لم يعد الحديث عن قانون الانتخاب الجديد ترفاً او مجرد «كليشيهات» اعلامية او استعراض سياسي او شد عصب جماهيري، بل دخلنا في مرحلة «جد الجد» وعض الاصابع، و«حرب الوجود» السياسي نكون او لا نكون. هكذا يلخص مسؤول كبير في 8 آذار المشهد العام في البلد على مسافة اسبوعين من مهلة دعوة الهيئات الناخبة.
من ناحيتها قوى 8 آذار بمكوناتها كافة واحزابها الـ33 بمختلف تلاوينها الطائفية والقومية والاسلامية والعلمانية واليسارية، ترى في النسبية الكاملة ولبنان دائرة واحدة القانون المثالي والمنشود لها. ولانها تعرف ان لبنان «الطائفي» ليس جاهزاً لالغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص فإنها قد «ترضى» بتقسيم لبنان الى محافظات خمس تراعي «عدم اختمار» البعد الوطني الانتخابي في ذهن الناخب اللبناني.
ولدعم النسبية الكاملة والتأكيد على ان جبهة 8 آذار «لا تمزح» بقانون الانتخاب ولن تساوم على بعدها الوطني وتحرص على تمثيل شرائحها كافة السياسية والشعبية وضمان اوسع مروحة اختيار للناخب، تعقد قوى 8 آذار المؤتمر الموسع الاول في قصر الاونيسكو الرابعة من بعد ظهر اليوم (الخميس) تحت عنوان «المؤتمر الوطني الموسع من اجل النسبية»، «مشاركتكم ترفع الصوت اعلى ودعما لقانون انتخاب وطني على اساس النسبية الكاملة».
فبالاضافة الى حضور اكثر من 50 شخصية حزبية وقيادية لاحزاب 8 آذار وعلى رأسهم ممثلو حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر والحزب القومي، يحضر ايضا اكثر من 50 نقابية وهيئات بلدية واهلية وشبابية ونسائية، كما تشارك هيئة التنسيق من اجل دعم النسبية وجمعيات حقوقية ومدنية وفاعليات في المجتمع المدني. ويحاضر في المؤتمر شخصيات حقوقية واختصاصية في قوانين الانتخاب وتتضمن الكلمات شرحاً للنسبية وتقسيماتها وفوائدها الوطنية ويتحدث من جملة المتحدثين كل من الوزيرين السابقين عصام نعمان وجورج قرم والنائب السابق نجاح واكيم.
من جهة ثانية حضرت النسبية والقانون الاكثري في الاجتماع الرباعي الذي عقد بعد ظهر امس في قصر بعبدا وضم وزير المال علي حسن خليل، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري. ويندرج الاجتماع في اطار اللقاءات والاتصالات حول قانون الانتخاب وعلم ان المجتمعين تدارسوا طرح باسيل ـ فياض القائم على النظام المختلط القائم على نظام التأهيل على مستوى القضاء وفق النظام الاكثري. وعلى النسبية على مستوى المحافظة وفق النسبية ويدور الجدال حول نسبة كلهما بمعنى ايهما يغطى على الاخر. اي ارجحية نسبة النظام الاكثري او النسبي فهو اقتراح لم يجرب في مكان في العالم على حد تعبير احد المتابعين.
وقبل اجتماع بعبدا بقليل كان مقر كتلة الوفاء للمقاومة يشهد لقاءً بين وفد من اللقاء الديموقراطي برئاسة النائب اكرم شهيب حيث عرض الوفد الاشتراكي هواجس النائب وليد جنبلاط مع حزب الله. ونقل نواب الحزب لنواب جنبلاط ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يؤيد الحوار حول القانون وشكله ويقف على خاطر «وليد بيك» ولا يقبل بازاحته او اقصائه او تحجيمه كما لا يقبل بأن يتم تهميش اي مكون لبناني آخر. كما ابدى نواب الحزب تأييدهم لاي قانون انتخابي جديد يضمن صحة التمثيل ويغلب النسبية اكانت كاملة او جزئية رغم جنوحه نحو النسبية الكاملة والدوائر المفتوحة او الموسعة. ولكنه في الوقت نفسه لا يريد ان يخذل تطلعات جماهيره وجماهير 8 آذار بالسير في قانون سيئ او القبول تحت الضغط بالسير بقانون الستين المرفوض جملة وتفصيلا. وفي هذا السياق لا يخفي حزب الله حالة الحرج التي وضع فيها، فهو من جهة لا يريد ان يخسر جنبلاط او يكسره لان الاخير وقف الى جانب الحزب وتضامن معه في اكثر من محطة بعد الاحداث المؤسفة في ايار من العام 2008، كما لا يمكنه القفز فوق تحالفه مع التيار الوطني الحر وورقة التفاهم الشرفية والسياسية والتزامه الاخلاقي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فهو لن يقبل بخذلانه وفرملة عهده وخصوصا ان عون يعتبر ان الاصلاح الانتخابي والسياسي واقرار قانون جديد للانتخاب واجراء الانتخابات في موعدها من اولويات العهد. وتعهد بذلك في خطاب القسم وفي كل اطلالة اعلامية واخرها امس في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها في بعبدا.
في المقابل لا يمزح وليد جنبلاط كما يؤكد مطلعون على موقفه عندما يلوح بالميثاقية ومقاطعة الانتخابات اذا تم السير في قانون «يحجم الدروز ويسحقهم» ولن يكون بعد ذلك لا جزءاً من مجلس النواب ولا من الحكومة. في كل الاحوال ارتفعت الحماوة الانتخابية ومعها علت السقوف لكن الاستحقاق والكلمة الفصل لم يحن اوانهما بعد.