واخيراً نجح حزب الله في اعادة جمع «شمل» رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد اكثر من 250 يوماً من ولاية الرئيس عون ولتطوى صفحة الانتخابات الرئاسية بين الرجلين الى غير رجعة.
ووفق مصادر سياسية بارزة ومطلعة على اجواء العلاقة بين حزب الله وفرنجية وعون، فإن «اخراج» اللقاء اتى «مثالياً» لكسر الجليد بين صديقين حميمين فرقتهما بعد 11 عاماً «كرسي بعبدا». ووفق هذه المصادر فإن فرنجية لم يقصر في علاقته مع عون ولم يكن يفكر الا بمصلحة فريق 8 آذار السياسية وبكون عون المرشح الاول لهذا الخط السياسي، كما سار لفترة طويلة معه في تكتل التغيير والاصلاح ولم يوفر اية فرصة لفتح الخطوط بين عون والقيادة السورية وخصوصاً بعد عودة عون من منفى باريس في العام 2005.
لا خصومة شخصية بين الرئيس عون والوزير فرنجية ولا دماء على كفيهما ولا دين لاحدهما في «رقبة» الآخر ولا احد ينتظر من الآخر تسديد الحساب الشخصي. وعليه فإن الازمة بين الطرفين هي في كونهما قطبين مارونيين ويطمح كل منهما الى ان يكون سيد بعبدا. وتضيف المصادر ان فرنجية لم يطرح نفسه مرشحاً للرئاسة يوماً لكنه كان يقول ان في حال ضعفت حظوظ عون فلا مانع من تجربة حظي. وهكذا كان بعد ترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري وباقي القوى السياسية الاخرى كالنائب وليد جنبلاط وبعض قوى 14 آذار المسيحية «نكاية» بعون. فعندما شعر فرنجية بصعوبة فرص عون قبل الترشيح ولكن مع ارتفاع حظوظ عون لم ينزل الى البرلمان ولم يكمل النصاب.
لقاء بعبدا الاسبوع الماضي كان مناسبة جيدة لطي صفحة الخلاف بين عون وفرنجية بعد طوي صفحة الرئاسة رغم ان اللقاء اعطي الطابع البروتوكولي. وتؤكد المصادر ان قصر بعبدا لم يشهد اي خلوة شخصية بين عون وفرنجية لابقاء هذا اللقاء بعد اكثر من عام ونصف من التشنج، في خانة البروتوكول ولترطيب الاجواء وكسر الجليد وتهدئة النفوس والخواطر.
ففرنجية جاء الى بعبدا بعد دعوته كرئيس لحزب عريق وكقطب ماروني اساسي ورئيسي ويمتلك اليوم حيثية شعبية مسيحية لا يستهان بها ووطنية على امتداد لبنان. فحضوره السياسي والشعبي والانمائي في شمال لبنان وخصوصا زغرتا لا يمكن تجاوزه لا في الانتخابات الرئاسية المقبلة فهو المرشح الاول والناخب الاول كما هو سيكون «حجر الزاوية» في اية تحالفات انتخابية ستحصل وفق القانون الجديد الذي يفترض ان يتحالف الاقوياء مع المستقلين وان يتحالف «الاضداد» والخصوم كي يضمنوا وصول لوائحهم كاملة وبلا صعوبات او حسابات معقدة عند اللجوء الى الصوت التفضيلي.
في لقاء بعبدا ايضاً كُرس فرنجية مرة جديدة وعلى «رؤوس الاشهاد» انه رقم لبناني وماروني ومسيحي ووطني صعب وحضر كرئيس حزب وممثل في الحكومة وهو نائب ورئيس كتلة واتى بدعوة رسمية وبروتوكولية من دائرة المراسم في القصر الجمهوري. ولم يحضر بصفة شخصية للقاء الرئيس رغم ان فرنجية يكرر دائماً في مجالسه ان مرجعية بعبدا السياسية ومرجعية بكركي الدينية خطان احمران لديه ولا يمكن للحظة الا ان يحترمهما ويقدرهما ويسير كماروني ومسيحي تحت جناحيهما بما يمثلان من رمزية.