Site icon IMLebanon

«حزب الله» بين الإختبار والإختيار

في وقت لا تبدو الجلسة الرئاسية المقبلة مختلفة عن سابقاتها، تتجمّع معطيات كثيرة لتعقّد المشهد الرئاسي، ما يُرجّح بقاء الوضع على ما هو عليه، في انتظار قرار «حزب الله» بـ«الافراج» عن انتخاب رئيس للجمهورية.

لا يُخالف «حزب الله» التوقعات بإمكان حصول هذا الإفراج، فالموقف الأخير الذي أطلقه نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، والذي دعا الى اختبار الحزب عبر اختيار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيساً، يعكس استمراراً لسياسة الحزب الرئاسية التي تقف خلف ترشيح عون، وهي تعرف أنّ انتخابه لا يمكن أن يمرّ إلّا إذا سحب الحزب ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وأقنع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بإنتخابه، وكلا الامرين في المتناول، لكنّ الحزب لا يخطو أيّ خطوة اضافية تاركاً عون في موقع الانتظار.

في المقابل، يبدو عون المنتظر، في موقع المستعد لتحمّل مزيد من الوقت، وهو مقتنع بأنّ الحزب ليس لديه أيّ خيار آخر، خصوصاً بعدما تعهَّد علناً بالبقاء خلف ترشيحه ما دام مرشحاً، لكن ما يقلقه أنّ هذا الانتظار يجري على إيقاع تطورات متسارعة في سوريا والمنطقة قد لا تصب في مصلحته، خصوصاً إذا ما رسا التفاهم الاميركي – الروسي على البدء الفعلي في المرحلة الانتقالية في سوريا التي ستطرح مصير الرئيس بشار الاسد على بساط البحث.

ما يخبّئه الانتظار من مفاجآت، يرتبط بدرس الموقف المستجد بعد وضع «حزب الله» على لائحة الارهاب في الجامعة العربية، وقريباً في الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً في الولايات المتحدة التي يستعدّ الكونغرس الاميركي لوضع قانون محاسبة «حزب الله» موضع التنفيذ في أواخر نيسان المقبل.

هذا القانون سيؤدّي عملياً الى تشديد الرقابة على القطاع المصرفي اللبناني لحظر التعامل مع أيٍّ من المنتمين إلى الحزب، سواءٌ كانوا أشخاصاً عاديّين، أو كوادر أو مسؤولين، أو مؤسّسات تابعة للحزب بنحو مباشر أو غير مباشر.

هذا يعني الضغط على القطاع المصرفي لتنفيذ سياسة الحظر، ما سيُضطر المصارف الى الالتزام تحت طائلة التعرّض لعقوبات قاسية، وقد سمع الوفد النيابي الذي زار واشنطن من مسؤولين أميركيين تشديداً على التزام مصرف لبنان والمصارف اللبنانية هذه الإجراءات، وقال هؤلاء للوفد إنّ طبيعة هذه الاجراءات والتعامل معها سيكون مختلفاً، بحيث لا يمكن الالتفاف على تطبيقها وبالتالي ستتحمل السلطة اللبنانية مسؤولية تنفيذها.

وأشار هؤلاء الى أنّ مسؤولية الحكومة اللبنانية بتنفيذ هذه الاجراءات لا تتحمّل التهرّب أو الالتباس، وذلك خلافاً للقرارات الدولية في شأن سلاح الحزب التي تعهّد مسؤولون لبنانيون بأن تناقش على طاولة الحوار الداخلي، ليتبيّن أنّ هذا النقاش كان مجرّد مخرج لعدم تطبيق هذه القرارات.

في انتظار البدء بتطبيق هذا القانون، استبقَ «حزب الله» ما سيحصل بكلام لأمينه العام السيد حسن نصرالله، حمل في بواطنه تحذير القطاع المصرفي من الالتزام بهذا القانون، كما أنه أرسل وفداً، للقاء بعض رموز القطاع المصرفي، محذّراً من التجاوب مع المطالب الأميركية.

ويبقى السؤال: ماذا سيترتب عن قانون محاسبة «حزب الله»، على الصعيد المالي؟ وهل يتحمّل القطاع المصرفي مواجهة القرارات الاميركية؟ والسؤال الآخر في هذا السياق: كيف سيكون التعامل الداخلي مع الحزب بعدما أصبح موضوعاً على لوائح الارهاب العربية والدولية؟ وهل يمكن تصوّر طريقة تأليف أيّ حكومة جديدة بمشاركة الحزب، في حال انتخب رئيس جديد للجمهورية؟

الجواب على هذا السؤال ربما يفسّر تعطيل انتخاب الرئيس والابقاء على هذه الحكومة، وإدخال لبنان في مرحلة الانتظار الطويل ريثما يتضح المشهد العام في المنطقة.