هناك سؤال يحيّر عدداً كبيراً من الناس ألا وهو: العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل باغتيال عدد كبير من عناصر ومسؤولين في حزب الله؟
وما يدهش العالم العربي والعالم كله أنه يكاد لا يمر يوم إلاّ وهناك عملية من خلال المسيّرات أو الطائرات الاسرائيلية التي تستهدف عدداً كبيراً من المسؤولين في «الحزب». وعلى سبيل المثال نبدأ بالرجل الثاني في «الحزب» فؤاد شكر. كذلك اغتيال القائد الكبير في حركة حماس المناضل إسماعيل هنية…
على كل حال، لا بدّ أن نوضح هذه المعلومات التي تدل على كيفية تنفيذ إسرائيل عملياتها الإجرامية ضد «الحزب» مع الأخذ بالاعتبار ان السيّد حسن نصرالله كان قد حذّر مرّات عدّة من استعمال الـmobile.
إنّ القادة وزعماء المقاومة في لبنان ملاحقون وأسماؤهم معروفة وأصواتهم معروفة أيضاً، وتحت الرصد والتنصّت من قِبَل إسرائيل وأجهزتها التي تعتمد على الأقمار الصناعية حتى وإن لم يستعملوا هواتفهم الذكية.
فكيف تنجح إسرائيل في ملاحقة قادة حزب الله والجماعة الاسلامية وتحديد أماكنهم رغم الإجراءات الأمنية التي يتخذها هؤلاء؟ يتمثل ذلك بملاحقة هؤلاء لأصوات هؤلاء العناصر ووجوههم، وحتى بعض المصطلحات الحربية التي تستخدم في المكالمات. وللتوضيح أكثر، قالت المصادر إنّ لدى أجهزة إسرائيل ملفات خاصة تحتوي على معلومات تفصيلية عن عدد كبير من القادة والعناصر المرتبطة بحركات المقاومة في لبنان وهي تتعلق بتحركاتهم وصوَر وجوههم وحتى أصواتهم.
مصادر متخصصة بالأمن السيبراني أكدت أن شبكة الاتصالات في لبنان مخترقة بالكامل، وإسرائيل لديها معلومات كثيرة عن هؤلاء حتى ما قبل الحرب، وأشارت الى أن العدو يعتمد في تجسّسه على أكثر من وسيلة منها للتجسّس وتحديد الأهداف كالميزان الحراري الذي يعتمده في مراقبة السيارات لمعرفة ما إذا كانت هذه السيارات تحتوي على عناصر وأسلحة، ويعتبر ان السيارة الخالية من الهواتف يوجد فيها عناصر من حزب الله سيقوم بقصفها.
الوسيلة الأخرى تتم عبر مراقبة من خلال طائرات أميركية وبريطانية وألمانية تنطلق من قبرص وتحلّق فوق الساحل اللبناني، وهذه الطائرات تحتوي على أدوات اتصال تمر من خلالها جميع الاتصالات في لبنان وتعمل على غربلة هذه المصطلحات المستخدمة في الاتصال.
إسرائيل تعتمد من جهة ثالثة على تقنية استخبارات الدعاية في الهاتف في حال استخدم أحد مصطلحات تتعلق بالعمل المقاوم يتم ملاحقتها بشكل دقيق للوصول الى تحديد مكان الهدف.
ولكن كيف يمكن تجنّب الاغتيالات وعدم الوقوع في فخ هذه المراقبات؟ الحلّ الوحيد هو في عدم الكلام عن المقاومة في مكان قريب من الأجهزة الذكية، مقفلة أو مفتوحة، الأفضل استعمال الأجهزة القديمة وتغطية الرأس بالكامل وتجنّب الكلام عن أي قيادي أو مقاوم أو شخص معروف منعاً لملاحقته.
إغتيالات نفذتها إسرائيل
نفذت إسرائيل عمليات اغتيال لشخصيات كثيرة في العديد من دول العالم مثل إيران وألمانيا وتونس ولبنان وغيرها.
فكيف تغتال إسرائيل خصومها في الخارج؟ سواء كانوا من حزب الله أو المقاومة الفلسطينية. الشعب الفلسطيني يفضّل الموت واقفاً على أن يخسر قضيته. وهذه لائحة بالاغتيالات التي أقدمت عليها إسرائيل:
1- غسان كنفاني كاتب وأديب فلسطيني، اغتالته إسرائيل في 8 تموز/ يوليو عام 1972 في بيروت.
2- فتحي الشقاقي مؤسّس حركة الجهاد الاسلامي، اغتيل في 25 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1995 برصاصتين في رأسه.
3- فادي البطش عالم أكاديمي ومتخصّص كيمياء هندسة كهربائية، اغتاله مسلحان على دراجة نارية أثناء توجهه الى صلاة الفجر في كوالالمبور في 21 نيسان/ ابريل 2018.
وقد اغتالت إسرائيل علماء وشخصيات علمية وسياسية منذ الحرب العالمية أكثر من أي دولة أخرى بحسب رونين بيركمان في كتابه: «قم واقتل حالا».
تنفذ إسرائيل اغتيالاتها في الداخل بجهاز «الشاباك». أما خارجياً فبجهاز «الموساد» الذي تأسّس عام 1949، وبدأ بتنفيذ مهماته السرّية عام 1951 في 8 شباط.
أقوى أجهزة المخابرات في العالم يموّل من مكتب رئيس الوزراء. يقدّم إغراءات مادية وتنفيذ عمليات ديبلوماسية وأمنية.
كان لـ «الموساد» دور مهم في بناء وتكوين سياسة دولة إسرائيل وتقييم الموقف السياسي والاقتصادي للدولة العبرية… ويفعّل الجهاز وتنفيذ عمليات عسكرية وأمنية وديبلوماسية لحماية المصالح الاسرائيلية وإحباط أهداف قد تهدّد إسرائيل.
يفعّل الجهاز جناح الاغتيالات كلما دعت الحاجة الى ذلك. ولا تغتال أشخاصاً عاديين ولو كانت لهم عداوات شخصية، وتتحرّك بأنماط خاصة… وتستعمل في ذلك وسائل عدّة للاغتيالات مثل الطرود المفخخة والمسدسات الكاتمة للصوت، بالاضافة الى القنص واستعمال السم والطائرات المسيّرة وصولاً الى القصف الجوّي بقنابل ضخمة. وعادة لا تعترف بأعمالها في الخارج لكنها تؤيّد هذا العمل، تماماً كما حدث مع القيادي في حركة فتح علي حسن سلامة في بيروت عام 1973.. محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن عام 1997.. وإسرائيل بهذه الاغتيالات تنتهك القانون الدولي بانتهاك سيادة الدولة، لكنها لا تعبأ بذلك بل تحاول وضع جميع خصومها تحت ضغط التهديد بالقتل.