لم تأت الجلسة الثانية من الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» على قدر توقعات اطراف معنية في فريق 14 آذار ومن بينها جهات نيابية بيروتية، اذ رأت فيها استكمالا للمناقشات العامة التي طبعت الجلسة الافتتاحية والتي ركزت على التهدئة الداخلية وتحديدا على مستوى الاحتقان المذهبي الذي بدأ يرتدي اوجها خطيرة خلال الاشهر الماضية. وتعتبر الجهات النيابية نفسها ان ما تحقق من ايجابية على صعيد الخطاب السياسي لدى قيادات الحزب كما لدى سائر مرجعيات فريق 8 اذار وخصوصا ازاء انطلاقة الحوار مع «المستقبل» ما زال بالحجم نفسه اي لم يسجل تقدماً عملياً لجهة الملفات المطروحة على مائدة النقاش باستثناء الاتفاق المبدئي على تنفيس الاحتقان المذهبي، واضافت ان الاستثناءات التي وضعها «حزب الله» بشكل مسبق وتناولت الملفات المرتبطة بالمشاركة في القتال بسوريا والسلام وحتى «سرايا المقاومة» وهي بشكل عام ذات طابع امني قد جعلت من اي محادثات مجرد تفصيل وبالتالي ترتدي طابعا شكليا واعلاميا لجهة مجرد حصول اللقاء مع «المستقبل» وموافقة الحزب على التنسيق السياسي العام بعيدا عن اي تنسيق امني.
وبالنسبة للاستحقاق الرئاسي فقد اعتبرت الجهات النيابية في 14 آذار ان الحزب وكذلك المستقبل لم يقررا الانخراط في اي حوار يتناول هذه القضية مع العلم انه من الممكن وفي مرحلة لاحقة وتحديدا عندما تنضج الظروف الاقليمية كما الدولية المتحكمة بهذا الاستحقاق ان يتفق الطرفان على صيغة تسوية ذات طابع توافقي لملف رئاسة الجمهورية ويعملان على اقناع حلفائهما المسيحيين بها، وذلك بصرف النظر عن كل الظروف السياسية الراهنة والتي تشير الى حوار ايجابي مرتقب على الساحة المسيحية انما لن ينسحب على الملف الرئاسي.
وقالت هذه الجهات النيابية ان مشهد الجلسة السابعة عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب والذي كرر مشهد الجلسات السابقة هو مؤشر صارخ على ان الخيار المسيحي ورغم مناخات التقارب ما زال عاجزا عن الامساك بزمام المبادرة الرئاسية وعن تكوين الرأي المسيحي الجامع القادر على مواجهة الدور الاقليمي في الاستحقاق الرئاسي.
وفي سياق متصل، وجدت الجهات النيابية نفسها ان العنوان الاساسي على الساحة الداخلية ما زال مستقرا على الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» وليس على الملف الرئاسي موضحة ان الاولوية لدى عواصم القرار الاقليمية كما الدولية تقتصر على التهدئة وتبريد الساحة اللبنانية ونزع كل عوامل التفجير الامني وبالتالي الابقاء على المعادلة الراهنة مع تحصينها من خلال اتفاق سني – شيعي على التهدئة خصوصا على مستوى القيادات في المرحلة الاولى وذلك في خطوة لتخفيف حجم الضغوط الناجمة عن الصراع السوري على الواقع اللبناني السياسي كما الامني.
وكشفت ان اي تغيير نوعي لن يسجل مع عودة النشاط السياسي الداخلي بعد اجازة الاعياد الطويلة، معتبرة ان التهدئة على كل المستويات جراء الحوارات الجارية والمرتقبة ستنسحب نوعا من الارتياح على المستويات كافة ولكن لن تكون كافية للاحاطة بالازمات العديدة المتراكمة التي اضيفت اليها اخيرا ازمة اجراءات دخول النازحين الى لبنان.
وخلصت الجهات نفسها الى ان تمرير المرحلة الاقليمية الحساسة هو محور الحركة السياسية الحوارية الداخلية لان الكل يسعى وبإيحاء اقليمي بشكل خاص الى شراء الوقت ولو تطلب ذلك الوصول الى تسويات معينة قد تكون شبيهة بالتسوية الحكومية التي انتجت حكومة المصلحة الوطنية وشددت على ان المنطقة مقبلة على تطورات كبرى ولكنها ليست قريبة وتتطلب التسويات بعض الوقت ولذلك تسعى عواصم القرار مع حلفائها الداخليين الى ادارة الازمات وشراء الوقت عبر حوارات متنوعة.