غالبيّة السُنة يرفضون إدخال تعديل على “لامركزية الطائف”… ولودريان “خالي الوفاض”
لولا الحوار القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والزيارة المرتقبة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، لكان الاستحقاق الرئاسي اللبناني في “خبر كان”.
فلا الخارج متحمس لحل سريع في لبنان، وسط اختلاف الآراء داخل اللجنة السداسية التي انعقدت في الدوحة، وفي ظل ما يصل الى الداخل اللبناني من اشارات خارجية، تفيد بان الحل في لبنان لم يأت موعده بعد.
والى أن ينضج الحل الخارجي وتشتد رياح التسويات الاقليمية، لا شيء في الداخل اللبناني يشير الى قرب حسم الملف الرئاسي اللبناني، فحتى الحوار الجاري بين الحزب والتيار، وعلى أهمية المواضيع المطروحة فيه على طاولة النقاش، لا يُعوَّل عليه كثيرا، وسط اجماع من مصادر الطرفين على أن الحوار بحد ذاته هو امر ايجابي، والتعامل مع المطالب التي خطّها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يتم بكل ابجابية.
وفي هذا السياق ، كشفت اوساط مطلعة على جو الحوار بين الحزب والتيار، والذي شُكّلت له لجان لبحث القضايا التي طلبها باسيل ، انه ارسل عندما طلب منه كتابة المطالب ورقة ضمنّها 3 امور: اولا اللامركزية الموسعة وثانيا الصندوق الائتماني وثالثا بناء الدولة ومشروع الحكم، وحين اقتنع بان هناك مطالب لا يمكن تحصيلها راهنا، عاد باسيل وأبلغ حزب الله منذ عدة ايام بأن البحث في موضوع الصندوق الائتماني صعب راهنا، وان هذا الامر نتيجة قناعته بأن “وقته مش اليوم”، وبالتالي غضّ النظر عن هذه النقطة كما بموضوع بناء الدولة ومشروع الحكم، انطلاقا من ان هذه المسائل يجب ان يناقشها الرئيس المقبل مع الحكومة، التي سيتم تشكيلها لينحصر النقاش راهنا بين الطرفين بموضوع اللامركزية الموسعة.
وتشير الاوساط المطلعة على جو الحوار بين باسيل وحزب الله الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتعامل ايضا بايجابية تامة مع ما يطلبه باسيل لجهة اللامركزية ، وينقل عنه بعض زواره انه يردد بانه مع اي أمر من شأنه أن يسهّل عملية الوصول الى تفاهم مع باسيل بالملف الرئاسي.
وبالعودة الى النقاش الحاصل حول اللامركزية الموسعة، تكشف المعلومات من مصادر موثوق بها أن باسيل أبلغ ايضا حزب الله بانه يسير بالمشروع الذي كان تقدم به الوزير السابق زياد بارود حول اللامركزية، لكن مع تعديلات وصفها “بالبسيطة”. مع الاشارة الى ان مشروع بارود ينص على لامركزية ادارية ومالية، لكن الشق المالي الذي يتضمنه المشروع ليس بالكبير، لكنه في الوقت نفسه يتحدث عن أن اي لامركزية تستتبع وجود لامركزية مالية حكما.
وفيما تؤكد المصادر ان “رضى حزب الله كما امل” لا يكفي لتحقيق مطلب باسيل باللامركزية الموسعة، تشير الى ان غالبية السُنّة معارضون لاي تعديل على اتفاق الطائف الذي نص بشكل واضح على اللامركزية الادارية الموسعة، من دون ذكر اي امر يتعلق باللامركزية المالية.
وفيما تؤكد مصادر مطلعة ان لا تعويل كبيرا على حوار ميرنا الشالوحي – حارة حريك، الذي اتى لينفّس الاحتقان الذي كان ساد بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي يتفق الطرفان على ان استمرار العلاقة الايجابية بينهما هي حاجة ضرورية، انطلاقا من أن حزب الله يحتاج الى حليف مسيحي قوي، والتيار لا يزال يحتاج الى حزب الله بمحطات اساسية، تماما كما حصل بموضوع حاكم مصرف لبنان عندما اعلن حزب الله موقفا واضحا، رافضا التعيين او التمديد، وأجهض ما كان يُحضّر بغياب التيار.
على اي حال، وبانتظار ما قد تسفر عنه نقاشات باسيل مع حزب الله، تتوجه الانظار الى الزيارة المرتقبة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان، والمرجحة في المنتصف الثاني من شهر ايلول . علما ان كل المعلومات تتقاطع حول ان لا جديد لدى فرنسا، كما ان امتعاض نواب كثر من “رسائل لودريان ” الخطية أجهض مهمة الموفد الفرنسي حتى قبل أن يطأ مرة جديدة الاراضي اللبنانية، ولو أن مصدرا موثوقا به اشار الى انه مهما كان شكل الحوار الذي ينوي لودريان اجراءه، سواء على طاولة واحدة او حوارات ثنائية او موسعة، فهي ستستبق الدعوة لعقد جلسة لانتخاب الرئيس. لكن السؤال يبقى : هل تنعقد الجلسة من أساسها فيما لو دعا اليها بري بعد زيارة لودريان؟ او يطير نصابها في ظل عدم وجود منافسين جديّين، وقناعة نواب كثر بان لا جدوى من جلسة لا يتنافس فيها مرشحان اقله؟
ما يعني عمليا ان لا شيء قريبا، ومهمة لودريان ستنتهي فور انتهاء زيارته المرتقبة الى بيروت، والتي لن تنتج شيئا سوى تمرير للوقت. علما ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تطرق الى الازمة اللبنانية في خطاب أمام مؤتمر سفراء فرنسا قال فيه : أشكر بشكل خاص لو دريان على المهمة التي يقوم بها في لبنان بطلب مني ومن السيدة الوزيرة منذ عدة أشهر، يجب أن نتخيل سيزيف سعيداً سيدي الوزير(المقصود هنا أن مهمة لو دريان أصعب من مهمة سيزيف، الذي تقول الأسطورة الأغريقية انه كان يدحرج صخرة كبيرة صعودًا إلى جبل، حتى تعود للتدحرج نزولاً من جديد، ثم يدحرجها مجدداً نحو الجبل ثم تسقط عليه مراراً وتكراراً وبلا نهاية. سيزيف نفسه ورغم صعوبة مهمته سيكون سعيداً لو عرف بصعوبة مهمة لو دريان. كما قصد ماكرون).
أضاف ماكرون “أن مهمة لو دريان إيجاد الطريق لحل سياسي، ويجب إيجاد هذا الحلّ على المدى القصير”، وختم : “أعتقد أنه من العناصر المفتاحية لهذا الحل السياسي في لبنان توضيح التدخلات الإقليمية في هذا البلد، ومن ضمنها تدخل إيران”.