فيما اللبنانيون على اعصابهم ترقبا للتطورات لحظة بلحظة، يستمر التصعيد المضبوط حتى الساعة جنوبا، على ساعة التحذيرات الدولية المنهمرة على السلطة السياسية، كما الرسائل المباشرة لحزب الله، على وقع رسائل ايرانية مشفرة للولايات المتحدة الاميركية. اما داخليا، فمحاولة برتقالية لتمرير انتخاب رئيس من خارج السياق، بعدما اطلق رئيس التيار الوطني الحر مبادرة لتصفير مشاكله مع الاطراف نتيجة الاوضاع الراهنة.
مشهد تبدو فيه المخاوف من الحرب أكثر من مؤشرات الحرب، لكن اجراءات السفارات حيال رعاياها تطرح أكثر من علامة استفهام، كذلك فإن إجراءات شركات التأمين حيال طائرات “الميدل إيست” طرحت جملة تساؤلات عن حقيقة المؤشرات، وما تملكه هذه الشركات من معطيات.
مصادر سياسية مطلعة رأت ان ما يحصل على الجبهة الجنوبية من “تذبذب” لوتيرة الاشتباكات، يعود الى امرين اساسيين:
– الاول: مرتبط ويواكب حركة الاتصالات السياسية على الرسائل غير المباشرة برسائل ميدانية.
– الثاني: ان الطرفين المعنيين على جانبي الحدود، وبعد 12 يوما من المواجهات، باتا اكثر حيطة وحذر، وبنك الاهداف انخفض الى ادنى مستوى.
واعتبرت المصادر ان حزب الله يجيد التعامل مع الوضع القائم بحكمة ووعي، وما دخول سرايا المقاومة بالامس على الخط، بما تشمله من تنوع طائفي، بعد اشتراك الجناح العسكري للجماعة الاسلامية قبلها في العمليات، الا دليل على ذلك، واصرار على كسر فكرة احتكار الحزب للقتال جنوبا، وان كان الاشراف والقيادة له.
وكشفت المصادر ان حزب الله حقق الكثير من الانجازات خلال المواجهات الاخيرة، اذ الاهم من ارساء معادلة توازن القوى وحتى الخسائر، كان في تدمير ابراج المراقبة وما تحويه من كاميرات مراقبة واجهزة تحسس وغيرها من الوسائل التقنية المتقدمة بنسبة 40%، وهو ما جعل العدو يخسر على صعيد قدرته الاستخباراتية والاستعلامية، ما سهل من عمليات الحزب.
واكدت المصادر، ان حارة حريك مرتاحة الى مجريات الاحداث حتى الساعة، وهي وان اعلنت النفير العام في صفوف المجاهدين، الا انها لم تنفذه في الواقع بنسبة كبيرة، فضلا عن انها حتى الساعة لم تضع حيز التنفيذ اي من خطط الاخلاء التي اعدتها لمراكزها، باستثناء بعض الاجراءات الخاصة بقيادات محددة، خوفا من عمليات اغتيال او استهداف في الداخل.
وطمأنت المصادر الى ان حزب الله وضع خططا لاخراج المدنيين وفقا لخطوط سير محددة باتجاه مناطق معينة وبشكل منظم، مستفيدا من تجربة حرب 2006، كما انه انجز كل الترتيبات اللوجستية اللازمة من تجهيز الجبهة الامامية، والمستلزمات من مواد طبية واغاثية واكل وشرب، وكافية لفترة طويلة.
ووفقا للمصادر فان الساعات الماضية، شهدت تكثيفا للاتصالات بين طهران وحركة حماس، بناء لطلب من الدوحة فيما خص ملفات الاسرى لديها، كما ان ايران تتولى بشكل اساسي وغير مباشر، في مساعدة الحركة على ادارة الوضع السياسي، وتقديم المشورة لها فيما خص التعامل مع المفاوضات الجارية والاتصالات الدولية والمواقف منها.
وختمت المصادر بالتأكيد ان كل الاتصالات الدولية الجارية، والمشاورات في عواصم القرار، تعطي الوضع اللبناني جنوبا اهمية توازي اهمية ما يحصل في غزة، لجهة العمل على ابقاء الامور مضبوطة وعدم السماح بانفلات الوضع، بعدما نجحت حارة حريك بربط الوضع اللبناني بالتطورات الميدانية في القطاع، ما اراح حركة حماس، وخلق ترددا لدى “تل ابيب” لجهة حسم قرارها بالدخول البري.