تدخل الساحة اللبنانية من جديد في خضم التطورات التي تشهدها المنطقة على كافة الصعد بطريقة تجعل الأحداث الداخلية مجرد تفاصيل بسيطة أو «تقطيع» زمن ريثما تتكشف النتائج الإقليمية والدولية للعملية العسكرية في اليمن أو الساعات الأخيرة للمفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، وبسياق غير مباشر الأوضاع في سوريا والعراق وغيرها، ولا يكسر هذا «الروتين» السياسي الداخلي في لبنان سوى أخبار «باردة» عن الحوارات وضرورتها وتمسك الأطراف كافة بها رغم كل العواصف التي تضربها، ناهيك عن بعض «السجال المفتعل» بين أقطاب سياسية تغرّد خارج السرب بتعليقاتها، أو «مناكفات» في مجلس الوزراء- الذي يحرص الجميع الأ ينفرط عقده كي لا تنهار «اللقطة» الأخيرة لما يسمى «بالجمهورية اللبنانية»!
ولكن التساؤلات المطروحة حالياً، لأي حدّ ممكن أن يستمر ضبط النفس من قبل كل الأطراف داخل وخارج مجلس الوزراء في ظل كل الإنقسامات العامودية في المواقف اليومية والتي تأخذ سجالا علنيّا في عرض «مسرحي مضحك مبكي» يؤكد أن السيناريو وتوزيع الأدوار إنما يُستورد من الخارج، وهو لسان حال مصادر في 8 آذار، في توصيفها لكلمة تمام سلام في قمة شرم الشيخ والتي قالوا عنها بأنها أتت بضغط شديد من الحريري والمملكة العربية السعودية وهو سبب ـ تفهمنا وإستيعابنا ـ لها وتوقعّها أيضا .
وعن مناقشة أسباب «الخصام» العلني بين حزب الله والمملكة السعودية في الفترة الأخيرة، تتابع المصادر، أن المواجهة ليست وليدة هذه اللحظة فهي بدأت من عدوان 2006 والكلام حول مغامرة الحزب وقتها، واكدت المصادر انه رغم كل محاولة من قبلنا للتقرب كانت تواجه من قِبلهم .. بالرفض.
أما عن سبب التحول في لهجة حزب الله ونزعه «القفازات» الديبلوماسية التي إعتاد التعامل بها مع أخطر وأصعب الأحداث، وتحديدا كلام السيد الأخير وتحميله المملكة السعودية ووزير خارجيتها سعود الفيصل وبندر بن سلطان مسؤولية سفك دماء الأبرياء في سوريا والعراق ولبنان والآن في اليمن، يرجع للموقع الخاص الذي يتمتع به الأمين العام عند «اليمنيين» ولأنه يشعر بالألم كثيرا عندما يرى كيف يتم إستضعاف الشعب وإستغلال مظلوميته، ونحن نملك حرية الرأي والتعبير عن موقفنا من الدول والأحداث على غرار ما يفعل الآخرون تجاه حلفائنا وتحديدا إيران، التي لها حساباتها الخاصة في طريقة التعبير ولكنّا نحمل نفس الموقف بما يخصّ الموضوع اليمني، وليس كما يشاع توزيع «مواقف» لإن المضمون واحد وهو «نصرة» الشعب اليمني المظلوم وكل ما يحكى عن توجه حزب الله للقتال في اليمن غير دقيق لإن اليمنيين قد راكموا على مدى سنوات حروبهم الست خبرات مهمة تمكّنهم من رد العدوان كما أن ما يزيد على ثلثين من الجيش اليمني ما زال موحدا، وما الحديث عن تدخل «بَرّي» إنما هو «فقاعات» إعلامية و«مغامرة» خطرة.. فيما لو حصلت.
وتقول المصادر: ورغم كل لهجة السقف العالي تجاه المملكة فإنه يبقى «خصاما» سياسيا قابلا للزوال بزوال أسبابه، وخاصة اننا نعلم أنه داخل المملكة توجد تيارات مختلفة الأهواء والمزاج وليست كلها على قلب واحد وتحديدا في القضية اليمنية، حيث كُشف عن إنزعاج وغضب كبير داخل هذه الأوساط المعارضة للعمل العسكري مع علمنا بأن هذا التحالف لن يصمد طويلا، إذ كلما طالت الحرب كلما تراجعت فرص تحقيق حسم وإنتصار سعودي في اليمن.
يحرص حزب الله الا يؤثر «إشتباكه السياسي» مع المملكة العربية السعودية حول قضايا إقليمية بالتأثير على الوضع الداخلي اللبناني وتحديدا على الوضع الحكومي والحوار مع تيار المستقبل الذي برأي الحزب يتلقى صقوره بين الحين والاخر «إيعازا» بجوقة «ردح» وذلك كلما زادت فرص تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية للمحور الذي ينتمي إليه الحزب، أو قرب حدوث «تسويات» قد تكلّف المملكة وحلفائها في لبنان والمنطقة الكثير، وهو ما يجعله يتمسك «بأبجدية» الحوار . مهما إرتفع سقف الخطابات.