الملف الإنساني للنزوح السوري قيد النقاش
«حزب الله» يتواصل مع الأوروبيين ولا يفتح على الأميركيين
لا يمر أسبوع من دون أن يعقد لقاء بين سفير أو ديبلوماسي أجنبي وبالتحديد أوروبي وبين أحد قياديي «حزب الله»، وهذه اللقاءات تتزايد في الآونة الأخيرة، وكان أبرزها اللقاء الذي جمع الشهر الماضي نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ، التي يتردّد اسمها بوصفها أحد المرشحين المحتملين لقيادة مهمة الأمم المتحدة في سوريا، إذا استقال المبعوث الحالي ستيفان دي ميستورا من منصبه الحالي.
ولم يكن غريباً على من اجتمعوا في قصر الصنوبر قبل أيام قليلة في حفل تكريم وزير الثقافة روني عريجي وتقليده أرفع وسام فرنسي، بحضور وزيرة الثقافة الفرنسية، أن يكون في مقدمة الحاضرين بينهم وزير الصناعة حسين الحاج حسن.
وبرغم التباينات في الموقف، يواصل «حزب الله» سياسة الانفتاح على الأوروبيين، ويقول أحد المتابعين للملف «نحن لم نقطع حوارنا مع أحد في العالم باستثناء الولايات المتحدة، لأننا غير حاضرين لأي نوع من أنواع الحوار أو اللقاء معهم. هم طلبوا عبر قنوات مختلفة ولم نستجب، لأننا نعتبر أن اللقاء معهم بلا جدوى، لا بل هم مَن يستفيد من اللقاء، بينما نحن نتأذّى، لأنهم في سياساتهم ومفاوضاتهم وخياراتهم معتادون على نمط الاستعلاء ويتكلمون بلغة المتكبّر ولن نعطيَهم هذا الشرف، فموقفهم واضح وكذلك موقفنا واضح. لا نحن سنتنازل ولا هم سيتنازلون سواء أكان اسم رئيسهم باراك أوباما أم دونالد ترامب».
أما بالنسبة للأوروبيين، يقول المتابع نفسه، «فهم يطلبون التعاون في الملف الإنساني للنازحين السوريين، ونحن متعاونون معهم بالكامل، وكل مواقفنا منذ البداية مواقف إيجابية في هذا السياق، وعندما وجّهنا السؤال اليهم لماذا لا تسعون للتخفيف من أزمة النازحين وتأخذون برأي الحكومة اللبنانية التي تقول لكم تعالوا نسهل عودة النازحين الى المناطق التي أصبحت آمنة ومستقرة وطبيعية في سوريا، فمن ناحية، هم يعودون إلى حياتهم وديارهم، ومن ناحية ثانية، يتمّ تخفيف هذا الحمل عن لبنان. وهذا شرطه الأول أن تتحاور الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، فكان الجواب أن رأي الاتحاد الأوروبي أنه لا عودة للنازحين إلا بعد انتهاء الازمة السورية، وقلنا لهم فلنصارحكم على صراحتكم، هذا يعني أنه يوجد قرار سياسي أوروبي – أميركي باستمرار الأزمة السورية واستمرار التداعيات المصاحبة لها».
وبما أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي رهينتا الإرادة الأميركية، فإن «حزب الله» يدرك أن إدارة أوباما كانت حاسمة منذ أشهر بعدم الانخراط في أي مسار سياسي جدي في مفاوضات سوريا، الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وبالتالي، علينا بعد فوز دونالد ترامب أن ننتظر تسلّم الرئيس الجديد مهامه في كانون الثاني المقبل، ومن ثم مرور مئة يوم حتى تكتمل معالم الإدارة الجديدة وتصوراتها الخارجية، أي من الآن حتى الربيع المقبل، لن يكون هناك أي تطور سياسي على صعيد الأزمة السورية، بل سيكون الكلام للميادين، وعندما يتسلم فريق ترامب، علينا أن نترقب ماهية المشروع الذي سيطرحه لحل الأزمة السورية، هل يريدون إطالة أمد الحرب أو إطلاق مبادرات وخطوات سياسية تخفف من أمدها؟ في ضوء ذلك، يمكن معرفة الاتجاه إلى أين، لكن اذا اعتمدت إدارة ترامب عقلية الإدارة الأوبامية، أي أنهم يريدون حلاً ليس فيه أي مكان للرئيس بشار الأسد على الأقل في المرحلة الدائمة إذا لم يكن في المرحلة المؤقتة، وهذا لن يكون متاحاً لهم. هذا يعني أنهم سيواصلون الضغط للمراهنة على ضعف الأسد او على حل آخر. المؤسف أنهم يعرفون أن الخيار الذي سلكوه لم ينجح معهم منذ خمس سنوات ونصف السنة. لقد دعموا المسلحين الإرهابيين وكذبوا بموضوع وقف النار أكثر من مرة فقط لإعطائهم فسحة لإعادة تنظيم صفوفهم؛ ومع ذلك قرارنا حاسم: حلب ستسقط».
هذا الكلام الذي سمعه الاوروبيون أتبعه «حزب الله» بكلام واضح، مفاده «أن مَن فتح المعركة في سوريا، كان يراهن حسب معطياته على أن النظام سيسقط خلال ثلاثة اشهر، لكنه فوجئ أن قراءته خاطئة، ومع تغير المعادلة بعد قرابة ست سنوات لا يريدون الإقرار بالخطأ لأنهم لو فعلوا ذلك، لكان مطلوباً منهم أن يعدّلوا في سياستهم، ونحن نعرف أن المصلحة الأميركية متناغمة مع مصلحة الإسرائيليين بإطالة أمد الحرب، لذلك المراهنة على موقف أميركي مختلف ما زال سابقاً لأوانه».