الحذر واجب.. إلى أن يصبح الاتفاق ملزمًا
«حزب الله» والنووي: تأييد مع وقف التنفيذ!
صمتُ «حزب الله» حيال الاتفاق النووي، كان مسموعا اكثر من الزجل السياسي في لبنان بعد الاعلان عن هذا الاتفاق.
ولان علاقة القربى جذرية وعميقة بين الحزب وايران، فاجأ صمته الكثيرين، سأل بعضهم: لماذا لم يبادر الحزب الى مقاربة موضوع يعنيه حتى العظم، وقد يكون أول من يتأثر به، او بالاحرى احد ابرز المنتصرين، خاصة ان ما سيتأتى على الايرانيين سيتأتى عليه بالدرجة الاولى، سواء بشكل مباشر او غير مباشر؟
وسألوا ايضا: طالما ان ما بعد الاتفاق بحبوحة سياسية ومالية واقتصادية، والمليارات التي سيفرج عنها العالم، ستنهمر على ايران من كل حدب وصوب، ولن يكون بعضها بعيدا عن متناول «حزب الله»، فلماذا يصمت الحزب؟ هل لانه يرفض الاتفاق او يتحفظ عليه، ام هو تعبيرعن استياء من امر ما؟
ابعد من ذلك، لماذا يستمر الحزب في صمته في وقت تصدر الدول الكبرى اشارات يومية عن تمسكها بالاتفاق وجديتها في وضعه موضع التنفيذ؟
هذا الصمت، وكما يقول عارفون، سيطول ابعد من المدى المنظور. وفي زحمة المواقف المتتالية، رست سفينة «حزب الله» بعيدا عن جوقة الزجّالين، المستعجلين منهم او المسايرين او المجاملين او المغتبطين او المغتاظين او الخائفين أو القلقين أو المربكين… او الذين ضربتهم اشعاعات النووي، فبدأوا يفكرون في بلع مواقفهم وسياساتهم، وفي رسم خرائط طرق لكيفية خطب ود ايران و «الحزب النووي»!
«حزب الله»، وبحسب توقيته، سيقول ما يجب ان يقال بلا اية سواتر او قفازات. خاصة ان «الصورة النووية» شديدة الوضوح بالنسبة اليه، ولطالما عكسها السيد حسن نصرالله، بمعزل عن الاتفاق، بقوله في أكثر من مناسبة: «العالم بحاجة الى ايران، ويسرع نحوها لمد الجسور معها، والجمهورية الاسلامية ستخرج منتصرة، وستبقى قويّة».
لا يعني صمت «حزب الله»، انه يغرّد خارج السرب النووي، وانه ليس مرتاحا للاتفاق، بل يبدو انه قرر الا ينبهر بهذا الاتفاق، او يبني آمالا كبيرة، او يفرط في التفاؤل او في رسم صور زهرية لمرحلة ما بعد الاتفاق، فالموضوعية توجب مقاربة هذا الاتفاق حاليا، وفق قاعدة ما قلّ ودلّ: «تأييد.. ولكن مع وقف التنفيذ»!
وربطا بتلك القاعدة، ثمة مسلمات نووية يلتزم بها «حزب الله»، هي:
الاولى، الاستخدام السلمي النووي حق ايراني مشروع، ومن البديهي هنا ان يكون الاتفاق محل ترحيب وتأييد من قبل «حزب الله»، خاصة ان الحزب لا يريد فقط لايران ان تحصّل مكسبا نوويا كبيرا، بل يريد ايضا ان تحصّل ما هو اهم، أي رفع العقوبات وانهاء العزلة الدولية وفك الحصار الاقتصادي عن الشعب الايراني.
الثانية، ما حققته ايران من هذا الاتفاق انتصار تاريخي كبير، خلاصته ان العالم اقر بها دولة عظمى اقليميا، لها حضورها ووجودها ودورها في كل ملفات المنطقة. و «حزب الله» يدرك حجم ما تحقق لايران اكثر من اي طرف آخر.
الثالثة، عدم اصدار موقف رسمي يعلن فيه «حزب الله» الترحيب المطلوب بالاتفاق، يرده مطلعون، الى ما يلي:
– الحزب ليس مستعجلا، ولا شيء يلزمه بالاستعجال. والاتفاق، على اهميته، لم يتحول بعد الى اتفاق كامل المواصفات ومعمول به وملزم لاطرافه، بل ما زالت هناك ثلاثة اشهر للاتفاق النووي بصورته النهائية، وبالتالي لا بد من رصد المسارات التي سيسلكها وصولا الى صدق الالتزام به، لا سيما من قبل الدول التي عودت العالم على الغدر والتآمر وعدم الثقة بها.
– ما زال هناك توجس وحذر وريبة لدى ارفع المستويات في القيادة الايرانية من الاتفاق، وهذا بدوره يكوّن توجسا وحذرا وريبة لدى»حزب الله» ايضا؛ فحتى اليوم، لم تخلُ خطبة او موقف لمرشد الجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي من تحفظ او حذر من الاتفاق، فتارة يقول إنه لا يمكن الوثوق بأميركا وإنها ستبقى العدو وإنه لن يتم التفاوض معها حول اي من ملفات المنطقة وإن ايران لن تتخلى عن اصدقائها وحلفائها في المنطقة، وتارة اخرى يدعو الايرانيين الى الاستعداد لمواجهتها ومواجهة المؤامرات التي ستتواصل على ايران، وتارة ثالثة يدعو المفاوض الايراني الى الانتباه بدقة وعناية الى ادق التفاصيل عند توقيع الاتفاق.
– عدم اصدار موقف رسمي حتى اليوم لا يمنع، في مناسبات مقبلة، ان تصدر اشادات من قبل بعض المستويات الحزبية بجهد المفاوض الايراني وبصبر ايران على الضغوط طيلة سنوات التفاوض، وبالانتصار النووي بشكل اجمالي، ولكن من دون الدخول في التفاصيل.