Site icon IMLebanon

«حزب الله» والتسوية

«الوصول إلى تسوية في موضوع القانون الانتخابي»، كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يبعث على التفاؤل في التوصل إلى قانون انتخاب يخرج لبنان من دوّامة الصراع والتهويل بالفراغ لتمرير التمديد، مع إقرارنا بأننا مع اللجوء إلى انتخاب على قانون الستين بعد تأجيل تقني، أو التمديد لمدّة عام مع تحديد مهلة تجبر الجميع على التوصل إلى قانون انتخاب، ولكنّ التجربة مع «الثنائيّ الشيعيّة» ليست مدعاة تفاؤل على الإطلاق وإن كلام نصرالله «تركونا نحنا وأمل على جنب واتفقوا على قانون انتخابي» وكأنّ الثنائية الشيعيّة لم تكن هي المعطّلة لإقرار قانون إنتخابي، ولم يكن كلام نواب حزب الله خلال الأسابيع الماضية والتهديد بأن النسبيّة هي القانون الوحيد المقبول لخوض الانتخابات!

يريد اللبنانيّون أن يصدّقوا أنّ ما قاله نصرالله حقيقي وهو نوايا طيّبة إن صدقت النوايا، «لا يمكن فرض قانون انتخابي على المسيحيين أو الدروز في حال رفضهم قانوناً معيناً»، مع أنّنا طوال الأسابيع الماضية شهدنا رئيس المجلس النيابي وهو يُغرق القوانين التي تمّ اقتراحها الواحد تلو الآخر وكان ذاهباً منذ أسبوعين لعقد جلسة تمديد للمجلس النيابي لو لم يستخدم رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية بحسب المادة 59، ومع هذا فلنقدّم حسن النيّة بأن حزب الله متفهم للهواجس المسيحيّة بالرّغم من رفض الإقرار بأي قانون يترك للمسيحيين حقّ اختيار نوابهم!

التسويات في لبنان هي نهاية كلّ الأزمات، حتى عندما يتمّ اللجوء إلى الشارع والسلاح، حتى في الحروب، كلّ هذه تنتهي بالتسويات سواء منها الكبرى أم الصغرى ولكن، هل ستسمح الأيام المتبقيّة بالتوصّل إلى هكذا قانون تسوية أم أنّ كلّ هذا الكلام اللطيف الناعم هو لتمرير ما تبقّى من أيام قليلة بأقلّ ضرر ممكن قبل الوصول إلى التمديد، هذه العومة تثير الريبة أكثر ممّا تثير الارتياح، ولا يعوّل هنا على تهليل النائب وليد جنبلاط لكلام نصرالله فزمن رادارته السياسيّة انتهى والرّجل محكوم بمصالحه الشخصيّة قبل الطائفيّة حتى!

«بلدنا امانة في أيدينا جميعا، فلا يجوز أن تدفعوه إلى الهاوية. واذا كانت هناك مناورات انتهت، وكل الأوراق ظهرت، ولا يوجد شيء بعد لإخراجه، فلبنان على حافة الهاوية، وعلى الجميع تحمل المسؤولية كاملة، ورمي المسؤوليات على بعضنا البعض لا يفيد بعد خراب البيت»… لا تنخفض نبرة حزب الله وأمينه العام إلا متى كان في مأزق حقيقي، وللمناسبة الحزب في مأزق حقيقي وعلى أصحاب الشكوك في هذا المأزق ما عليهم إلا أن يراجعوا كلام «السيّد» عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وربما تجربة اللبنانيّين مع نصرالله تدفعهم إلى تصنيف كلامه بالأمس في هذه الخانة، ربما.

الأيام المقبلة ستكون كفيلة بتظهير الصورة، تحديداً موقف الرئيس نبيه بري الترجمة الحقيقيّة لنوايا الحزب المعلنة بالأمس ولنترك المثل «الميّة تكذّب الغطّاس» يصدقنا الأنباء، ومع هذا فحتّى إقرار قانون أو شبه الاتفاق على قانون سيكون لإقرار تمديد أقلّه لمدّة عام وليس أيلول كما يشاع، خصوصاً وأنّ المنطقة مقبلة على تغييرات حقيقيّة في ظل إدارة دونالد ترامب وسياسة أمّ القنابل في أفغانستان وقصف قاعدة الشعيرات في سوريا وإجلاء الرعايا من كوريا الجنوبيّة، واستبدال الصداقة مع روسيا بالانفتاح على الصين، والعقوبات التي يترقب إقرارها حزب الله وحلفاؤه في حزيران المقبل.