لم يتمكن حزب الله بعد من تليين موقف التيار الوطني الحر من دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية رغم كل المحاولات التي يقوم بها الحزب عبر مسؤوليه وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصر الله، وهذا الأمر سيطرح تساؤلات مهمة عن موقف الحزب من رفض التيار بحال تمكن فرنجية من تسويق ترشيحه خارجياً وداخلياً بعيدا عن التيار، فهل يسير الحزب بتسوية رئاسية لا يكون الوطني جزءاً منها؟
حتى الساعة، لا يزال حزب الله ينظر إلى هذا الموضوع على أساس أنه من المستحيلات بالسياسة، لا سيما أنه سيكون له تداعيات على علاقاته مع «التيار الوطني الحر»، بينما هو، بحسب ما أكد مسار الإنتخابات النيابية الماضية، من أكثر الحريصين على هذه العلاقة، حيث بادر إلى تحصين واقع التيار النيابي في ظل الهجمة الكبيرة التي كان يتعرض لها على كافة المستويات.
في المقابل، لا يزال يراهن الحزب على إمكانية أن ينجح في إقناع رئيس التيار النائب جبران باسيل بالسير برئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، على أساس أن في ذلك مصلحة إستراتيجية لا ينبغي المغامرة بها، والرهان هو على عامل الوقت القادر على قلب المعطيات الراهنة.
في ظل هذه الأجواء، تطرح في بعض الأوساط إمكانية أن تتوفر ظروف مناسبة لإنتخاب فرنجية، بعيداً عن تأييد باسيل، الأمر الذي لا يزال مستبعداً حتى الآن، الواقع الذي من المفترض أن يطرح نفسه بقوة حول الخيارات التي من الممكن أن يذهب إليها الحزب أو التيار، في المقابل لا ينبغي تجاهل تقدم فرص إنتخاب أحد المرشحين الآخرين، ما قد يمثل معضلة حقيقية لـ»حزب الله»، الذي لا يفضل أن يكون في هذا الموقع، طالما أن فرص إنتخاب أحد حلفائه الأساسيين متوفرة.
بحسب مصادر سياسية مطلعة فإن حزب الله ببداية الاستحقاق الرئاسي لم يكن بوارد السير بأي تسوية خارج تأييد التيار، لكنه بنفس الوقت لم يكن يتوقع أن يلقى هذا الرفض المطلق من قبل باسيل لفرنجية، وتُشير المصادر الى أن باسيل يبلغ كل من يلتقيهم بأن موقفه من ترشيح فرنجية نهائي ولا رجوع عنه، وبالتالي لن تصل مساعي حزب الله بهذا السياق الى أي مكان، ويعلم باسيل أن من يبلغهم بهذه الرسائل سيضمنون وصولها لمن يجب أن تصل اليهم، وهو ما يجعل الحزب يراجع حساباته، فإذا تمكن من تسويق ترشيح فرنجية دون رضى التيار، فهو بحسب المصادر سيجد نفسه أمام امتحان حقيقي لتفاهم مار مخايل.
تكشف المصادر عن وجود حلّ وسطيّ لهذه المعضلة يتمثل بتصويت بعض أعضاء تكتل لبنان القوي لمصلحة فرنجية، وامتناع آخرين على رأسهم باسيل وصقور التيار عن التصويت له، لكن هذا الحل بحال كان سيحصل لا بد له أن يكون مترافقاً مع ضمانات سياسية يقدمها حزب الله للتيار الوطني الحر، على المدى القريب، أي خلال ولاية الرئيس المقبل، وعلى المدى البعيد أي بعد انتهاء الولاية الرئاسية، حيث لا يخفي باسيل على أحد طموحه بأن يكون رئيس الجمهورية في العهد المقبل.