن غزّة وفلسطين والقدس، وفوق هذا وذاك استدعى السيّد نصرالله «صحافيّي» الممانعة على عجل فور وقف إطلاق النّار في غزّة وعندما سألته صحافيّة عمّا فعله حزبه لشعب غزّة ارتبك وتلعثم واحمرّ وجهه غضباً وعوقب المسؤول الإعلامي عن تنظيم المؤتمر وأقصي عن موقعه لأنّه سمح بطرح هكذا سؤال أحرج «السيّد» وعجز عن الإجابة عنه ومع هذا «أعلن النصر الإلهي 2»!!
على وجه الحقيقة هؤلاء لم يكونوا يوماً لبنانيّين، ولا فلسطينيّـين ولا عراقيّين ولا سوريّين، هم وبمهارة شديدة مجموعة من»المرتزقة» الإيرانيّين، حيث تستدعي حاجة إيران ونشر «تشيّعها» وتنفيذ «أجندتها» سيحضرون ويموتون «غبّ الطلب» الإيراني وتحت جناح «السفّاح» قاسم سليماني «العقل المدبّر» ذراع التخريب وزعزعة استقرار المنطقة العربيّة وتهديد أمن شعوبها عسى أن ينجح في إقامة»الإمبراطوريّة الفارسيّة» مجدّداً!!
فى 29 كانون الثاني عام 803م «نكبَ» الخليف العباسي هارون الرّشيد ـ وكانت في زمنه سلطة الدولة العباسيّة ـ «بنو برمك المجوس، وتجربتهم أعتى تجارب الفرس في إعادة بناء الإمبراطوريّة الفارسيّة ـ وهذه المحاولة الكبرى نُفّذت في عزّ قوة الخلافة الإسلاميّة العربيّة ـ لا يعدو مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة علي الخامنئي عن أن يكون يحيى برمكي آخر، وللمناسبة يعيد ابن خلدون نكبة البرامكة الى «استبدادهم على الدولة، واحتجازهم اموال الجباية، حتى كان الرشيد يطلب اليسير من اﻻموال فلا يصل اليه، فغلبوه على أمره وشاركوه فى سلطانه، ولم يكن له منهم تصرف فى امور ملكه، فعظمت اثارهم وبعد صيتهم وعمروا مراتب الدولة وخططها بالرؤساء من ولدهم وصنائعهم، واحتازها عمّن سواهم من وزارة وقيادة وحجابة وسيف وقلم»، و»بشرفكن» أليس حال حزب الله اليوم ضمن الدولة اللبنانيّة، سياسة «الدويلة» ضمن «الدّولة» هي السيناريو الفارسي الذي لم يتغيّر منذ «أبو مسلم الخراساني» وحتى اليوم!!
لا يعدو قاسم سليماني أن يشكّل نموذجاً آخر من «بابك الخرمي» وتمرّده الذي استمر عشرين عاماً، ذهب فيها نحو ربع مليون مسلم وهو رقم هائلٌ في وقته، زعم بابك أنّه من نسل فاطمة بنت أبي مسلم الخراساني وخاطب أحلام الفارسيين في القائد الذي سيُزيل دولة العرب ويُعيد دولة الفرس، وهذا حلمٌ إيرانيّ قديم عمره من عمر «معركة القادسيّة»…
«يا حضرة الأمين العام» راجع «تاريخ الأجندات الفارسيّة» المهزومة، منذ الضربة الأولى التي تلقّتها فارس و»كسراها» كانت عند ولادة النبي صلى الله عليه وسلم فاهتز ايوان كسرى وسقطت أربعة عشر شرفة من شرفاته وانطفأت نار المجوس، وبشّر القرآن الكريم المؤمنين بهزيمة الفرس في أدنى الأرض، وأخبرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم أنّه «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده»، وبلَغْنا أنّ نبيّنا صلوات الله وسلامه عليه دعا على مُلْكِ كسرى «أن يمزّق مُلْكه كلّ ممزّق»، وهذه بشاره نبويّة رآها العرب والمسلمون تتكرّر عبر تاريخهم مرّات ومرّات فلم تقم للفُرْس قائمه منذ هدم الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه ملكهم وشرّهم وفتنهم، وهذا التاريخ سيعيد نفسه فالذي أخبرنا عنه نبيّنا محمّد الصادق الأمين.