يبقى «حزب الله» ووزنه العسكري والعقائدي الثقيل، هو الشاغل للكيان الاسرائيلي وقياداته السياسية والعسكرية، وعنوانا للمحللين الصهاينة الذين يواكبون مسار التطورات الجارية، لناحية تعاظم قدراته العسكرية، وبخاصة الصاروخية، وحجم التهديدات التي طرحها امين عام الحزب السيد حسن نصرالله وكشفه عن قدرة المقاومة في استهداف مصالح حيوية واستراتجية اسرائيلية، ما تزال تشغل صنّاع القرار الاسرائيلي.
… فالمخاوف الاسرائيلية المتصاعدة من قدرات «حزب الله» وتناميها، وضعت الكيان الاسرائيلي في وضع افقدته التوازن، فالمشهد الذي بدا سورياليا، ما زال ماثلا امام الجمهور الصهيوني، الذي صُعق بما حملته تقارير غربية مستندة الى جهات امنية صهيونية، من ان «حزب الله» نجح في اختراق «الاجواء الاسرائيلية»، في مهمة تجسس، من خلال تسيير طائرة دون طيار حلقت بنجاح في سماء تل ابيب لمدة اربع عشرة دقيقة، مع توقعات بأن ينشر «حزب الله» تفاصيل عن «الخرق الجوي» الذي قام به سلاح الجو في «حزب الله»(!)، سيما وان الرادارات الاسرائيلية لم تتمكن من رصدها.
وجديد ما يشكله «حزب الله» من مخاطر على الاسرائيليين، ما قاله عوفر شلح عضو الكنيست عن حزب «هناك مستقبل»، خلال مؤتمر حول «القتال الجوي» نظمته مجلة «يسرائيل ديفنس» الصهيونية ..ان الوضع الحالي في الشرق الأوسط يفرض على اسرائيل السعي مستقبلا لخوض معارك قصيرة قدر الإمكان، واعتماد العمل السياسي قبل بداية المعركة، وليس بعدها، وكذلك لإدارة معارك سرية وقضائية، وأن تشغيل العامل الجوي في المعارك اليوم يتطلّب مستوى عال جدا من الربط الرقمي الكامل بين الطائرات والمقرات القيادية، فضلاً عن القدرة على إيصال السلاح المناسب إلى الهدف بشكل فعال وسريع، وبكلفة أقلّ، بدءًا من قذيفة الـ 5 كلم الصاروخية وإنتهاء بقنبلة تزن نصف طن.
ويجدد شلح وضع إيران في المرتبة الاولى كعدو استراتيجي لاسرائيل، لكنه يقول ان العدو الاساسي الذي نبني القوة لمواجهته، بما فيها سلاح الجو، هو «حزب الله» وحركة «حماس»، اللذان يدمجان بين العمل كتنظيمات «إرهابية» وبين بناء قوة عسكرية، متطرقا الى مدى قدرة اسرائيل في شن هجوم بري على لبنان في المستقبل، ويسأل: هل المجتمع الإسرائيلي قادر على تحمّل معركة طويلة وسقوط عدد كبير من الإصابات؟ ويقول: هذا اختبار جوهري لأنفسنا، أن اسرائيل تحتاج إلى معارك قصيرة، تعتمد على قوة عسكرية وغير عسكرية، وتقديم العمل السياسي لبدء القتال، وتشغيل قوات احتياط من اللحظة الأولى وتشغيل سلاح الجو.
… ولأن ايران ما تزال هي العدو رقم واحد لاسرائيل وللسعودية أيضا، يطمح رئيس قسم الأمن السياسي في وزارة الحرب الاسرائيلية عاموس جلعاد، بالوصول الى علاقات استراتيجية بين إسرائيل والدول العربية المجاورة التي تعتبر «معتدلة»، ويقول هناك قناعة في الدول السنية الجارة بان اسرائيل هي كيان أمني، يستحق منظومة علاقات معه، فيما يعتبر عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية نفتالي بينيت… في لبنان «حزب الله» مستمر بالتسلح والاستعداد للحرب المقبلة مع إسرائيل، من منظمة تمتلك فقط عدة الاف من الصواريخ اغلبها غير دقيقة تحولت إلى منظمة لديها اليوم اكبر تجمع للصواريخ في العالم، ذات دقة عالية، والاخطر ما يقوله رئيس اركان سلاح الجو الاسرائيلي طال كالمان، من ان هناك خطرا من تآكل تفوق إسرائيل العسكري، لصالح «حزب الله»، وتحديدا سلاح الجو، لافتا إلى وجود مصانع إيرانية ضخمة للسلاح الذي ترسله الى منظمات في المنطقة لمحاربة اسرائيل، فتدفق الاسلحة في المنطقة قد يسهم في تغيير ميزان القوى بصورة لا تصب في صالح اسرائيل، سيما وان هناك هيمنة ايرانية متزايدة.
«سيبقى التهديد الايراني معنا للسنوات العشر المقبلة، وعلى الرغم من إنسحاب روسيا الشكلي من روسيا، سيبقى نظام الدفاع الجوي الأكثر تطورا، إلى جانب قطع أخرى من المعدات العسكرية الروسية في سوريا»، برأي كالمان الذي يقول: اذا كان الإتفاق النووي نجح في تأجيل التهديد النووي لاسرائيل، فان إيران تعمل على تزويد الكثير من الموارد والأسلحة التي يتم إعطاؤها لمنظمات تعمل ضد دولة إسرائيل، وهذا التهديد سيبقى معنا للسنوات العشر القادمة على الأقل.