كلّما وقع حادث خطف أو قتل ناشط أو حزبي أو سياسي مناهض للخط الممانع في أي بقعة من لبنان الحبيب، يسارع أولياء المخطوف أو الضحية أو المُغتال وأحباؤهم وأصدقاؤهم ومناصروهم في لبنان والمهجر وعلى الـ «سوشال ميديا» إلى سوق الإتهامات جزافاً بحق «حزب الله»، خصوصاً عندما تنقضي شهور وسنوات من دون توصل الأجهزة الأمنية إلى أي خيوط وأدلة. وإن توصّلت لا سمح الله كان جزاؤها دفع الثمن غالياً كي ترتدع تماماً كما حصل مع الرائد وسام عيد في كانون الثاني 2008.
غريب كيف يقفز اسم «الحزب» إلى الواجهة سواء كان اسم المخطوف جوزف صادر أو باسكال سليمان أو كان اسم الضحية لقمان سليم أو جو بجّاني!
غريب تصدُّر «الحزب» لائحة المتهمين بالأعمال الأمنية الكبرى منذ العام 2002 يليه على رأس الليستة «الأهالي» المتخصصون في تأديب قوات الـ «يونيفيل» ويحل الإخوة السوريون في المرتبة الثالثة، وبين اتهام «الحزب» واتهام نظام الدكتور الأسد تنافس. انها أفعال واتهامات تراكمية لم تضعف رصيد «الحزب» ومكانته في أذهان مواطنيه. ينظرون إليه بإعجاب مقرون بالرهبة.
تكوّنت لدى شرائح واسعة من اللبنانيين قناعة بأن «الحزب» متهم بمعظم الجرائم التي بقيت فيها ملفات التحقيق بيد القضاة فارغة وعجزت فيها الضابطة العدلية عن استدعاء نفر أو تبليغ مساعد عنصر بوجوب المثول أمام شاويش كشاهد أو الحصول على تسجيلات كاميرا أو إحضار مشتبه به. الأمثلة كثيرة وفي المرّات القليلة التي توصل التحقيق فيها إلى قرائن حسية كانت في محاولة اغتيال النائب بطرس حرب. يومها توجهت قوة أمنية إلى منزل محمود أحمد حايك لتبليغه، لم يكن في البيت. ولقطع الطريق أمام عودتهم احالتهم زوجته إلى اللجنة الأمنية في حزب الله. وأشارت المعلومات حينها إلى أن استدعاء هذا المسؤول كان هدفه مقارنة وجهه بالرسوم التشبيهية للمشتبه فيهم، في محاولة اغتيال حرب ومقارنة بصماته وحمضه الريبي النووي بما عثر عليه في المكان. صدر قرار ظنّي بحق خبير المتفجرات مصلّح المصاعد. لاحقاً لقي المتهم مصرعه في معارك سورية.
أمّا الجرائم التي تتكشف تفاصيلها في ساعات أو أيام أو أسابيع، أيا تكن طبيعتها وتعقيداتها وخطورتها فلا يكون للحزب أي دخل فيها لا من قريب أو بعيد. لا لأن اهتمامه منصبّ على المسائل الثقافية والتربوية ومعالجة حالات التوحّد في المجتمع، بل لأنه نصّب نفسه محاسباً فوق المحاسبة يحسب الله ما خلقك إن نظرت إليه نظرة شك أو كتبت تغريدة تنال من طهرانيته وتراثه الإنساني.